إبداع الأيدى لا تهزمه الماكينات.. صناعة الأحذية يدويًا مهنة صامدة فى ورش الدرب الأحمر.. أسطواتها ورثوا الحرفة أبًا عن جد وأكملوا المسيرة.. ويؤكدون: الجلد الطبيعى صلب المهنة.. والمنتجات اليدوية يستحيل أن تندثر

في حي الدرب الأحمر، أقدم مناطق القاهرة التاريخية، لا تزال هناك ورشًا قليلة تمارس حرفة صناعة الأحذية يدويًا، فارضة نفسها على السوق بأنامل كبارها، الذين ورثوا الحرفة أبًا عن جد وأكملوا المسيرة وحافظوا على تلك الصناعة من الاندثار، وظلوا يتابعون التطورات التي تدخل عليها عامًا بعد الآخر.
وفى درب شغلان، التقينا رمضان جمعة بينما كان يجلس قابعًا بين أحذيته داخل ورشته الممتدة لبضع أمتار، وحفظ فيها كل صغيرة وكبيرة تخص الصنعة، متحدثًا عن بداياته مع الصناعة التي تعلمها منذ أن كان في العاشرة من عمره، وخطوات التصنيع اليدوي، والتطورات التي دخلت عليه عامًا تلو الآخر.
وبينما كان منهمكًا في تصنيع فردة حذاء، وبجانبه أحذية نسائية مختلفة المقاسات والتصميمات ومجموعة من قوالب النعال، تحدث رمضان عن بداياته في المهنة، قائلًا: "بدأت تعلم هذه المهنة عندما كنت في العاشرة من عمري، حيث ورثتها عن والدي الذي كان يعمل "جزمجي" في نفس المهنة، ورغم أنني لم أكمل دراستي بسبب عدم اهتمامي في صغري، إلا أنني الآن أدرك أهمية التعليم، وأندم على عدم استكماله في وقت مبكر.
وأضاف جمعة خلال حديثه لـ"اليوم السابع": "بعد وفاة والدي، تابعت المسيرة في ورشته، ثم أسست حياتي الخاصة بعد الزواج، علمت ابني تصنيع الأحذية لاستكمال مسيرة والدي، ومع مرور الوقت، أصبح يدير الأعمال التجارية الخاصة بي، ولكن بسبب تحديات الحياة العملية، اختار المسار الخاص به، وبقيت أواصل العمل بمفردي".

حذاء مصنوع يدوية
وعن الخامات المستخدمة في التصنيع اليدوي، قال: "في بداية عملية في المهنة، كنت أستخدم الجلد كخامة أساسية، ولكن مع مرور الوقت، تغيرت الخامات وأصبحت المواد الصناعية المستوردة هي السائدة"، مشيرًا إلى أنه يشتري الخامات المستخدمة من التجار ويصنع الأحذية حسب الموسم، سواء كانت أحذية شتوية أو صيفية.
عملية صناعة الحذاء تتطلب عدة مراحل، وذلك كما أوضح رمضان: "المهنة تعتمد على "التفصلجي" و"الجزمجي" و"المكنجي"، مراحلها تبدأ بتفصيل الخامة، ثم عملية "الترفيع"، تليها مرحلة الماكينات، وأخيرًا يتم تجميع الحذاء بواسطة الجزمجي، الذي يقوم بإتمام العمل بشكل يدوي حتى يتم تجهيزه لتسليمه للتاجر، الخامات التي استخدمها تتنوع بين أنواع مختلفة من المواد المركبة، مثل "دبل" و"سكاي"، وتصل إلى أكثر من 50 نوعًا مختلفًا".
واستكمل حديثه: "في فصل الشتاء، أصنع الأحذية الشتوية مثل الهاف بوت، بينما في الصيف أركز على الصنادل و"الشباشب"، ومع مرور الوقت، أصبحت أركز بشكل أساسي على تصنيع الأحذية النسائية، ولكن يمكنني تصنيع تصميمات مخصصة حسب طلب الزبائن، مع مراعاة أن التكلفة تكون أعلى إذا كان التصميم خاصًا".

صناعة الأحذية اليدوية
وعن التغيرات التي طرأت على المهنة، قال رمضان إن خامة الجلد كانت صلب المهنة، ولكن مع مرور الزمن وتطور الحياة وتغير أذواق الزبائن، فرضت الخامات الأخرى المستوردة بألوانها المتعددة وأشكالها المتنوعة نفسها على السوق وسيطرت بشكل كبير على الصناعة، وبات أغلب العاملين فيها يعتمدون عليها في التصنيع.
وتابع حديثه: "صانع المهنة أيضًا تغير، فلم يعد ذلك الصانع الأولي، الذي يطوع الجلود لتصنيع الأحذية، بعد دخول الخامات المستوردة"، مشيرًا إلى أن استخدام الجلد في التصنيع يتطلب مهارة وحرفية عالية، وعامل لديه خبرة كبيرة وحس فني عالي، ومن الصعب جدًا الحصول عليه الآن.
وأشار إلى أن رغم ما أنتجته التكنولوجيا الحديثة من ماكينات وآلات عملت على تسهيل عملية التصنيع وتطوير المهنة ومنتجاتها، إلا أن المنتجات المصنوعة يدويًا من المستحيل أن تندثر أو يختفي صناعها، خاصة وأن الماكينات الحديثة إمكاناتها تظل محدودة أمام إبداعات الأيدي العاملة اليدوية.
وفي سوق السلاح، اعتاد جمال طنطاوى، أن يقف أمام ورشته الصغيرة، التي لا تتعدى بضعة أمتار، لتصنيع أحذيته الجلدية يدويًا، بمهارة وإتقان وحرفية، رغم تخطيه الـ60 عامًا، معتمدًا على أدوات بسيطة وخبرة كبيرة اكتسبها على مدار سنوات من أجداده.
وعن بداياته في المهنة، قال جمال إنه ورث المهنة عن أبيه وأجداده وتعلمها منذ أن كان في الـ12 من عمره، وسعى منذ طفولته أن يحافظ عليها ويواصل عمله بها، وظل فيها حتى الآن لحبه الشديد لها، مشيرًا إلى أنه يعتمد في تصنيع الأحذية يدويًا على خامة الجلد الطبيعي.
وأشار إلى أنه يقف وحده في ورشة والده التي يعود تأسيسها لسنة 67 يوميًا من الساعة السابعة صباحًا وحتى الساعة السابعة مساءً وينفذ مراحل التفصيل والتصنيع حتى يخرج الحذاء في شكله النهائي، مشيرًا إلى أنه لم يتوقف عن العمل يومًا، وربى وعلم وزوج أولاده الأربعة من صناعة الأحذية.
وأوضح أن التصنيع يمر بمراحل عديدة، منها التفصيل وقص الجلد لمقاسات مختلفة وتجميعه وشده على القالب ليأخذ فى النهاية شكله، مشيرًا إلى منتجاته تطلب في محافظات بني سويف، والمنيا، والأسكندرية، وأسيوط وبورسعيد، وأسعار الأحذية تبدأ من 100 جنيه وتصل إلى 400 جنيه، وذلك حسب التصميم وخامة النعل، مؤكدًا أنه سيظل محبًا لمهنته ويعمل بها حتى آخر يوم فى حياته ويطور من الموديلات التي يصنعها ليواكب الحداثة والتغيير، مشيرًا إلى أن المهنة سيظل لها بريقها وسوقها التي تباع فيه.

مراحل تصنيع يدويا

منتجات الأحذية اليدوية

منتجات عم رمضان

ورشة تصنيع أحذية يدوية

ورشة عم رمضان بالدرب الأحمر

ورشة عم رمضان
Trending Plus