محمد سمير ندا يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية عن "صلاة القلق".. لجنة الجائزة تشيد بلغة الرواية وعالمها.. العمل الفائز تدور أحداثه حول قرية يهزها انفجار.. وسجل الفائزين المصريين يشمل بهاء طاهر ويوسف زيدان

فازت رواية "صلاة القلق" للروائي المصري محمد سمير ندا، والصادرة عن دار مسكيلياني للنشر، بالجائزة البوكر العربية "الجائزة العالمية للرواية العربية"، نسخة 2025 حيث أشادت رئيسة اللجنة الدكتورة منى بيكر بلغة الرواية وعالمها وتعدد شخصياتها مؤكدة أنها اعتمدت على تعدد الاصوات.
الرواية تتحدث عن بعض أحداث الشغب التي وقعت في مستعمرة مرضى الجذام الموجودة في مصر، راح ضحيتها مجموعة من النزلاء، مع بعض المعلومات التي تلقي الضوء على المعلومة الأصلية التي استند إليها الروائي في بناء روايته.
صلاة القلق
تدور الرواية حول قرية منسية يهزّها انفجار غامض لجسم مجهول عام 1977، ما يؤدى إلى تحولها إلى مكان مغلق يعيش فيه السكان صراعاتهم الخاصة. فمن جهة، هناك المتمرّدون الذين يطالبون بالحرية، ومن جهة أخرى، الطغاة الذين يُحكمون سيطرتهم على الجميع.
الرواية لا تسير زمنياً إلى الأمام فقط، بل تعود بالقارئ إلى الوراء، لتسلّط الضوء على مرحلة صعبة تمتد من نكسة عام 1967 حتى لحظة الانفجار. يُروى الحدث الرئيسي في القرية من خلال ثماني شخصيات مختلفة، مما يشكل فسيفساء سردية غنية ومتناغمة.
وعلى مستوى أعمق، تطرح الرواية تساؤلات جوهرية حول من يكتب التاريخ فعلاً: هل هو السلاح والحديد، أم أصوات التمرّد التي لا تموت؟ وماذا يعني لنا عام 1977؟ هل هو موت المعنى والفن، أم انكشاف زيف السلام والمصير؟ لتصبح "قرية المناسي" رمزًا لجيل مشوّه ومخدوع.
وتحدث الروائي محمد سمير ندا عن روايته الفائزة، خلال جلسة حوارية أقيمت ضمن فعاليات الجائزة في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وأدارتها الكاتبة عائشة سلطان، بمشاركة كتّاب القائمة القصيرة.
وخلال الجلسة، أوضح ندا أن "نجع المناسي"، المكان الرئيسي في الرواية، هو مكان خيالي من وحي المؤلف، لكنه قابل لأن يكون حقيقيًا في أي بقعة من العالم العربي أو خارجه. مشيرًا إلى أن الرواية تدور حول المرحلة الزمنية الممتدة من نكسة 1967 حتى عام 1977، وهي فترة يرى أنها امتداد للنكبة، لا سيما مع إعلان مصر آنذاك استعدادها لزيارة الكنيست الإسرائيلي، وهي خطوة شكّلت تحولًا جذريًا في الموقف المصري.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الفترة التاريخية "أصابت المواطن المصري بما وصفه بوباء القلق"، وهو ما كان محور اهتمامه في الرواية، إذ تناول الحالة النفسية والوجودية للإنسان الذي يعيش القلق لفترات طويلة، في ظل تغييب الحقيقة وتزييف التاريخ وأكد أن الرواية تناقش قضايا مثل تشويه الوعي الجمعي، واختلاق تاريخ بديل، وسيطرة الأنظمة الشمولية على الحاضر والمستقبل من خلال التحكم في وعي المواطن.
ويعتبر محمد سمير ندا بذلك المصرى الثالث الذى يحقق هذه الجائزة كما أنه أصغر المصريين الفائزين بالجائزة بعد كل من بهاء طاهر ويوسف زيدان اللذان حققاها تباعا قبل أكثر من خمسة عشر عاما.
وفي عام 2008، انطلقت جائزة البوكر العربية، وكان الفوز الأول مصريًا خالصًا، عبر رواية "واحة الغروب" للروائي بهاء طاهر، العمل الذي غاص في تاريخ الواحات، في زمن الاحتلال البريطاني، قدّم تجربة سردية تنبض بالتأملات، وتركت أثرًا مميزًا كأول رواية تحصد الجائزة.
وفى العام التالي من انطلاق جائزة البوكر العربية، 2009، خطف الروائى يوسف زيدان الأضواء بفوزه عن روايته "عزازيل"، التي تجرأت على الخوض في لحظة حرجة من التاريخ الديني المسيحي، الرواية خلقت حالة من الجدل داخل الأوساط الثقافية والدينية، لكنها انتزعت احترام لجنة التحكيم بقوة بنائها الفنى وعمقها الفلسفى، لتصبح واحدة من أشهر روايات البوكر حتى اليوم.
الجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائى باللغة العربية، وتبلغ قيمة الجائزة التى تُمنح للرواية الفائزة خمسين ألف دولار أمريكى، يرعى الجائزة مركز أبو ظبى للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبو ظبى.
تهدف الجائزة العالمية للرواية العربية إلى مكافأة التميّز فى الأدب العربى المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالمياً من خلال ترجمة الروايات الفائزة والتى وصلت إلى القائمة القصيرة إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها.
Trending Plus