لسنا حكماء.. لكنها التجارب

أصبحت خطواتك بالحياة أثقل.. أصبحت كلماتك أقل.. تحول صخبك لهدوء.. مع ميل للعزلة.. ضاقت دائرة المحيطين بك ؟ على عائلتك و صديق أو اثنان فقط.. أصبحت تخاف كثيرا على قلبك ، أن تتركه وحيدا معطلا، لكنك تدرك أن بقاءه فارغا خيرا ألف مرة من منحه لمن لا يستحق.. مبارك عليك لقد وصلت لمرحلة النضج.
مرحلة الحكمة والتدقيق في الأمور .. فلا أنت الطائش الضاحك المقبل على الحياة ، ولا أنت الكهل الكبير الذى غزاه المشيب.. أنت بين بين ..
انضجتك التجارب، ربتك المواقف، قلمت أظافرك، وروضت نفسك، هي لصالحك بالطبع، لكنك لا تعرف بعد شهور و سنوات تدرك ذلك الأمر والمغزى من تلك الاحداث ، بعدها بسنوات ثقيلة وليالي طويلة حزينة.. لكن وقت الحدث أنت تصبح كريشة، تعصف بك الأيام ، والليالي .. وتقلبك كيفما تشاء..
مستقبلا، تصبح الشخص الأفضل منك، النسخة المنقحة والمعدلة، تصبح مغايرا، ومختلفا تماما، عن ماكنته سابقا من خمس أو عشر سنوات مثلا.
وهنا مع كل مشهد وموقف مشابهة لما لامسته بعمرك، تراه يحدث لغيرك تستدعى خبراتك البسيطة لتحلل وتحكم وتوضح.. نعم لقد أصبحت حكيما.. لا سنا وخبرة.. لكنها التجارب التى سمحت لك لتقول بكل ثقة " مررت بهذا من قبل ".
الصورة الذهنية لدينا دائما عن مقدم الحكمة، والنصح والإرشاد قاصرة فقط على الحكماء، وكبار السن، من العجائز، لكن مع كم تدفق المعلومات ، وتغير سرعة الحياة، وتعقدها، وتشابكها، زادت صعوبة التجارب، وثقلت الخبرات لدى كل شخص فور فواته، ومروره من كل موقف والأخر.
لسنا حكماء، لكنها التجارب، التي تجعلنا نقدم جمل مفيدة ، وسطور قليلة عن كل موقف يقابلنا، ، ليس كمختصين بالطبع، فلكل منا مجاله، واختصاصه، لكن من عانى من ظلم ادارى بعمله، مع الوقت تعلم كيف يتفادى أخطاء نفسه أولا ، ثم أخطاء الآخرين، من فشل في علاقاته العاطفية أو الاجتماعية بشكل عام وتواصله مع الاخرين عدة مرات، تعلم أن يقف، ويدرس، ويحلل، ردود الأفعال أولا، خشية الخذلان، وكسر القلب مرة تلو المرة، ومنعا للفشل.
نحن يا عزيزي ننمو بتكرار وكثرة وقسوة التجارب، كل تجربة وعائق نتخطاه نتعلم منه.. يترك أثرا، وندبة، لكنه شاهد على النجاة من مواقف سيئة و اشخاص سلبية..
نحن ننمو، بتكرار الأخطاء، فكلما كثرت "غلطاتك" كلما مع الوقت عدلت، وصححت مسارك، تتفادى الماضي وتحرص على ما هو قادم، قدر المستطاع.
لذا يحق لنا أن نتكلم عن خبراتنا، و ما مررنا به، مهما بدونا صغار السن، فالحياة عندما تختبرك لا يهمها شيء سوى منحك قلبا قويا .. ساعيا و طامحا للمزيد من الأفضل والأحسن القادم.
ولك الحق بكل جدارة أن تجلس هادئا ، وتنظر بعمق لبعيد لتقول: " نعم مررت بهذا من قبل" .
Trending Plus