متى تتوقف الشائعات؟

عندما يتخلى أصحاب المآرب، ومن لديهم أجندات مغرضة عن مستهدفاتهم؛ حينئذ قد تتوقف الشائعات؛ لكن أصحاب المنهج غير القويم، يصعب أن يتخلوا عن طريق وجدوا فيه ضآلتهم؛ فسياسة الحكم، والتحكم في الشعوب، شهوة لا يقابلها متعة؛ لذا فستظل المساعي قائمة، وطاقات الإطلاق، تصبح متجددة، ومتقدة؛ كي تصل هذه الجماعات المنظمة إلى أهدافها، التي يدركها أصحاب القلوب الواعية، والمواطنة الصالحة.

الشائعات لن تتوقف، ما دام الشعب على قلب رجل واحد، لا تفرقه مشكلات، أو تحديات، أو أزمات، بل تزيد من تضافره، وتكافله، وتماسكه؛ فيظل متحدًا، ومتحديًا؛ من أجل بقاء الوطن، وأملًا، ومحبة في الإعمار، الذي يملأ القلوب، ويزين الأفعال، ويؤكد على ماهية حب التكافل على الدوام؛ فلا يقع تحت رحمة  بعض الجماعات، لا تمتلك قاموسًا للرحمة، أو التراحم، بل ترى في ذواتها أنها مفوضة في فرض وصاياها على شعوب الأرض المستكينة.

تزداد وتيرة الشائعات، عندما يرى مروجوها، حالة من النهضة قائمة، في صورة مشروعات قومية قد آتت ثمارًا ناضجة، وفتحت مجالًا لاستثمارات، تخرج المجتمع من حالة العوز إلى حالة من العزة، والكرامة، التي تثلج القلوب، وتجعل المواطن يتمسك بتراب وطنه، ويصونه، ويفديه بأغلى، وكل ما يملك.

إذا ما لاحت في الأفق بوادر الفرقة، والتشرذم؛ فإن الشائعات دون شك تستعر؛ كي تزيد من حالات الاستقطاب، وتصبح المجتمعات على مفارق طرق الصراع؛ فلا اعتبار لمذهب، أو عقيدة، أو محبة لوطن، أو لاعتبارات الإنسانية، التي تحض الفرد على التقارب، والتراحم، ودحر سبل التفرقة بينه، وبين أخيه؛ فالأمر ماض نحو صراع، يتلوه نزاع مسلح، يأكل الأخضر، واليابس، بل يضير بالحجر، والبشر، ويقضى على أحلام، وآمال الإنسانية قاطبة.

حينما تسقط أنظمة الدولة، وتطأ أقدام المغرضين أراضيها؛ حينئذ تتوقف شائعات من يبثون الفرقة؛ ليؤصلوا ويعضدوا مذهبهم الجديد؛ فتستبدل الشائعات الهدامة بأخرى تحمل في طياتها الأكاذيب، والوعود الوردية؛ بغية استتباب الأمر لجماعات الظلام؛ فالأمل معقود على تغييب العقول، وتيه الأذهان؛ لتتعلق بآمال من المستحيل أن تحدث على أرض قد ملئت الخيانة أرجائها، واستباحت أيدي الغادرين دماء الأبرياء بها.

الوعي، والفِطْنةِ، والحِكْمةِ، أسلحة فتاكة، تقضي على أثر الشائعات المغرضة، مهما كان محتواها على درجة كبيرة من الاحترافية، والخداع؛ فإدراك الشعوب حائط صد منيع، وسياج حماية للأوطان، من المستحيل أن يتجاوزه أصحاب الغايات الخبيثة، والأجندات الرخيصة، والأهداف غير السوية.

إدراك آليات تفكير العدو، ومن يكيد المكائد للأوطان، يساعد في دحر ما يخطط له، غير المأسوف عليهم، في شتى أرجاء المعمورة؛ حيث يتم قطع الطريق أمام مستهدفاتهم؛ ومن ثم يقعون سريعًا في شر أعمالهم، ويتساقطون كما يتساقط الورق الأصفر في موسم الخريف، وهذا يؤكد على ضرورة إمداد الشعوب بالمعرفة، التي تستند على مصادر رسمية؛ كي لا يقع المواطن في براثن أكاذيب أصحاب الشرور.

أعتقد أن من يشاهد صور الخراب، التي قد غدت تملأ أرجاء المعمورة، ويظل يحاول إحداث ما يزيد من رقعة هذا الدمار؛ فإن نشر الشائعات بالنسبة لمعتقداته، وفكره المشوب، أقل ما ينبغي تقديمه من خلال منابره المغرضة، وهنا ندرك أن التوغل في الضلال، قد أضحى مرضا مزمنا، لدى كل الجماعات التي تستهدف النيل من المجتمعات، والدول مستقرة الأركان، وعالية البنان، والبنيان.

إن من يحمل أجندة تستهدف مؤسسات وطنية، تحمي الأرض، والعرض، لا أصفه إلا بالخائن الغادر؛ فهو لا يستحق رحمة ، ولا شفقة، بل بات استئصال شئفته أمرًا لا مناص، ولا رجوع، ولا مهادنة فيه، بغض النظر عن كونه مأجورٌ، أو مُغرَّرٌ به، أو مغيبٌ، أو لديه وعيٌّ مشوبٌ؛ ومن ثم لا أسف عن فئة تخرج عن سياق واحة الوطنية، وتنحاز إلى بؤرة الفساد، والإفساد، والمجاهرة، تجاه كره الأوطان، ونؤكد بلسان مبين على مسلمة فحواها، إن شعب مصر لا ينسى من أسْدى إليه معروفًا، ولا يتركُ من أساء إليه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.