ماذا قال جرجي زيدان عن طارق بن زياد في "تاريخ الأندلس"؟

تحل اليوم ذكرى نزول طارق بن زياد لأرض الأندلس في السابع والعشرين من أبريل عام 711 ميلادية ليجد للمسلمين فيها موطأ قدم قبل تأسيس حضارة ستستمر لقرون.
يقول جرجى زيدان في كتاب تاريخ الأندلس لما جاء موسى بن نصير إلى أفريقيا وصار عاملًا عليها كان في جملة من اتخذهم من الموالي طارق بن زياد، ولما رأى شجاعته وحُسْن إسلامه رقَّاه حتى جعله قائد حامية طنجة كما تقدم. وكان بدر رفيق طارق في كل أعماله ولكنه لصغر سنه لم يتنبه له موسى، على أنه أظهر في الوقائع التي شهدها بسالة الأبطال المحنَّكين؛ لأنه لم يكن يهاب الموت ولا سيما إذا كان مع أخيه طارق.
فلما عرض يوليان على موسى فتح الأندلس ويكون هو عونًا له في ذلك، بعث موسى إلى الخليفة الوليد يستأذنه، فأذن له على أن يخوضها بالسرايا (ولا يغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال)؛ فرأى موسى أن يجرِّب ذلك برجال من الموالي المسلمين غير العرب يرسلهم لفتحها، ولم يرَ خيرًا من طارق يوليه قيادة تلك الحملة، فأعدَّ سبعة آلاف من الموالي والبربر وفيهم بعض العرب، وسلَّم قيادتهم إلى طارق وأمره أن يعبر بهم بحر الزقاق إلى الأندلس.
فعبره في سفن أعدَّها لهم يوليان حتى نزلوا جبلًا على شاطئ ذلك البحر سُمِّي بعد ذلك باسم طارق (جبل طارق إلى اليوم)، ولم يلقَ طارق مشقة في الاستيلاء على الجبل، ثم بلغه أن رودريك صاحب طُلَيْطلة يتأهب لملاقاته في جند عظيم، فكتب طارق إلى موسى فأمدَّه بخمسة آلاف بربري، فصار جنده اثني عشر ألفًا، وفيهم يوليان صاحب سبتة يدلهم على نواحي الضعف، ويتجسس لهم الأخبار، ويبث في أهل البلاد أن العرب جاءوا الأندلس لا للفتح والاحتلال، وإنما يريدون أن يملئُوا أيديهم من الغنائم ويخرجوا، وحَبَّب إلى الإسبان أن يسهِّلوا لهم التغلب على رودريك حتى يتخلصوا منه ويعيدوا الحكم إلى من يريدون من ملوكهم الأصليين، وما زال طارق يزحف بجنده على هذه الصورة حتى وصل إلى وادي لكة (قرب قادس) وهناك التقى جنده بجند رودريك على ما هو مدوَّن في كتب التاريخ.
Trending Plus