محمد دياب يكتب: ترامب يطلب الرحمة ويبيع السلاح

قد لا تكون الكارثة في أن رئيس الولايات المتحدة يطلب من نيتانياهو الرفق بسكان غزة الكارثة الحقيقية أن أحداً لم يضحك بعد !
الرجل الذى بارك القصف، ووقّع صفقات الذخيرة، ورفع الغطاء عن كل قرارات مجلس الأمن، قرر فجأة أن يلعب دور الواعظ، ويُهدى القاتل وصية ناعمة: لا تذبحهم بعنف !
ما هذا العبث الأخلاقي الذي يسمح لمُشعل الحريق أن يتقدّم ببلاغ ضد الدخان؟
كيف يستقيم العقل حين يتلقى العالم دروساً في الرحمة من راعٍ رسميٍّ للدمار؟
هل صار الموت قابلاً للتفاوض؟ هل أصبح القتل وجهاً من وجوه الرحمة إذا جاء بتوصية أمريكية؟
ترامب – فى مشهده المسرحي المعتاد – أراد أن يبدو إنسانياً.. لكنه نسى أن العالم لم يفقد ذاكرته بعد. نسى أن غزة تعرفه جيداً.. لا كزعيم، بل كمتواطئ. لا كحامٍ للسلام، بل كراعٍ كامل للفوضى، ومموّل دائم للذخيرة والغطاء السياسي
إنه رجل يتقن التوقيع على قرارات الحرب، ثم يتقمص دور الراهب حين تبدأ المجازر هذه سياسة سيرك دولي تتبدل فيها الأقنعة على وجوه القتلة
حديثه مع نيتانياهو خالٍ من أي ملامح للنصيحة، وجاء كمشهد هزلي مشوش، حيث يؤدي كلاهما أدواراً باهتة في مسرحية تفتقر إلى المنطق
ترامب لا يطلب الرحمة.. هو فقط يُحاول غسل يديه أمام الكاميرات، بعدما شارك فى صنع المجزرة خلف الكواليس إنه يُجيد الكلام، ويتقن الأداء، لكنه فشل فى أن يُقنع العالم بأنه يحمل قلباً
فالقوب الحقيقية لا تترك أطفال غزة تحت الركام، ولا تمدّ يدها لمصافحة القتلة تحت لافتة المصالح، ثم تعود في وقاحة لتطلب الرِّفق. لقد عرف العالم أمريكا من أفلامها، وأتقنت الشعوب قراءة فصول هذا العرض المتكرر
الواقع الآن يقول إن هوليوود انتقلت من السينما إلى السياسة، وإن الممثلين الكبار أصبحوا حاضرين على الشاشة ومقاعد القرار، يؤدون أدواراً مخجلة
تراجيديا دولية عنوانها "دماء العرب"، كتب نصّها الغرب، وأخرج مشاهدها البيت الأبيض، وتقمّص أدوارها ممثلون من ورق، يسيرون فوق خشبة الدم بتصفيق المصالح
مستر ترامب: لا أحد يقتل برِقة.. ولا أحد يُصدّق القاتل حين يرتدى قناع الطبيب النفسى وإن كنتَ تريد فعلاً أن تنقذ غزة، فابدأ بإلقاء السلاح من يدك ولا تطلب من شريكك أن يقتل ببطء، بل امنعه أن يقتل أصلاً
حين تتلوث اليد بالدم، لا تنظفها الكلمات، ولا تُطهّرها النوايا المزعومه والتاريخ لا يُخدع بمن يلعب دور الضحية وهو يَسوق الضحايا إلى المقصلة
هذا هو الفارق بين النصيحة.. والجريمة !
Trending Plus