لماذا هدم الكريتيون مقابرهم الجماعية وأقاموا وليمة منذ 4000 عام في اليونان؟

في جزيرة كريت، المشهورة بقصورها المينوية وأساطيرها مثل متاهة مينوتور، اكتشف فريق دولي من علماء الآثار كيف كان الكريتيون القدماء "يقتلون" موتاهم رمزيًا؟ لم يكن هذا عملاً عنيفًا، بل كان طقسًا مُخططًا له بعناية لإغلاق فصل من تاريخهم، وفقا لما نشره موقع" labrujulaverde".
كشفت دراسة منشورة في مجلة Antiquity ، أنه قبل حوالي 3800 عام، أقام سكان المدينة الأثرية احتفالًا كبيرًا هدموا فيه مقابرهم الجماعية، وأقاموا وليمة، ودفنوا جثثهم إلى الأبد.
خلال العصر البرونزي (بين 3000 و1600 قبل الميلاد)، دفن الكريتيون موتاهم في مقابر جماعية ، وهي هياكل كبيرة مستطيلة أو دائرية ترقد فيها أجيال من العائلة نفسها، لم تكن هذه المواقع مجرد أماكن لحفظ الرفات، بل كانت أيضًا أماكن للتجمع تُقام فيها الطقوس وتُعزز الروابط الاجتماعية، مع ذلك، حوالي عام 1900 قبل الميلاد، بدأوا بالتخلي عن هذه الممارسات وتبني أشكال دفن جديدة، أكثر تحفظًا وأقل وضوحًا من الناحية الأثرية.
وجد علماء الآثار أدلة على مراسم فريدة، أولاً، دفن الأهالي آخر موتاهم في حفر صغيرة وأواني خزفية، ثم فككوا جدران المقابر بعناية، وسحقوا بعض الرفات جزئيًا لتسوية الأرض، وأقاموا وليمة كبيرة .
عُثر على طبقة من التربة تحتوي على آلاف من شظايا الفخار المكسورة، وبقايا أكواب وأطباق مطبخ، تعود جميعها إلى نفس الفترة (حوالي 1700 قبل الميلاد) ويوضح الباحثون أن هذه لم تكن مجرد قمامة ، بل كانت بقايا وليمة جماعية، عمل رمزي يُشير إلى نهاية حقبة .
يعتقد الباحثون أن هذه الطقوس لم تكن فعلًا عشوائيًا، بل استجابةً لتغيرات اجتماعية عميقة، في تلك الفترة تقريبًا، بدأ بناء القصور الأولى في جزيرة كريت، مثل كنوسوس ، وبدأت المجتمعات بالتنظيم بشكل أكثر مركزية، فقدت المقابر الجماعية، المرتبطة بالعائلات أو العشائر، أهميتها لصالح أماكن طقسية جديدة، مثل المزارات الجبلية أو الكهوف المقدسة.
بدفنهم النشط لمقابرهم، لم يكتفِ أهالى الموقع الأثرى بالتخلي عنها، بل جعلوها جزءًا من ذاكرتهم الجماعية ، كما يشير علماء الآثار. كان ذلك بمثابة قول: هذا لم يعد يُمثلنا، لكننا لن ننساه .
ليست المقبرة الوحيدة التي عُثر فيها على طقوس مماثلة، ففي موني أوديجيتريا، جنوب جزيرة كريت، أُفرغ قبر دائري ودُفنت عظامه في حفرة، مصحوبةً بمئات الكؤوس المكسورة وفي كيفالا بتراس، رُفعت بعض القبور بالحجارة في فعلٍ يُطلق عليه علماء الآثار "قتلًا رمزيًا".
تُعزز الدراسة فكرة أن المينويين لم يكونوا ثقافةً متجانسةً، بل كانوا مزيجًا من مجتمعاتٍ ذات تقاليد متنوعة، فبينما قاوم البعض التغيير بالتمسك بالعادات القديمة، أغلق آخرون، هذه التقاليد بشعائر احتفالية.
ويخلص علماء الآثار إلى أن هذه الطقوس لم تكن تقتصر على الأموات فحسب، بل كانت تشمل الأحياء أيضًا، كانت وسيلةً للتجمع في مواجهة الغموض.

الموقع الأثرى بجزيرة كريت
Trending Plus