حتى لا ننسى.. تفاصيل اغتيال النقراشي باشا على يد الإخوان

"هبط من سيارته يتبعه حرسه ككل يوم، دلف مبنى الوزارة ليباشر عمله في رعاية شؤون المواطنين.. ما إن تجاوز باب المبنى حتى وقف أمامه ضابط شاب، أدى له التحية العسكرية في احترام، فردها له الرجل مبتسمًا، لكنه لم يتخيل أن ثمن تلك الابتسامة كان حياته، فلم يكد
يستدر إلى المصعد حتى باغته الضابط المتنكر بـ3 رصاصات في ظهره، أردته قتيلاً".
قد يبدو لك من الوهلة الأولى أن تلك السطور اقتباس من رواية ما، أو مشهد في أحد الأفلام السينيمائية، لكني سأصدمك وأُخبِرك أنه مشهد تاريخي، يُصَنَّف بكونه إحدى جرائم الاغتيال، التي تملأ سجل الإخوان المسلمين.. اغتيال رئيس الوزراء الأسبق محمود فهمي النقراشي باشا، جريمة يحاول الإخوان التنصُّل منها على مدار 7 عقود، لكنهم لم يتمكنوا من إزاحتها عن كاهلهم رغم محاولتهم المستميتة لذلك.. لكن السؤال هنا:
ما السبب وراء اغتيال النقراشي؟، وما هي تبِعاته؟
في الـ8 من ديسمبر عام 1948، أصدر محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزراء قرارًا، بحلِّ جماعة الإخوان المسلمين، وفصل المنتمين إليها من الوظائف الحكومية، ومصادرة أموالهم، واعتقالهم، بعد أن تحولت الجماعة إلى دولة داخل الدولة..
لكن هذا القرار لم يُعجِب شباب الإخوان وأعضاء التنظيم الخاص -الجناح العسكري للإخوان-، مِمّا دفعهم للعمل على وضع خطة اغتيال رئيس الوزراء..
ففي الـ28 من ديسمبر، جلس عبد المجيد أحمد حسن، إلى جوار مصعد مبنى وزارة الداخلية، وكان مُتنَكِّرًا في زيِّ ضابط شرطة.. وفي الساعة العاشرة وخمس دقائق، وصل النقراشي باشا مبنى الوزارة، لينهض عبد المجيد حسن مؤديًا التحية العسكرية
-بصفة النقراشي يشغل منصب وزير الداخلية بجانب رئاسة الوزراء-، فردَّ النقراشي له التحية، وما إن استدار نحو المصعد، حتى عاجله بإطلاق 3 رصاصات على ظهره، أسقطته أرضًا وأردته قتيلاً في الحال..
حاول عبد المجيد الانتحار، بعد أن تأكد من مقتل النقراشي، لكن الحرس أحاطوه وقبضوا عليه.. وفي التحقيق اعترف بقتل النقراشي بتحريض من أعضاء النظام الخاص، بسبب قرار بحلِّ جماعة الإخوان المسلمين، وفصل الطلبة المنتمين للجماعة، وكان عبد المجيد واحدًا من الطلبة المفصولين من كلية الطب البيطري.
لكنّ حسن البنا بيانًا، يتبرأ فيه من مقتل النقراشي، وقال بأن مَن قتلوا النقراشي "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين".. الشيء الذي يُبيِّن لك أن المرشد قد فقد السيطرة على أفراد جماعته.
Trending Plus