رسالة وداع أم دعوة للرجاء؟.. آخر رسائل البابا فرنسيس فى مذكراته الجديدة

فى عمل أدبى يحمل طابع الوداع والتأمل العميق، أصدر البابا فرنسيس مذكراته الأخيرة قبل وفاته بأشهر قليلة، تحت عنوان يفيض بالمعنى: "الحياة.. رحلتى الطويلة فى الإيمان والإنسان"، كأنها رسالة رجاء للعالم وسط العواصف التى تعصف بالبشرية.
المذكرات، التى نُشرت مؤخرًا، توثق رحلة البابا فرنسيس بأسلوب شخصي صريح، وتمضي في استعراض محطات حياته ومسيرته الروحية، من طفولته في بوينس آيرس إلى سنواته الأخيرة في الفاتيكان، مقدّمًا صورة إنسانية وعميقة عن رجل حمل عبء الكنيسة الكاثوليكية في زمن بالغ التعقيد.
لكن البابا لا يكتفي في كتابه بالسرد الذاتي، بل يقدّم تحليلًا صريحًا وجريئًا لأهم الأزمات التي تواجه البشرية اليوم، من الحروب الدامية في أوكرانيا والشرق الأوسط، إلى أزمة اللاجئين التي تهز ضمير العالم، مرورًا بتحديات تغير المناخ والتكنولوجيا المتسارعة.
كما خصّص فصولًا لموضوعات اجتماعية كبرى، من دور المرأة في المجتمع والدين، إلى مستقبل الإيمان في عالم يتغير بسرعة، مؤكدًا أن الرحمة والحوار والعمل المشترك هي السبل الوحيدة لإنقاذ الإنسان من الانحدار نحو التفكك والعنف.
الكتاب مكتوب بلغة بسيطة قريبة من القلب، ويزخر بتفاصيل إنسانية تقرب القارئ من شخصية البابا، إذ يروي حكايات عن شغفه بموسيقى التانجو، وعشقه لكرة القدم الأرجنتينية، ما يضفي طابعًا حميميًا على السرد، ويكشف عن شخصية متواضعة أقرب للناس من الكرسي الرسولي نفسه.
ويُعدّ الكتاب كذلك شهادة على التزام البابا العميق بالقيم الروحية والإنسانية، حيث يدعو إلى مستقبل يسوده العدل والتفاهم والتعاطف، مؤمنًا بإمكانية التغيير الإيجابي حتى في أحلك اللحظات.
يضم الكتاب مجموعة نادرة من الصور الخاصة التي وافق البابا شخصيًا على نشرها، توثق مراحل مختلفة من حياته، بدءًا من صور طفولته، مرورًا بلحظات فى مسيرته الكنسية، وانتهاءً بصور من رحلاته البابوية حول العالم، لتضيف هذه المادة البصرية بُعدًا توثيقيًا وإنسانيًا يثرى تجربة القراءة.
يبدو أن البابا فرنسيس، الذى يعانى من وضع صحى دقيق، أراد من هذه المذكرات أن تكون خاتمة رسالته للإنسانية، إنها ليست فقط سيرة حياة، بل وصية فكرية وروحية مليئة بالإيمان بقدرة الإنسان على الإصلاح، وبأن الأمل لا يجب أن يغيب، مهما اشتدت الأزمات.
Trending Plus