الداى حسين يصفع سفير فرنسا.. ما الذى حدث بعد حادثة المروحة؟

تمر، اليوم، ذكرى وقوع حادثة قصر القصبة حين لطم حاكم الجزائر الداى حسين قنصل فرنسا بالمروحة، وكان ذلك فى مثل هذا اليوم 29 أبريل من عام 1827م، فما الذى حدث.
رغم اعتراف الجزائر بالجمهورية الفرنسية الجديدة المنبثقة عن الثورة الفرنسية، إلا أن ذلك لم يمنعها من التفكير فى مشروعها الحضارى المتمثل فى الاستعمار، ويشير السياسى الجزائرى مولود قاسم إلى رسالة نابليون بونابرت التى بعث بها إلى وزيره "ديكريس" يوم 18 أبريل 1808م يقول فيها: "فكِّروا فى إعداد غزوة للجزائر، وذلك على كلا المستويَين؛ البحرى والبرى".
كلّف نابليون "بوتان" لإعداد خطة هجوم على الجزائر من سيدي فرج في يوليو 1808م، كما جاء فى كتاب "ملحمة الجزائر.. شرح تاريخي لإلياذة الجزائر لشاعر الثورة مفدي زكريا"، لسمير نور الدين دردور.
في بداية الأمر كان دفع المقابل المالي لأي معاملة تجارية يُسدَّد من الحكومة الفرنسية إلى الجزائر بصفة مباشرة، فلجأت فرنسا إلى اعتماد وساطةٍ ماليةٍ يقوم بها ميشيل بكري كوهين المعروف بابن زاهوت، ونافتالي بوشناق المعروف ببوجناح، وهما تاجران يهوديان قدِما من إيطاليا سنة 1770م واستقرَّا بالجزائر، يعود لهما أمر الوهن الذي أصاب الاقتصاد الجزائري، والقيود السياسية التي أدَّت إلى حصار الجزائر والحملة عليها واحتلالها.
وبلغ نفوذ اليهوديَّيْن مبلغ القدرة في توجيه سياسات الجزائر واقتصادها، وكان لهما الباع الطويل في تعيين موظفي الدولة الساميين، وعقد الاتفاقيات مع الخارج والتفاوض مع الدول الأجنبية.
كان التحضير للانتقام من بوشناق عاملًا مشتركًا بين العديد من الجزائريين والأتراك؛ حيث قام أحد الجنود الإنكشاريين سنة 1805م باغتياله، ثارت نعرة اليهود لمقتله، ويرجح أن يكون مقتل الباشا مصطفى فى تلك السنة فى سياق الانتقام.
فى زمن تجاذب المصالح والنزاعات الحاصلة عن دفع الديون وتهديدات الحرب البحرية واكتشاف الداى حسين لخدعة إيقاع الجزائر التى نسج خيوطها القنصل الفرنسى بالجزائر دوفال مع شركة يهودية، وقعت فى يوم عيد الأضحى المصادف 29 أبريل 1827م حادثة المروحة المشهورة؛ "فقد حضر كالعادة القناصل الأجانب، ومن بينهم دوفال، لتهنئة الباشا حسين، ودار حديث بين الباشا والقنصل الفرنسي حول رد فرنسا على طلبه المتعلِّق بدفع الديون، فكان رد القنصل غامضًا، ولعله كان مهينًا للباشا… وأمره بالخروج، وعندما لم يتحرَّك ضربه بالمروحة التي كانت بيده".
أُعلنت الحربَ على الجزائر في يوم 16 يونيو 1827م، وجهَّزت فرنسا وإنجلترا وروسيا عُدَّتها وعددها لخوض المعركة النهائية ضد الجزائر، فوقعت معركة نافارين الشهيرة يوم 20 أكتوبر 1827م التي تحطَّم فيها الأسطول الجزائري تحطمًا كليًّا، ثم ضُرب الحصار البحري على الجزائر.
قرَّر مجلس الوزراء الفرنسي في 30 يناير 1830م القيامَ بحملة على الجزائر، وفي 7 فبراير 1830م أقرَّ الملك شارل العاشر مشروع الحملة، وعيَّن الكونت دي بورمون قائدًا لها، والأميرال دوبيري قائدًا للأسطول البحري.
نزلت القوات الفرنسية المحتلة أرض الجزائر عبْر سيدي فرج في 14 يونيو 1830م، ونصب القائد العام الفرنسي دي بورمون مقرَّ قيادته في زاوية سيدي فرج.
استنفر الباي إبراهيم جنوده لمقاومة القوات الغازية، غير أنه انهزم في معركة إسطاولي في 19 يونيو 1830م، لم يكن الوضع يدعو للطمأنينة؛ فبعد تمركُز الفرنسيين بساحل سيدي فرج وفشل محاولات الجزائريين لرد العدوان، أصدرت القوات الفرنسية الغازية بيانًا للسكان الجزائريين تدعوهم فيه للتعاون مع الفرنسيين للتخلُّص من "جور الأتراك".
لم يكن أمام الباشا حسين إلا التوقيع على معاهدة الاستسلام في 5 يوليو 1830م مع شارل العاشر، والتي أمضاها نيابة عنه الجنرال دي بورمون.
Trending Plus