مفتاح غزة في أوكرانيا

يبدو أن مستر ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، سيصل لمرحلة اليأس قريبا، فالرجل لا يستطيع أن ينجز أيا من صفقاته سواء في روسيا و أوكرانيا " الدولتان لا ينتميان للشرق الأوسط"، أو في ملف نتنياهو و فلسطين، وكلاهما ملفات عصية على الحل بأدوات العقارات والصفقات المباشرة وهما مجال عمل السيد ويتكوف ورئيسه ترامب، و لذلك سيتسلل اليأس إلى الرئيس الأمريكي ترامب أيضا، فكلامهما مطور عقاري يؤمن بأن الصفقات الرابحة هي الصفقات التي تحقق المكسب القريب، وقد كان الطموح ينازعهما في الوصول لحلول إجرائية في أوكرانيا و غزة، وفسدت الأولى بعد اللقاء العاصف والمهين للرئيس الأوكراني في البيت الأبيض، وهما الآن في مرحلة الاسترضاء البوتيني، وتعطلت الثانية "غزة" لأن في نجاحها سقوط لنتنياهو، وكلا الشخصين "ترامب ونتنياهو" يسعيان لتصدر التاريخ، غير أن نتياهو طموحه في تسيد الصهيونية، وترامب رغبته الجامحة في التموضع بالتاريخ الأمريكي، ولذلك فاليأس المتزايد، وسيصل بهما لطريقين، إما الهروب من أوكرانيا، أو الهروب من غزة، والأولى أسهل، والثانية أخطر، فالسعى لتوقف الحرب في غزة لدى ترامب جانبا آخر، وهو توفير الميزانيات الضخمة المخصصة لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر، وهو ما استطاع القيام به والتصريح حوله في ملف أوكرانيا، حينما طالبهم بالمليارات التي صرفها الأمريكان على الحرب الأوكرانية ضد روسيا، لذلك فمفتاح حل غزة في أوكرانيا، فكلما فشل الملف الأوكراني، زادت الحاجة لانجاح الملف الفلسطيني، مع تشابكات لها علاقة بإيران واجتماعاتها المتعاقبة مع الإدارة الأمريكية.
إذا فالمساحة التي يجب بسطها أمام الكافة، هي المساحة التي يجتمع فيها زيلنيسكي مع نتنياهو، وأوكرانيا مع غزة، وكلا الأمرين مرتبطين بشكل رئيسى وواضح، فهما رغبتان ضاغطتان على تفكير الرئيس الأمريكي ومباعيثه في المنطقة، سواء المبعوثين في الشرق الأوسط والرهائن، أو المستشارين، ووزير الخارجية، وجملة قيادات الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة، ولكلا منهم رأي يتعارض مع الآخر، وحتى يمكن مواكبة تلك التعقيدات، يجب أن يتعامل الجميع مع الإدارة الأمريكية، باعتبارها كيانات منفصلة، يجب اشغالها جميعا، واغراقها في ذلك اليأس القادم لا محالة، مع وضع سيناريو ضغط على نتنياهو بمفرده.
ولأن اليأس السياسى والدولى يمكن رصده، فهناك تحركات عكسية من بعض المؤسسات في الجانب الأمريكي لتنشيط دائرة المفاوضات، وهو ما يراه السيد بولر مبعوث ترامب للرهائن الذى يحاول عقد صفقته الخاصة حول الرهائن الأمريكيين بعيدا عن الجنسيات الأخرى، فهو يدرك تماما أن نتنياهو لا يريد توقف الحرب، حتى أنه قال في أحد التصريحات المنفلتة بأن أمريكا ليست عميلة لإسرائيل، وهو التصريح الذى أغضب الصهيونية الدولية، فاختفى بولر فترة، لكنه عاد مرة أخرى، وربما هذه المرة بقرار "التخليص" قبل كل شيء آخر.
وفي تلك الحيرة الدائرة في حيز الإدارة الأمريكية وفى عقل رئيسها الحالى، هناك تشويشا آخر يدور حول وزير الدفاع الأمريكي الحالي، باختراقاته المستمرة، والسخونة التي تحيط به في البنتاجون، في نفس السياق الذى سقط فيه مستشار نتنياهو للأمن القومى في تسريبات سيجنال، فصارت الخروقات في الأمن الأمريكي، أكبر من أن يتم الصمت حولها، حتى لو استمات ترامب في الدفاع عن رجاله، فسخونة المساحات أخطر بكثير مما تظن دائرة التفكير الترامبى في تلك الفترة.
Trending Plus