صلاة القلق تفوز بالبوكر.. رواية عن القفز فوق حواجز الواقع وتزييف الوعى

فاز الروائى محمد سمير ندا بجائزة البوكر العربية عن رواية صلاة القلق وهى الرواية الثالثة له فى مسيرته، وتحمل فى طياتها أبعادا سياسية اجتماعية صيغت فى حكاية مختلفة غير مطروقة فكرتها فالناس يتجاوزون حاجز اليأس بالإنكار فيخلقون واقعا موازيا تتحرك الأحداث من خلاله.
ولا يمكن القفز فوق السياق فى الواقع لكن محمد سمير ندا قفز بأبطال حكايته فأقنعك فانظر ماذا تري؟ ستجد حكاية مشيدة بإتقان بين جبال من الإنكار تعاظمت في قرية من قرى الجنوب فحجبت الرؤية، رؤية الواقع، وما جرى حتى تم استبدال ما جرى بما لم يكن ولن يكون.
يسمع أهالى القرية الراديو فلا يدركون ما جرى في 67 وهل هي نكسة أم ماذا، ويتخيلون العائدون من الحرب، ويرون عبارات طائشة تكتب على الجدران والكل غارق في هوله لا يساوره التعبير عن مقامه ولا يفهم شيئا مما جرى.
ويمكن مقارنة ما جرى لأناس قرية محمد سمير ندا بمن يقفزون الحواجز مغمضي العينين لكيلا يرون ما هو كائن فوق الأرض، فكأن فعل القفز هنا تحول إلى متوالية هندسية تفضى إلى ما يليها دون توقف فالحكايات تتولد من بعضها ويجمع الناس على وعي واحد ينكر الواقع والهزيمة، فيتحول الناس كلهم إلى لا واعين بالوعي خارجين عن سياق العالم إلى سياقهم هم.
على أن الرواية وإن كانت تدور حول حرب 1967 والسنوات العشر التي تلتها، في عالم من الديستوبيا الفاقعة إلا أن الكاتب استخدم المعاني الدالة فاختار اسم القرية دالا عن المحتوى فاسمها "نجع المناسي" حيث يسقط البعض ضحايا الاستقطاب وتزييف الوعي، واختار مفردات شائعة ورمزية مثل الراديو مصدرا للمعلومة في إعادة تذكير ببعض ما جرى.
الرواية لا تسير زمنياً إلى الأمام فقط، بل تعود بالقارئ إلى الوراء، لتسلّط الضوء على مرحلة صعبة تمتد من نكسة عام 1967 حتى لحظة الانفجار حيث يُروى الحدث الرئيسي في القرية من خلال ثماني شخصيات مختلفة، مما يشكل فسيفساء سردية غنية ومتناغمة.
وعلى مستوى أعمق تطرح الرواية تساؤلات جوهرية حول من يكتب التاريخ فعلاً: هل هو السلاح والحديد، أم أصوات التمرّد التي لا تموت؟ وماذا يعني لنا عام 1977؟ هل هو موت المعنى والفن، أم انكشاف زيف السلام والمصير؟ لتصبح "قرية المناسي" رمزًا لجيل مشوّه ومخدوع.
Trending Plus