السعادة ليست بعيدة

نحن لا ينقصنا الفرح، بل ينقصنا من يُحرّك دوافع الفرح، من يوقظ السعادة النائمة على أرصفة التفاصيل، الحياة ليست بائسة، لكننا أحيانًا نُصرّ أن نراها بعين العجز، وننتظر معجزة، بينما كل المعجزات تدور حولنا، تنتظر فقط من يحرك الستار.
السعادة لا تسكن في بلاد بعيدة، لا تحمل جواز سفر، ولا تحتاج إلى تأشيرة، هي تقيم في رائحة الخبز الساخن، في مكالمة غير متوقعة، في أغنية كنت قد نسيتها، أو كوب شاي على سطح بيتك القديم.
الحياة لا تطلب منك أن تُغيّرها، بل أن تُحركها، أن تُعيد تشغيل قلبك، كما تُعيد تشغيل مروحة كانت مطفأة، فتتحرك ذرات الهواء، وتتناثر الراحة في زواياك.
الأمر لا يحتاج ثورة كبرى، لا يحتاج استقالة من كل شيء، بل يكفي أن تُبدّل كرسيك، تُغيّر زاوية جلوسك، أو تُنصت لساعة واحدة لصوت طائر على الشباك بدلاً من ضجيج الأخبار، تحتاج فقط أن تُزاحم الكآبة بشيء من الدهشة.
نحن نظن أن السعادة مشروع ضخم، يبدأ بقرار ويُختم بإنجاز، لكن الحقيقة هي مثل الضوء، موجود طوال الوقت، لكنك تحتاج فقط أن تفتح النافذة.
جرب أن تضحك دون سبب، أن تكتب لنفسك رسالة شكر، أن تضع زهرة على الطاولة، أن تقول: "أنا كفاية" دون أن تنتظر تصفيقًا من أحد.
افتح قلبك كما تُشغّل المروحة، لا لتصنع هواءً جديدًا، بل لتُحرك الهواء الذي كان حولك طول الوقت.
راقب كيف تبدأ السعادة، كيف يتراقص شعورك مع نسيم لم تظنه موجودًا، مع إحساس كان فقط يحتاج لمن يهزه بلُطف.
أحيانًا كل ما بينك وبين الفرح هو "خطوة"، لا خطوة على الأرض، بل خطوة داخلية، خطوة تخرجك من حالة الجمود، وتعيدك إلى الحياة التي لم تكن غائبة، بل فقط مغبشة برماد الانشغال والاعتياد.
فلا تنتظر أن تتغيّر الدنيا، ولا أن تأتي السعادة من سماء بعيدة، هي هنا.. في أبسط لحظة، في أصدق ابتسامة، في قرارك اليوم أن تتحرك، ولو بخطوة واحدة نحو نفسك.
Trending Plus