عصام عبد القادر يكتب عن الميتافيرس وتعليم ذوي الهمم: منصة متكاملة.. تعليم متفرد.. معلم يمتلك المهنية.. الرئيس الإنسان

تتعدد فئات ذوي الهمم؛ لتشمل ذوي الإعاقة البصرية، والسمعية، والعقلية، والجسدية، والسلوكية، وصعوبات التعلم، وذو الهمة هو الفرد الذي ينحرف في قدرة من قدراته عن المستوى العادي؛ بما يجعله في احتياج إلى الرعاية الخاصة؛ ليُحقق أكبر إفادة ممكنة من قدراته، وقد ترتبط القدرة المنقوصة لديه بالجانب التعليمي، أو الجسمي، أو الاجتماعي، أو العقلي، أو الانفعالي نتيجة لعوامل وراثية، أو بيئية.
إذا ما أردنا أن نقدم تعليمًا متفردًا لذوي الهمم؛ فإن منصة الميتافيرس يمكنها أن تساعدنا في تحقيق هذا الهدف طويل المدى؛ فمن خلالها يمكن أن يحدث التفاعل بصورة مستدامة من قبل المتعلم مع مهام الأنشطة التعليمية، التي تتضمن الخبرات المنشود إكسابها له، وهذا بالطبع يعزَّزه إتاحة الفرصة لديهم؛ كي يكتشفوا مكنون البيئة التعليمية، ومكنونها؛ ومن ثم يتم تحفيزهم للانخراط فيها بصورة مباشرة.
منصة الميتافيرس يمكن أن نصمم عبرها مهامًا يؤديها كل متعلم وفق قدراته، وبما يتناسب مع طبيعته، وخصائصه التعليمية، ناهيك عن مساحة التشارك، أو التعاون التي يمكن إيجادها بين المتعلم من ذات الفئة، أو حتى متبايني الفئات التعليمية، وهذا بالطبع يزيد من واحة التفاعل المباشر منه، وغير المباشر، ويعضد مهارات العمل الجماعي، وينمي مهارات التواصل فيما بين المتعلمين؛ بالإضافة إلى قدر التنوع الذي يسهم في تحقيق ذلك كله؛ حيث الخيارات المتاحة من رؤى، وصوتيات، ونصوص، وما قد يجسد شخصية المتعلم، ويرتضيها حينئذٍ.
ذوو الهمم يُفَضَّلُّ في تعليمهم أن يغلف المحتوى المتعلم في معظمه في صورة العاب تفاعلية، تشمل ملامح الخبرات المراد إكسابها لهم؛ حيث توافر عنصرين مهمين، الأول منهما منوط بالمتعة التي يشعر بها المتعلم؛ ومن ثم لا يعزف، ولا يمل من المحاولة، وتكرارها، والثاني يعتمد على جذب انتباهه قدر الإمكان؛ فذلك يقضي على تحدى ضعف التركيز، أو التشتت، أو صعوبة الانتباه إلى فترات طويلة، وهذا المناخ الداعم توفره منصة الميتافيرس، وبيئاتها الثرية الافتراضية، وأدواتها التقنية المتعددة.
بيئة الميتافيرس مشجعة بدرجة كبيرة لقادرين باختلاف؛ حيث تساعدهم في حل مشكلاتهم، وتحدياتهم اليومية، كما تحفزهم نحو إيجاد حلول مبتكرة، والوصول إلى رؤى تطبيقية من شأنها أن تحقق لهم جودة الحياة، وهذا بالطبع يؤدي إلى تنمية العديد من المهارات، التي يمتلك كل فرد مقوماتها الرئيسة، وعبر ما يتلقاه المتعلم من صور تعزيز مناسبة، وتغذية مرتدة قد يسهمان في الدفع به؛ لاستكمال مراحل صقل الجانب المهاري لديه بعد اكتساب الحد الأدنى من المعارف الصحيحة التي تجعله راغبًا في تغيير سلوكياته؛ لتصبح إيجابياتها في كليتها.
مهنية المعلم عبر منصة الميتافيرس تساعده في تصميم تجارب تعليمية تتناسب مع طبيعة الإعاقة، التي تعاني منها الفئة المستهدفة، وبالطبع هناك المزيد من طرائق التعزيز التي تجعل جميع المتعلمين يؤدون ما عليهم من مهام، ويتابعون مسار إجراءات تلك التجارب، أو المشروعات البحثية، التي ينبري عليها أهداف إجرائية نود أن يكتسبها قادرون باختلاف؛ وذلك اعتمادًا على مبدأ التفاعلية، والجاهزية، وعمق التناول من خلال استيعاب التفاصيل الدقيقة لما نقدم له؛ كي يصبح على قناعة تامة بمُكوَّن الخبرة التعليمية المراد أن نكسبها له.
التكلفة، وتكرار التجارب العلمية لا تقف حجر عثرة أمام تعليم ذوي الهمم؛ حيث تتيح الميتافيرس عبر بيئاتها الثرية إمكانية المحاكاة، وعرضها بأكثر من طريقة شيقة من خلال استراتيجيات مرنة تتباين فيها الأدوار، وتعدل، بل وتصبح مرنة يختار منها المتعلم ما يناسبه، وهذا بكل تأكيد يشكل سياج أمان لتلك الفئة التي تستحق منا كل رعاية، ودعم، ومساندة؛ حيث نوقن أن ما لديهم من حيوية، ورغبة في تحقيق الغاية يصعب أن تجد له نظير حتى مع المتعلم العادي؛ فالإصرار تجاه الوصول إلى الهدف المتوافر، وبيئات الميتافيرس تساعد على ذلك بصورة متفردة.
بيئة الميتافيرس الافتراضية ليست متعددة الأغراض فحسب؛ لكنها تمنح فرص تصميم بيئات، وأنشطة تعليمية ذات فعالية منقطعة النظير؛ ومن ثم يساعد ذلك في تعليم ذوي الهمم بمختلف فئاتهم؛ فهناك قراءة مسبقة للخواص المتعددة لتلك الفئات التي تحتاج دومًا إلى رعاية خاصة في كليتها، وهنا نستطيع أن نؤكد على مراعاة المنصة للحالة السيكولوجية لقادرين باختلاف؛ فرغم صعوبة المهمة؛ إلا أن أدوات البيئة تحفزهم على التقدم، بل والمثابرة من أجل تجاوز التحديات، والتغلب على الصعوبات، مما ينعكس إيجابًا، ويسهم في غذاء وجدانياتهم؛ فتنمو الميول، والرغبة في التعلم، والاتجاهات الإيجابية نحو المادة المتعلمة، ومن يقوم بتعلميها، كما تتجدد طاقات التفاؤل، والأمل، والطموح بصفة مستدامة.
الواقع الممتد عبر منصة الميتافيرس لا يقلل من أهمية ما نقدمه لذوي الاحتياجات الخاصة من أنماط تعليمية تقليدية؛ لكنه يضيف ثراءً للخبرات التعليمية، ويخلق مناخًا ديناميكيًا لدى أصحاب الهمم؛ حيث يتحول سكونهم القائم على فلسفة التركيز؛ بغية الحصول على جزء من الخبرة التي نقدمها إلى تفاعل مرغوب فيه؛ إذ تمارس مهامًا تفيد ساحات الابتكار، والنقد البناء، والتخيل لحلول أكثر وظيفية لمشكلات معقدة، ناهيك عن توظيف مبهر لأدوات الذكاء الاصطناعي، التي تتوافر على المنصة، وهنا قد ترى نتاجًا متفردًا غير متوقع تفرزه تفاعلات ذوي الهمم.
التشويق عبر منصة الميتافيرس يُعزّز فلسفة تنمية مهارات التفكير العليا لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا يعطي ماهية التعزيز أهمية بالغة؛ كي يستمر المتعلم في حالة من الانسجام مع مراحل، أو خطوات أداء المهمة؛ فالأمر لا يتوقف على التركيز فقط، بل يعضد مناخ التفكير؛ كي يصل صاحب الهمة إلى أعتاب الإلهام، وبالطبع يستند ذلك الهدف السامي على سيناريو تخطيط مهام الأنشطة التعليمية التي تحمل الفكر الابتكاري من قبل معلم لديه مهنية أكاديمية، ومعرفة رصينة في مجاله النوعي؛ كي يستطيع أن يحقق ماهية التسلسل، والتكامل في تناول الخبرات المتعلمة.
المتغيرات التصنيفية صارت لا تشكل مُعوَّقا في تعليم فلذات أكبادنا من ذوي الهمم، بل تلاشى أثرها بصورة تلقائية؛ فقد أضحت الفروق الفردية في طي النسيان عبر منصة الميتافيرس؛ حيث تقدم الخبرة في صورة محببة لكل متعلم على حدة، وباتت الحدود التباعدية لا تشكل أهمية؛ فتوافر بيئة الميتافيرس في أي مكان، وزمان يدحض سلبيات المفارقة الجغرافية، كما أن خطورة بعض بيئات التعلم لم يصبح لها أثرٌ يؤخذ في الحسبان؛ فالمحاكاة قضت على الفجوة بين الافتراضية، والواقع إلى حد لا يصدقه كثير من الأذهان.
في عهد الرئيس الإنسان قد نال القادرون باختلاف العديد من أوجه الرعايا، والتي تُعد معبرة عن ثقافة جمهوريتنا الجديدة التي تهتم ببناء الكيان، والوجدان؛ بغية استثمار القدرات، والملكات بما يجعل المجتمع منتجًا قادرًا على تجاوز التحدي يتفرد بماهية الاندماج في صورته الكلية؛ ومن ثم يمكن تعظيم ما لدينا من موارد بشرية، ومادية على حد سواء، بل وتصبح الطاقات متجددة على الدوام.
الرئيس الإنسان ممارساته تعزز في وجداننا فلسفة الاحتواء لفلذات الأكباد من ذوي الهمم، وهذا بالطبع يغرس قيما نبيلة في نفوس الأجيال تلو الأخرى؛ فهناك التكافل، والتراحم، والتواد، والعطف، وكرم العطاء، والتعاون، والشراكة، والإيجابية، وغير ذلك من القيم الفضيلة التي نرغب في شيوعها لدى أفراد مجتمعنا المسالم الذي يكن الولاء، والانتماء للوطن، والقيادة السياسية الرشيدة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
Trending Plus