رحلة مع الأيام

لا أحد يُحب الهموم والابتلاءات، فبالقطع هي درب من دروب الحُزن الذي يُقاتل الإنسان لكي يهرب منه، ولكن أين المفر من القدر والمكتوب؟، فلابد أن تراه العين، فهناك مَنْ ينجح في تجاوز تلك الهموم، وهناك مَنْ يتجاوزها ويأخذ منها درسًا وعِبْرة، ومَنْ يتجاوزها ويخرج منها بألم وعَبْرة، وهناك مَنْ لا يتجاوزها على الإطلاق، وهذا هو مناط مقالي، فللأسف، هؤلاء لا يتحملون فكرة العيش في بلاء، خاصة لو كانوا اعتادوا على رغد النعم، فيُصبح الأمر أكثر مشقة وعناء، ليس بسبب ضعفهم أو عجزهم، بقدر عدم استيعابهم للفكرة في حد ذاتها، فهي تشل عُقولهم عن تخيل أنه تستحيل حياتهم إلى حفنة من الآلام والأوجاع لفترة معينة، لاسيما وأن الألم لا يضع موعدًا مُحددًا يُقر فيه بانتهائه، وهنا تبدأ مشقة هؤلاء.
وهنا لابد أن يتذكروا أن الحياة ما هي إلا رحلة، لا تسير في درب واحد، ولا يمكن أن تكون خطواتها ثابتة، بل لابد أن نُقابل فيها بعض العثرات، فليست كل الطرق سهلة وناعمة ومُمهدة، فهناك طرق وعرة لابد أن نمر عليها حتى نصل إلى هدفنا ومأربنا، ولكى نتحمل هذه الطرق بتعرجاتها، يجب أن ننظر إلى الأمر بشيء من الحكمة والروية، وأول هذا الأمر يتأتى بيقيننا بأننا في رحلة مع الأيام، يوم حُلو ويوم مُرّ، يوم لنا، ويوم علينا، فالرحلة لا يُمكن أن تسير على وتيرة واحدة، فهذا هو برنامجها، ولا يمكن أن نضع شرطًا جزائيًا عليها في حالة حدوث عقبة أثناء الطريق، لأننا سنُكمله مهما كانت النتائج، سواء باختيارنا أو رغمًا عنا، فهذه هي حكمة الحياة التي لا مناص منها.
لذا علينا أن نُهون على أنفسنا ولا نُعقد الأمور أو نُجسد الأزمات بالشكل الذي يُصعب علينا بعض المهام الشاقة في حياتنا، بل لابد أن نُحاول تهوين الكثير من الأمور والمواقف حتى تمر بسهولة ويُسر، دون أن تترك بصمتها الأليمة على وجداننا وأفكارنا.
فهيا بنا نستمتع برحلتنا مع الأيام ونرتضي بها، وحتى لو اضطررنا إلى بعض من المعافرة والمُكابرة، بدافع تجاوز المحن والخروج منها بإرادة أقوى، حتى نصل إلى نهاية الرحلة ونحن مُتصالحون مع الأيام.
Trending Plus