لا تحزن على ما فاتك

لا تحزن على شيء فقدته، فربما لو ملكته لكان الحزن أكبر، وربما لو اقترب صار الألم أوضح، ولو تحقق صار الفقد أقسى، ما نراه خسارة قد يكون في جوهره نجاة، وما نُبكيه على أطلال الأمس، ربما هو السبب في ابتسامة الغد.
الرضا.. آه من الرضا، ليست مجرد كلمة، بل مقامٌ عالٍ لا يصعد إليه إلا من خفَّت روحه من ثقل التعلق، وارتفعت بصيرته فوق حدود المنطق.
الرضا ليس قبولًا بالأمر الواقع، بل هو التصفيق الخفيّ لحكمة لم نفهمها بعد، والتسليم الجميل لقدرٍ نجهل ملامحه، لكن نؤمن بنقائه.
ربما كنت تبكي على باب لم يُفتح، ولو فُتح لدخل منه ما يكسرك، لا ما يُسعدك، ربما كنت تركض وراء شخصٍ لو امتلكته لأفقدك نفسك، ربما كانت الوظيفة التي لم تُقبل فيها، هي ذاتها التي كانت ستقبض على حريتك، وتتركك مكسورًا من الداخل، وربما، فقط ربما.. أن كل ما لم يكن، لم يكن لأنه لا ينبغي له أن يكون.
أحيانًا يكون الفقد نعمة متنكرة في هيئة خسارة، ويكون التأخر توقيتًا إلهيًا أكثر اتساقًا مع قلبك من استعجالك، ويكون "لا" التي أوجعتك، أفضل من "نعم" كانت ستنهشك في وقت لاحق.
فلا تبكِ على من غادر، فقد يكون الرحيل هو أفضل ما فعله لأجلك، ولا تأسَ على أمنية لم تتحقق، فقد تكون أجمل ما حدث لك، أنك لم تملكها.
الرضا لا يعني غياب الألم، بل يعني أن لا تجعل الألم يُعمّيك، هو فن الصبر دون تبرير، والقبول دون تساؤل، والسكينة التي تهتف داخلك: "رب الخير لا يأتي إلا بالخير، حتى وإن تألمت مؤقتًا.
ليس كل ما يُفقد يُفتقد، وليس كل ما يُبعد يستحق البكاء، فبعض الفقد تحرير، وبعض الغياب نجاة، وبعض الدموع صابون للروح، تُطهّرنا مما لا نحتاجه حقًا.
فلا تحزن على ما ظننته ضاع، فربما ما ضاع كان هو الضياع بعينه.
Trending Plus