الفرصة الذهبية لاكتشاف تراث القلعة

قد لا تأتى فرصة أخرى، لكن هذه المرة الفرصة ذهبية فعلا، فمشروع تطوير ميدان القلعة يعطى مصر فرصة ذهبية، هذه الفرصة هى إجراء حفائر أثرية فى ميدان القلعة بأكمله لإعادة اكتشاف الميدان الأثرى فى حقب تاريخية، خاصة فى العصر الطولونى، حيث كان القصر الطولونى فى هذا الميدان قبل أن يهدمه العباسيون لينهوا أول دولة إسلامية مستقلة فى تاريخ مصر، كما كان الميدان منذ العصر الأيوبى جزءا من القلعة وهو ما لا يدركه الكثيرون، بل جدد فى عصر الناصر محمد بن قلاوون، وتتابعت عليه الإضافات عبر العصر المملوكى، وكانت السفارات الأجنبية تستقبل به، بل صار مكانا مفضلا لعروض الخيول فى العصر المملوكى، كما كان مصلى العيدين الرسمى إلى عصر محمد على باشا، وشهد حصار المصريين للقلعة فى مناسبات مختلفة، لذا فمن المتوقع اكتشاف آلاف القطع الأثرية من الحقبة الطولونية إلى الحقبة العثمانية، فضلا عن بقايا مبانى تعيد تأريخ الميدان وتاريخ مصر، وسنصبح محظوظين لو عثرنا على أى باقيا للقصر الطولونى.
إن العديد من المؤشرات تشير إلى إمكانية ما سبق، ففى ميدان القلعة من شارع محمد على سنلاحظ صعودا واضحا ما ارتفاع منسوبه بالنسبة إلى جامع السلطان حسن، وكنت فى التسعينيات من القرن العشرين كشفت عن بقايا مبانى (صهريج) أمام مدخل السلطان حسن فى الميدان، ولكن جرى ردمه لاعتبارات عديدة أبرزها عدم استعداد قطاع الآثار الإسلامية آنذاك للحفر فى هذه المنطقة، كما أن سور الميدان الذى يرجع للعصر المملوكى ما زال باقيا خلف سنترال القلعة، وهو مؤشر يمكن الاعتماد عليه فى إجراء الحفائر، فضلا عن أن الميدان به طبقات مختلفة من الرديم كانت تظهر عند الحفر لأساسات أى مبنى جديد.
ليبقى السؤال.. هل هذه الحفائر ضرورية لمصر؟
لا شك أن إجراءها ضرورى فهى سوف تجيب عن أسئلة لا حصر لها، وستكون فرصة لاكتشاف تراث حقبة ما تبقى منها نادرا، خاصة أن العصر الطولونى كان عصرا ذهبيا لمصر، وأى قطعة يعثر عليها من هذا العصر ستكون مهمه لنا، ليس كباحثين فقط بل مهمه للتاريخ الوطنى وبالتالى لكل المصريين.
ومن المهم أن يعرف القائمون على مشروع تطوير ميدان القلعة، أن هذه الحفائر ستعطى ميزة لمشروعهم حيث سيسلط الإعلام الضوء على هذه الحفائر وستجذب ملايين المتابعين حتى إن تأخر المشروع بعض الوقت، فهذه الحفائر ستثرى المشروع، بل نتائج هذه الحفائر ستكون متحفا يمكن أن يزيد من قيمة الميدان والمنطقة كثيرا، علينا أن نفترض أن هذه الحفائر يمكن أن تبدأ عبر خمسة مجسات تختار بعناية فى مواقع مختلفة من الميدان، مع مسح أولى بالأقمار الصناعية، ومن هنا يبدأ المشروع والذى بلا شك سيجعل المصريين يقدرون ويحترمون هذا المشروع، بل سيشكل نقله نوعية له.
إن استمرارية البحث العلمى الأثرى وفق ما سبق طرحه يجلعنا نعتقد أن هذا واجبا وطنيا، وغيره سيكون محاولة لطمس تاريخ الوطن بل وإهالة التراب عليه.
Trending Plus