هدية أم إعلان حرب؟.. أهل الفن يختلفون فى تقييم الذكاء الاصطناعى وأثره على صناعة الموسيقى والغناء.. هانى شاكر: مخيف وبلا ضمانات.. سميرة سعيد: مفيد للصناعة لكن لا بد من ضبطه وتنظيمه.. ومحمد فؤاد: سلاح ذو حدين

أهل الفن يختلفون فى تقييم الذكاء الاصطناعى
أهل الفن يختلفون فى تقييم الذكاء الاصطناعى
كتب - على الكشوطى

مع تطور قدرات الذكاء الاصطناعى وتدخله العميق فى المجال الفني، يواجه المبدعون تحديات غير مسبوقة قد تقلب موازين المهنة برمتها، فبإمكان الذكاء الاصطناعى اليوم إنتاج أغانٍ أو مقطوعات موسيقية كاملة فى ثوانٍ، بناء على مُدخلات بسيطة، مما يمحو الحدود بين المبتدئين والمحترفين، ويُربك مفهوم الإبداع الأصيل. والنتيجة أعمال فنية لا يُعرف مؤلفوها الحقيقيون، ولا حقوق ملكية فكرية واضحة لها، إذ يعتمد الذكاء الاصطناعى على استلهام -وربما استنساخ- أعمال فنانين سابقين دون إقرار أو تعويض عادل.

هذا الوضع يطرح أسئلة مُلحّة: كيف نحمى حقوق الفنانين وجودة الفن فى عصر الآلة؟ وكيف نوازن بين التطور التكنولوجى والحفاظ على البُعد الإنسانى للإبداع؟ فالتحدى ليس محليا، بل عالميا، خاصة مع عجز التشريعات الحالية عن مواكبة هذه الطفرة. والأكثر إثارة للقلق هو تزايد بيع «البصمات الفنية» مثل الأصوات أو الأساليب الموسيقية لشركات الذكاء الاصطناعي، حتى بعد رحيل الفنانين. فبينما يرى البعض فى ذلك فرصة للخلود الرقمي، يتخوّف آخرون من استغلال هذه البصمات خارج السياق الفنى أو الإنسانى الذى وُجدت من أجله وهو ما يطرح تساؤل هام من سيكسب في المنافسة بين الذكاء الاصطناعي والذكاء الطبيعي.

حتى مُطوّرو الـ«AI» ما زالوا يختلفون عليه، آباؤه يُحذّرون من المخاطر، وتُجّارُه يندفعون فى تحسينه دون ضوابط أو محاذير، دعا إيلون ماسك قبل فترة إلى تجميد أبحاثه عدة شهور، ويُطالب كثيرون بوضع قواعد وقوانين حاكمة، والخلاف على أشدّه داخل وادى السليكون، ولذا فمن الطبيعى أن يختلف عليه البشر العاديون، وأن يكون الخلاف حاضرا بين أهل الفن، من تطلعهم إلى طفراته ومزاياه، إلى مخاوفهم من انتكاساته وآثاره السلبية.

رحلة طويلة قطعتها تقنيات صناعة الموسيقى، من الأسطوانات إلى شرائط الكاسيت، ثم الـhard drive disk والـcd والـflash memory، وصولا إلى الـAI حاليا، تطورت الأدوات، وتوسع استخدام تقنيات التزييف العميقة deepfake وينخدع فيها الكثيرون، ومع كل إضافة جديدة من الذكاء الاصطناعى ستتضاعف المزايا، وتزداد المخاطر أيضا.

 

ترخيص يسمح للمؤلفين بالحصول على أجر مقابل استخدام أعمالهم لتدريب الذكاء الاصطناعي

وبين الرجاء والرهبة، والآمال والكوابيس، سعينا لاستطلاع آراء عدد من الفنانين والمبدعين، واستكشاف كيف ينظرون للتطورات الجديدة، وكيف يختلفون عليها بالاستحسان أو الاستهجان، وبالترقب والإقدام، أو التوجس والإحجام.

البداية كانت مع أمير الغناء العربى صاحب التاريخ الغنائى الطويل والذى عاصر الكثير من نجوم الفن ونهل منهم ومن خبراتهم، حيث يقول لـ«اليوم السابع»، إن بيع بصمة الصوت لشركات الذكاء الاصطناعى أمر خطير، خاصة أن ما سيتم إنتاجه بعد وفاة المطرب أو الفنان سيكون بلا روح، وسيكون «ماسخا» لأنه صوت ممسوخ من صوت الفنان أو المطرب الحقيقى، وبالتالى ستكون الأغانى مشوهة.

وأضاف «شاكر» أن الأمر يحتاج لكثير من الدراسة، هل بيع بصمة الصوت سيقتصر على تقديم الأغانى فقط؟ أم سيمنح هذه الشركات حق استغلال الصوت فى أى شىء وما الضامن أن هذا الصوت لم يستخدم فى تزوير التاريخ من بوابة أخرى بتقديم شهادة صوتية لفنان ما حول ظروف أو مواقف عاشها ويتم تزويرها ويتم تداولها على أنها حقيقة فى ظل غيابه وعدم قدرته على الدفاع أو توضيح الحقيقة.

 

الذكاء الاصطناعي.. هل تصلح المنظومة الحالية لحصار الانفلات الرقمي المحتمل؟

وعبر هانى شاكر عن قلقه الكبير حول الأمر، فقبل سنوات تربينا على ألا نصدق شىء إلا بعد أن نسمعه بأذاننا أو نراه بأعيننا، بعد الذكاء الاصطناعى سيكون ما نسمعه وما نراه محل شك بكل تأكيد وبالتالى الأمر مخيف، متابعا بأنه لا يستخدم أى تقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعى أثناء تسجيله أو تقديمه أى أغان، ولا يعرف ما الضامن له فى حالة بيع بصمة صوته أن الشركة التى ستشترى هذه البصمة ستقدم أغنيات بصوته بعد وفاته تليق بتاريخه وتليق بصوته وتتناسب مع ما قدمه من قبل عبر مشواره الفنى الممتد؟

من جانبها، وجدت الديفا سميرة سعيد، أن الأمر يحتاج لضوابط، وفى حديثها مع «اليوم السابع»، قالت إنها لا تعارض أى جديد طالما سيفيد الصناعة، ولكن لا بد من وجود ضوابط ولوائح تنظم هذه العملية وتضمن احترام تاريخ الفنان وسمعته، وتكون هناك شروط جزائية ومحددات تؤكد قدرة وأمانة هذه الشركات على تاريخ النجوم، لأن الفنان لا بد أن يضمن أن بصمة صوته سيتم التعامل معها بشكل لائق ويتناسب مع تاريخ الفنان وشكل مشروعه الغنائى.

 

ضحايا "فرصة العمر" ولعنة الذكاء الاصطناعى في زمن الحرب السيبرانية.. ChatGPT يرفع شعار "أسرارك وبياناتك للبيع" ولا عزاء للمخدوعين.. هيئة حماية البيانات الإيطالية تحظر deepseek.. واللينك المجهول سم قاتل

وأكملت الديفا حديثها، بأنها لديها 300 أغنية تم تنفيذهم بالذكاء الاصطناعى ومن كثرة دقة الأغنيات وجودتها محتارة فى اختيار أغنية تناسبها، مشيرة إلى أن الأغانى منفذة بالذكاء الاصطناعى كلحن وتوزيع، وحتى أن هناك مقترحات لشكل الغناء الصوتى بطبقاته وطريقة نطق الكلمات، وبالتالى هو تطور مذهل فى عالم الموسيقى والغناء، ولكن فى ما يخص الغناء، فالروح هى التى ستمنح الأغنية جمالا وتجعلها حقيقية، لأن الصوت لا يزوّر.

فيما قال النجم محمد فؤاد لـ"اليوم السابع"، إن الذكاء الاصطناعى سلاح ذو حدين، ورغم أنه قد يمنح المطرب عمرا على عمره باستخدام بصمة صوته بعد الوفاة، من الممكن أن يخصم منه أيضا، خاصة فى غياب شكل الضوابط المحددة لفكرة استخدام الذكاء الاصطناعى وبصمة صوت الفنان، وكيف سيتم استغلالها وهل لدى شركات الذكاء الاصطناعى من الأمانة أن تحافظ على تاريخ الفنان وتقدم أعمالا على نفس المستوى الذى يقدمه طوال تاريخه؟ أم من الممكن أن يستخدم الصوت فى أعمال لا تليق بتاريخ الفنان وقد تسىء له وقد تستخدم استخدامات غير أخلاقية يتم من خلالها تزوير هوية وتاريخ الفنان الذى رحل عن عالمنا ولا يستطيع الدفاع عن نفسه أو تصحيح الأمر.

وأضاف "فؤاد" أن الذكاء الاصطناعى من المؤكد أنه مفيد للفن والموسيقى، لكنه فى الوقت ذاته خطر كبير فى حالة استخدامه بشكل غير صحيح أو طبقا لأهواء قد تضر بسمعة آخرين، أو تزور مواقف حياتية لا يعرفها الجمهور، مشددا على ضرورة وضع تشريعات وقوانين لا تقل ذكاء عن الذكاء الاصطناعى، لضبط القادم، وحصار الظواهر السلبية، وحفظ حقوق الفنانين وحماية المجتمع.

 

منافسة مفتوحة بين الذكاء الطبيعى والذكاء الاصطناعى.. يا ترى مين الكسبان؟

المؤلف الموسيقى فتحى سلامة الحاصل على جائزة "جرامى" العالمية، قال فى حديثه لـ«اليوم السابع»، إن فكرة الذكاء الاصطناعى ليس بالبساطة التى يتخيلها البعض، خاصة أن الأغنيات ستخرج بلا روح أو هوية لصاحب الصوت الأصلى، متمنيا أن يحقق الذكاء الاصطناعى شىء جيد ومحترم.

وأشار المؤلف الموسيقى فتحى سلامة، الحاصل على جائزة الجرامى العالمية، إلى أن الذكاء الاصطناعى قد يجد لنفسه مجالا كبيرا، فى مصر، لأن أغلب من على الساحة سواء ملحنين أو موزعين، مكررون ولا يقدمون جديدا، بالإضافة إلى أنه يرى أنه لا يوجد صوت يستحق أن يباع بصمته صوته لأن الكثير من المطربين فى النهاية لا يقدمون فنا حقيقيا.

 

من يحفظ حقوق مطربي الزمن الجميل من مخاطر الذكاء الاصطناعى؟

أما المؤلف الموسيقى خالد حماد، فقال لـ«اليوم السابع» إن الذكاء الاصطناعى يهدد البشرية بالكامل، وأنه خلال 40 عاما من الآن، سنرى قصص أفلام الخيال العلمى ونهاية العالم تتحول لحقيقة وسيعيشها كل من هو على قيد الحياة وقتها.

وأشار خالد حماد، إلى أن الذكاء الاصطناعى سيكون سببا فى اضمحلال كل التخصصات، لأن الجميع سيعتمد عليه، وبالتالى المخ لم يقم بدوره مثلما حدث ولا يزال يحدث بعد أن اعتمدنا على الآلة الحاسبة، فأصبح أغلب الناس غير قادر على الجمع أو الطرح أو الضرب، وذلك لأن الجزء الخاص بتلك العملية فى المخ لا يعمل ولا يتدرب على الضرب والطرح والقسمة، وبالتالى حصل نوع من الخمول وعندما تسأل شخصا 8 فى 9 بكام، يفتح هاتفه المحمول ويقوم بالعملية الحسابية على الهاتف.

وأكمل خالد حماد أن الذكاء الاصطناعى أداة للسيطرة على الكرة الأرضية، لأنه لا جدوى من وزارة للثقافة أو لصناعة أفلام ومعاهد تمثيل أو موسيقى إذا كان الذكاء الاصطناعى سيقوم بكل الأدوار، هو من يؤلف السيناريو والجملة اللحنية وببصمة الصوت يغنى وهو ما سيتسبب فى ضمور لعالم الموسيقى.

 

هل يهدد الـ"Ai" تراث أساطير الفن حول العالم؟

وأكد أن الذكاء الاصطناعى فى حد ذاته يعتدى على حقوق الملكية الفكرية والحقوق القانونية والدستورية، لأنه يخزن إبداعات بيتهوفن وغيره من الموسيقيين ويقدم لك ما تطلبه منه من خلال هذا المخزون وبالتالى، هو بالأساس يسطو على حقوق من اقتبس منهم كل المعلومات التى يقدمها لك عندما تطلبها، كما أبدى مخاوفه من انتهاء الحضارة الإنسانية كلها، لو لم تقف حكومات العالم وتتحد فى مواجهة الذكاء الاصطناعى.

الناقد طارق الشناوى، كان له رأى مختلف مع كل المخاوف من الذكاء الاصطناعى، حيث قال لـ«اليوم السابع»، إن تلك المخاوف تذكره بالشيخ رفعت والذى أقنعه البعض بحرمانيه تسجيل القرآن على أسطوانة، وهو ما تسبب فى ضياع الكثير من تاريخ الشيخ رفعت، وأكمل حديثه بأن الذكاء الاصطناعى هو قراءة ذكية للزمن، وهو امتداد لتقنيات كثيرة ظهرت وامتداد للكمبيوتر والذى تخوف منه البعض وأنه سيقضى على البشر ولكن هذا لم يحدث.

أما فى ما يتعلق ببيع بصمة الصوت فقال إنها تقنية جديدة ولكن لا يستطيع أحد أن يستنسخ الوجدان، لأن على سبيل المثال تقنية الهولجرام لم تعوض غياب أم كلثوم أو عبدالحليم، لأنه لا توجد قدرة بشرية على تخليق الوجدان، هو فقط يقدم شيئا يشبه أم كلثوم أو يشبه عبدالحليم لكنها فى النهاية ليست كوكب الشرق ولا العندليب.

بينما قال الناقد الموسيقى محمد دياب، إنه منذ التسعينيات والعالم يتحدث عن إعادة الممثلين والمطربين للحياة من جديد، لكن فى الواقع أنه لم ينجح أحد فى ذلك، كذلك الصوت، الذكاء الاصطناعى لم ينجح أبدا فى تقليد الأصوات، وعندما تم استخدام صوت أم كلثوم فى أغنية حديثه بالذكاء الاصطناعى، فشلت، لأنه لم يرتق حتى لتقليد الصوت، والواقع يقول إن عمر فتحى والذى كانت له بصمة قوية فى عالم الموسيقى والغناء إذا تم تخليق صوته بالذكاء الاصطناعى حاليا، هل سيسمعه أحد؟ بالتأكيد لا، وأغلب الأجيال الجديدة من المطربين لن يسمعهم أحد بعد وفاتهم، لأن طبيعة المستمع تغيرت ولأن أغلبهم لم يقدم ما يعيش ويوَرّث مثلما فعلت الأجيال السابقة.

المؤلف-الموسيقي-فتحي-سلامة
المؤلف-الموسيقي-فتحي-سلامة

 

الناقد-الموسيقي-محمد-دياب
الناقد-الموسيقي-محمد-دياب

 

خالد-حماد
خالد-حماد

 

سميرة-سعيد
سميرة-سعيد

 

طارق-الشناوي
طارق الشناوي

 

محمد-فؤاد
محمد فؤاد

 

ندوة-هانى-شاكر-تصوير-سامى-وهيب-8-2-2021-(77)
هانى شاكر
p.3
صفحات العدد اليومى

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأحزاب السياسية وثقافة السلام

الأحزاب السياسية وثقافة السلام الثلاثاء، 20 مايو 2025 07:00 ص

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى