"بيع الهوا لأهل الهوى".. بين البث الفضائى والنشر الإلكترونى

مؤكد أن الصحافة والإعلام من المهن السامية، التي تقوم على معايير أخلاقية وقانونية ومواثيق مهنية، لكن في ظل ظل التطور المُذهل والمتغيرات التي طالت كل وسائل الإعلام ( مقروءة – مسموعة – مرئية ) في ظل التطور التكنولوجى الهائل، وفى ظل حروب الجيل الرابع والخامس، وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعى على حياتنا وتأثيراتها، نكون أمام إشكالية بيع الهواء وفوضى النشر الإلكترونى وسببها – في اعتقادي – عدم الوعى وعدم المواكبة على كل الأصعدة، لكن الأخطر عدم المواكبة التشريعية والرقابية اللازمة للتنظيم والمتابعة، مما ولد فراغا تشريعيا في هذا الشأن، ليسهم كل هذا ففي تنامي مختلف الجرائم الإلكترونية وسهل سبل ارتكابها.
لتأتى أهمية الالتزام بأخلاقيات المهنة في ظل هذه التحديات والتهديدات وأيضا التطورات المتلاحقة، لذلك، نقول: إننا أصبحنا أمام ظواهر تحتاج إلى وقفة ومراجعة وتوعية وتحليل أكثر لأسباب انتشارها وكيفية مواجهتها والحد منها، مثل انتحال الألقاب الإعلامية، وذلك انتشار ظاهرة تقديم برامج تلفزيونية بنظام الوقت المُباع، وشراء ساعات البث الفضائي بعيدا عن المؤهلات ومعايير المهنة، خاصة أنه قد تعددت وقائع غير مشروعة كثيرة، لما يطلقون على أنفسهم "بلوجر"، سواء باتهامهم بحيازة وتجارة المخدرات، أو نتيجة نشرهم فيديوهات منافية للآداب أو بهدف الوصول إلى التريند، وتحقيق نسب مشاهدة عالية.
والأخطر – حقا - انتشار ظاهرة بيع الهواء عبر القنوات الفضائية بأشكال متعددة، حيث يتم بيع مساحة من البث المباشر أو المسجل لأي شخص قادر علي دفع مقابل هذه المساحة؛ بغض النظرعن كونه يمت للإعلام بصله من عدمه؛ بل بغض النظر عن هويته أساسا، وهذا ما يؤدى – قطعا - لحدوث كوارث إعلامية واجتماعية كعرض أفكار فاسدة وتقديم موضوعات يشوبها التحيز والأهواء الشخصية دون أدني حياد أو موضوعية، فضلا عن وقوع البعض في فخ اصطياد المشاهير وضمهم لشبكات غير مشروعة وإغوائهم بالمال والشهرة.
إضافة إلى أن خطر آخر هو استغلال هذه القنوات التي تتكسب من بيع الهواء مدمنى الشهرة، وطلاب وخريجي كليات الإعلام للتدريب الوهمي؛ فيظهر هؤلاء الطلاب علي الهواء؛ ويطلق عليهم لقب إعلاميين وهم غير مؤهلين لذلك؛ والنتيجة محتوى سطحي بلا موضوع أو فكرة أو هدف؛ مما قد يعصف بمستقبلهم، ووقوعهم فريسة لخداع وتضليل لينتهى بهم الحال إلى حالة من الزيف والازدواجية، فلا يهمهم إلا التفنن في المحتوى الفارغ، أملا فى حصد ملايين المشاهدات مهما تكلف ذلك من هدم أسس ومبادئ المجتمع، سواء بنشر الرذيلة أو نشر شائعات هدامة غير عابئين بالمصلحة العامة.
لذا، من المهم بل من الضروى على كل الجهات المعنية بتنظيم الإعلام ضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بمعايير وأصول المهنة وأخلاقياتها، وبمقتضيات الأمن القومي، وكذلك ضرورة التوعية من فخ هذه القنوات وذلك بمراجعة التصاريح التي صدرت لتأجير مساحات البث داخل الوسائل الإعلامية المرخص بها، إضافة إلى التوعية السليمة..
Trending Plus