الناس عدوى.. فاختر بعناية

في زحام الحياة، ستصادفهم، بوجوههم العابسة، وألسنتهم التي لا تُتقن سوى لحن واحد: الشكوى، أولئك الذين يتغذّون على التذمر كما يتغذّى الجسد على الخبز، ويصنعون من كلّ موقف مأساة، ومن كلّ صباح نواحًا، احذرهم، وابتعد، لا شفقة، لا تبرير، فقط ابتعد.
ابتعد قدر المستطاع عن المتباكين على الحظ العاثر، الذين يرون في كل نعمة نقمة، وفي كل خطوة للأمام خطرًا كامناً، أولئك الذين إذا ما اقتربت منهم، انسكب عليك سيلٌ من السواد لا يجف، وتسللت إلى قلبك غيمة لا تمطر سوى الكسل والتشاؤم.
العلاقة بهم ليست صحبة، بل سجن مؤبد، محكوم عليك فيه أن ترى الدنيا بعينهم: رمادية، متغطرسة، بلا أمل، إن جاملتهم، قالوا إنك لا تفهم، وإن حاولت الرفع من عزيمتهم، اتهموك بالهذيان، هم عباقرة في هدم الروح، محترفون في سرقة الفرح، لا يرتاحون إلا إذا شاركتهم الغرق.
في المقابل، اقترب بل التصق بمن إذا ضحك، أضاء المكان، من إذا تعثّر، قام يضحك، لا يلعن العثرة ولا الطريق، أصحاب الرضا، عذبة أرواحهم، منسابة ضحكاتهم، الذين لا يحتاجون أسبابًا للفرح، لأنهم هم السبب، أولئك الذين يطبطبون على الحياة فتبادلهم الحنان، ويصافحون الأيام كأنها صديقة قديمة لا تخذل.
اقترب من عشاق النجاح، لا أولئك الذين يتحسّسون من وهجه، اقترب من صانعي الفرح، لا سُرّاق البهجة، اقترب ممّن إذا صاحبوك، شعرت أن الحياة ما زالت بخير، وأن الشمس تشرق لأجلك، وأن التعب ليس النهاية.
يا عزيزي، الناس عدوى، فاختر عدواك بعناية، فكلما اقتربت من النور، تنفّست الحياة، وكلما غرقت في الظلال، مات فيك شيء لا يُرى ولا يُقال بل فقط يُحسّ.
Trending Plus