الشيخ جاد الحق علم من أعلام الدقهلية.. حافظ على التراث الفقهي وجمع الفتاوى في 20 مجلدا.. 1328 فتوى في فترة توليه مفتيًا للديار المصرية.. كان يرفض المكافآت والحوافز وأصبح وزيرا للأوقاف وشيخا للأزهر خلال شهرين

عالم جليل، ورجل مخلص، قدم لدينه ووطنه جهدا غزيرا، وأعمالا جليلة تجاوزت حدود الوطن لتفوح بعطرها في أنحاء العالم الإسلامي، زهد في مكافآته، وحوافزه، وعاش حتى آخر عمره حياة بسيطة متواضعة، لم يألو فيها جهدا، ولم يدخر فيها علما، وجعل كل أبحاثه، ومؤلفاته في سبيل الله؛ إيمانا منه بأن أفضل الأثر هو ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، إنه الشيخ الصالح جاد الحق علي جاد الحق ابن الدقهلية البار، وواحد من أهم أعلامها، الذين تخلدت ذكراهم بطيب الأثر، وباسم لمدرسة في قلب مدينة المنصورة تحمل اسم العالم الجليل "مدرسة الشيخ جاد الحق الإعدادية الذكية للبنين"، التي تأسست عام 1972م في شارع بورسعيد بالعاصمة الدقهلاوية.
الشيخ جاد الحق ابن قرية بطرة
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق ولد في قرية بطرة، التابعة لمركز طلخا 5 إبريل عام 1917م، 13 جمادي الآخر 1335هـ في أسرة معروفة بالطيبة والصلاح، وتلقى تعليمه الأولي في كُتاب الشيخ سيد البهنساوي بالقرية، فتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمعهد الأحمدي بطنطا، وأنهى به المرحلة الابتدائية، ثم انتقل إلى المرحلة الثانوية، ولكنه استكملها في المعهد الديني بالدَرَّاسَة بالقاهرة، ثم التحق بكلية الشريعة الإسلامية، وتخرج فيها عام 1944، حاصلاً على الشهادة العالمية.
القاضي جاد الحق
تخصص الشيخ جاد الحق في القضاء، إذ كان الأزهر يتيح لمن يحصل على العالمية في الشريعة أن يتخصص في القضاء بعد عامين من الدراسة، وعمل بعد التخرج في المحاكم الشرعية في عام 1946م، ثم عين أمينًا للفتوى بدار الإفتاء المصرية في عام 1953م، لكنه عاد مرة أخرى إلى المحاكم الشرعية قاضيًا في 1954م، ثم انتقل إلى المحاكم المدنية في 1956م، بعد إلغاء القضاء الشرعي، وظل يعمل بالقضاء، ويترقى في مناصبه حتى عين مستشارًا بمحاكم الاستئناف في 1976م.
واسطة الرئيس مبارك في الحربية وإمام القرية في الإجازات
كان الشيخ جاد الحق يحب أن يقضي إجازاته في قريته بطرة، ويؤم الناس في الصلاة، ويلقي عليهم دروساً دينية ما بين صلاتي المغرب والعشاء.
وكان الحاجب الخاص به هو والد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وقد ساعد الشيخ جاد الحق والد الرئيس الأسبق فى إلحاق ابنه في الكلية الحربية، فكان واسطته، ولم ينكر ذلك الرئيس الأسبق، وكان يحترم ويوقر الشيخ جاد الحق كثيرا.
حافظ على التراث الفقهي وجمع الفتاوى في 20 مجلدا
تم اختيار الشيخ جاد الحق عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية في 1980، وقبلها بعامين عين الشيخ مفتيًا للديار المصرية في أغسطس 1978م، وكان له دورا كبيرا بها من خلال تنشيط دار الإفتاء، والمحافظة على تراثها الفقهي، فعمل على اختيار الفتاوى ذات المبادئ الفقهية، وجمعها من سجلات دار الإفتاء المصرية، ونشرها في مجلدات وصل عددها لعشرين مجلدًا، تعد ثروة فقهية ثمينة؛ كونها تمثل القضايا المعاصرة، التي شغلت بال الأمة الإسلامية في فترة معينة من تاريخها، علاوة على استنادها للمصادر والأصول، التي تستمد منها الأحكام الشرعية.
وضمت الفتاوى كل ما صدر عن دار الإفتاء المصرية في الفترة الممتدة ما بين 1895م، وحتى 1982 ، وحوى المجلد الثامن، والتاسع، والعاشر من سلسلة الفتاوى اختيارات من أحكامه وفتاواه، والتي وصل عددها إلى نحو 1328 فتوى في الفترة التي قضاها مفتيًا للديار المصرية.
وزيرا للأوقاف وشيخا للأزهر خلال شهرين
تم تعيين الشيخ جاد الحق وزيرًا للأوقاف في يناير 1982، ولم يبقى في منصبه سوى شهرين تقريبا؛ وذلك لاختياره شيخًا للجامع الأزهر في 17 مارس 1982، وفي سبتمبر عام 1988 تم اختيار الشيخ جاد الحق رئيسا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
انتشار واسع غير مسبوق للمعاهد الأزهرية في عهد جاد الحق
كان الأزهر الشريف محظوظا في عهد الشيخ جاد الحق؛ إذ شهد نهضة كبيرة، وانتشارا واسعا للمعاهد الأزهرية في أنحاء القرى والمدن المصرية بشكل غير مسبوق؛ إذ وصل عدد المعاهد الأزهرية في عهده لأكثر من 6 آلاف معهد.
نشر فروعا للمعاهد الأزهرية في الأقاليم وفتح الباب للوافدين
تجاوز جهد الشيخ جاد الحق حدود الوطن، فعمل على نشر المعاهد الأزهرية في شتى بقاع العالم الإسلامي، فأنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في قلب أفريقيا مثل تلك التي أنشأها في تنزانيا، كينيا، الصومال، جنوب إفريقيا، تشاد، نيجيريا، المالديف، جزر القمر، وغيرها من البلدان الإسلامية، كما فتح باب الأزهر واسعًا أمام الطلاب الوافدين من الوطن الإسلامي وحتى من خارجه، وزاد من عدد المنح الدراسية لهم؛ حتى يعودوا لأوطانهم محملين بالعلم، ودعاة للإسلام.
فتح فروعا لجامعة الأزهر في الأقاليم وعقد لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية وزراعية وثقافية
لم يقتصر جهد الشيخ على إنشاء العديد من المعاهد الأزهرية في كل القرى والمدن المختلفة، بل تعدى ذلك إلى إنشاء فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر.
وعقدت الجامعة في عهد الشيخ لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية، وثقافية، وزراعية مهمة تحدد رأي الأزهر والإسلام فيها.
آخر قراراته إقامة مدرسة مسائية للرجال والنساء لتدريس جميع فروع العلوم الإسلامية
كان آخر قراراته لنهضة الأزهر وإبراز دوره في نشر رسالة الإسلام هو إقامة مدرسة مسائية للرجال، والنساء؛ لتدريس جميع فروع العلوم الإسلامية على شكل مركز مفتوح للدراسات الإسلامية بالأزهر الشريف؛ لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، ولتوضيح حقائق الدين السمحة البعيدة عن التطرف، والتعصب، والجهل، والداعية للمحبة والسلام.
شقة متواضعة بالإيجار ومنضدة عفا عليها الزمان صدر من عليها أهم بيانات الأزهر والفتاوى وأقوى الحوارات السياسية
استأجر الشيخ جاد الحق شقة متواضعة الأثاث بالدور الرابع بحي المنيل بالقاهرة، تضم مكتب عبارة عن منضدة قديمة عفا عليها الزمان، ولم يفكر الشيخ جاد الحق أن يغيرها، أو يجددها طوال 40 سنة، وفوقها صاغ كل ما صدر من بيانات للأزهر، وصدرت أعظم فتاوى، وأقوى الحوارات السياسية.
كان يرفض المكافآت والحوافز
على الرغم من تولي الشيخ جاد الحق للعديد من المناصب الرفيعة إلا أنها لم تغير فيه شيئاً أبدا، وظل متواضعا بسيطا في طباعه وتعاملاته مع الناس، ولم تختلف حالته المالية في أيامه الأخيرة عن تلك التي كانت في بداية حياته العملية، ففي كلتا الحالتين كان موظفاً يتقاضى راتبه من الدولة دون مكافآت أو حوافز، كما لم يكن يحصل على أية أموال تأتيه مقابل أبحاثه، وكتبه القيمة؛ لأنه كان مصرا أن يجعلها في سبيل الله.
مؤلفات الشيخ وتكريماته
ومن أهم مؤلفات الشيخ جاد الحق: "الفقه الإسلامي مرونته وتطوره، بحوث فتاوى إسلامية في قضايا معاصرة، أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية، رسالة في الاجتهاد وشروطه، رسالة في القضاء في الإسلام، مع القرآن الكريم، النبي ﷺ في القرآن، الدعوة إلى الله، ونفس وما سواها".
تم تكريم الشيخ جاد الحق بالعديد من التكريمات، والجوائز على رأسها: وشاح النيل من مصر في 1983م، بمناسبة العيد الألفي للأزهر، ووسام الكفاءة الفكرية والعلوم من الدرجة الممتازة من المغرب، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 1995م.
وفاة الشيخ جاد الحق
توفي الشيخ جاد الحق فجر الجمعة 15 مارس 1996م بالقاهرة، بعد أن تقلد العديد من المناصب الرفيعة، وخدم الدين والعلم في كل منصب تقلَده؛ سواء كان قاضيًا، أو مُفتيًا، أو وزيرًا، أو شيخًا للأزهر، وقدم اهتماما كبيرا بالبحوث في مختلف أصول الدين، وفروعه، والمعارف الإسلامية على اختلافها؛ الأمر الذي أثمر عن نتائج وفوائد جمَّة، وعظيمة، منها التوسّع في إنشاء المعاهد الدينية الأزهرية في أنحاء مصر، والعالم الإسلامي، والكليَّات، ومكاتب الدعوة والإرشاد؛ فتضاعف عدد تلك المؤسسات أضعافًا كبيرة داخل مصر وخارجها في عهده.

الشيخ جاد الحق أثناء كتابة أحد بيانات الأزهر

الشيخ جاد الحق خلال أحد المؤتمرات

الشيخ جاد الحق علي جاد الحق علم من أعلام الدقهلية

الشيخ جاد الحق علي جاد الحق

الشيخ جاد الحق مع الشيخ الشعراوي

الشيخ جاد الحق من أعلام الدقهلية

مدرسة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق الإعدادية الشكية للبنين
Trending Plus