يد تعجن بالإيمان وتختم بالبركة.. رحلة صانع القربان بين قدسية الخبز ومشقة العمل.. رمز روحى بالطقوس الكنسية وبركة للمصلين.. والحمل قدس الأقداس على المذبح يحمل أسرار العقيدة.. ويؤكد: هذه المهنة جوهرة لا تقدر بثمن

ميلاد جرجس أحد أقدم صانعي القربان
ميلاد جرجس أحد أقدم صانعي القربان
كتبت – بتول عصام

فى قلب الطقوس الكنسية، يحتل "القربان المقدس" مكانة خاصة، فهو ليس مجرد خبز يُخبز بالماء والدقيق، بل هو رمز ديني يحمل بين طياته معاني روحية عميقة. من داخل المخابز التي تُعدّ هذا الخبز المقدس الطقسي، تحدث "اليوم السابع" مع ميلاد جرجس، أقدم صانعي القربان، في كنيسة السيدة العذراء مريم بحارة زويلة، الذي كرس حياته لهذه المهنة المقدسة منذ أكثر من خمسين عامًا، إذ تعتبر رحلة صانع القربان هي مسيرة إيمان وتفانٍ، تجمع بين قدسية الطقس، ومشقة العمل، وبركة العطاء.

القربان بين الطقس والتقليد

القربان المقدس هو أحد أهم الطقوس في الكنيسة، حيث يُصنع من مكونات بسيطة: الدقيق والماء والخميرة فقط، دون أي إضافات أخرى. يُعد القربان وفق تقاليد صارمة، حيث يتم عجنه وتقطيعه، ثم يُختم بختم يحمل نقوشًا دينية مثل "أكسيوس أكسيوس"، مما يضفي عليه طابعًا روحانيًا فريدًا. بعد ذلك، يُترك ليختمر قبل أن يدخل الفرن ليُخبز بدرجة حرارة مناسبة تعطيه الشكل المطلوب.

وتحمل أحيانًا كل قربانة ختمًا خاصًا، يتوسطه صليب كبير تحيط به 12 صليبًا صغيرًا، رمزًا للمسيح وتلاميذه. كما يُنقش عليها عبارة "قدوس الله" باللغة القبطية، وهي التسبحة التي أنشدها الملائكة أثناء دفن السيد المسيح.

"الحمل" بين القدسية والدقة

يتميز "الحمل"، وهو القربان المخصص للمذبح، بخصوصية أكبر: "يجب أن يكون عدده فرديًا (3، 5، 7، 9، 11)، كما ينبغي أن يكون مدورًا تمامًا، وأن يكون ختمه في المنتصف بدقة. يختلف ختم "الحمل" عن القربان العادي، فهو أكبر حجمًا ويحمل رموزًا دينية خاصة. عند صناعته، تُقرأ المزامير أثناء العجن، نظرًا لاعتباره جزءًا مقدسًا من الطقس الكنسي".

القربان بين البركة والطعام

إلى جانب خبز الحمل الذي يُستخدم أثناء القداس، هناك القربان العادي الذي يُوزع على المصلين بعد انتهاء القداس، ليكون بركة لهم وحتى يتمكنوا من تناول شيء بسيط بعد فترة الصيام. أما في "خميس العهد"، فتُضاف إلى القربانة علامة الصليب، كرمز لصلب المسيح، ويحتفظ بها البعض كبركة للسنة القادمة.

رحلة العمل من الفجر حتى منتصف الليل

عملية صنع القربان تبدأ في ساعات الفجر الأولى، حيث يعمل ميلاد جرجس بدأب لضمان أن يكون القربان طازجًا وجاهزًا للاستخدام: "نبدأ في الثالثة فجرًا لننتهي من خبز الحمل بحلول السابعة صباحًا"، مشيرًا إلى أهمية تحضيره طازجًا كي يكون جاهزًا للاستخدام أثناء القداس. أما القربان العادي، فيُخبز خلال النهار حتى ساعات المساء، حيث يستمر العمل أحيانًا حتى الثانية صباحًا.

رمزية "الإزباذيكون" والخمسة ثقوب

قبل دخول القربان إلى الفرن، يتم عمل خمسة ثقوب حول "الإزباذيكون"، وهو الجزء المركزي من الخبز، وترمز هذه الثقوب إلى المسامير الخمسة التي سُمّر بها المسيح على الصليب، مما يعزز البعد الروحي لهذا الخبز المقدس.

مهنة مقدسة رغم التحديات

صناعة القربان ليست مجرد حرفة، بل مسؤولية روحية تتطلب الدقة والالتزام: "هذه المهنة متعبة، خاصة مع حرارة الفرن ومخاطرها والذي يأخذ حوالي ساعتين حتى يتم تسخينه، لكنها رسالة قبل أن تكون عملاً"، مضيفًا ميلاد أنه ورث هذه المهنة عن والده منذ صغره، وعمل معه حتى أصبح مسؤولًا عنها بعد وفاته.

ورغم تقدم السن والتحديات التي تواجهه، لا يزال ميلاد جرجس متمسكًا بهذه المهنة التي يعتبرها "جوهرة لا تُقدر بثمن". فبالنسبة له، لم يكن خيار ترك الوظيفة الحكومية سهلاً، لكنه شعر أنه لا يستطيع التخلي عن "عمل الرب"، مؤكدًا: "قد يراها البعض مهنة بسيطة، لكنها تحمل في طياتها بركة عظيمة، ولا أستطيع التخلي عنها حتى آخر يوم في حياتي".

على مر السنين، استمر ميلاد في أداء هذه المهمة بكل حب وتفانٍ، محاطًا بأبنائه الذين يساعدونه في المواسم والأعياد. وبينما قد تكون هذه المهنة شاقة، إلا أنها تظل مصدر فخر وإيمان لأصحابها، حيث يواصلون نقل هذا الإرث الروحي للأجيال القادمة، لتظل الكنيسة تنبض برائحة القربان المقدس، رمزًا للإيمان والتضحية.

أحد أدوات صناعة القربان
أحد أدوات صناعة القربان
 
الفرن
الفرن
 
القربان - الخبز المقدس
القربان - الخبز المقدس
 
ختم القربان الصغير
ختم القربان الصغير
 
ختم القربان الكبير الخاص بالحمل
ختم القربان الكبير الخاص بالحمل
 
ختم القربان الكبير والصغير
ختم القربان الكبير والصغير
 
عجان القربان
عجان القربان
 
فرن الخبز المقدس
فرن الخبز المقدس
 
فرن القربان
فرن القربان
 
ميلاد أثناء إشعاله الفرن
ميلاد أثناء إشعاله الفرن
 
ميلاد جرجس أحد أقدم صانعي القربان
ميلاد جرجس أحد أقدم صانعي القربان
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بي اس جي ضد الريال.. مشوار عملاقي أوروبا إلى نصف نهائي كأس العالم للأندية

متى يتم طرد المستأجر .. شروط قانونية يجب توافرها

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

رابطة الأندية تستقر على إقامة قرعة علنية قبل انطلاق المرحلة الثانية للدورى الجديد

انطلاق خامس أيام الترشح لمجلس الشيوخ.. اعرف المستندات المطلوبة


المتهمان بسرقة الشقق: بنسرقها بأسلوب التسلق

بالأرقام.. حصاد ماريسكا مع تشيلسى بعد التأهل لنهائى كأس العالم للأندية

الطلائع يواجه الجونة وديا اليوم في معسكر الإسماعيلية

محاولات لإنهاء أزمة سيف الجزيرى في الزمالك

سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية


322 مليون دولار عالميا لفيلم Jurassic World: Rebirth

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

مبابي ضد باريس سان جيرمان في قمة تصفية الحسابات بمونديال الأندية

تفاصيل اتفاق الزمالك مع شيكو بانزا لاعب امادورا البرتغالى

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

ترك أعمالا مميزة واعتزل التمثيل فى الستينيات.. ذكرى ميلاد حسين صدقى

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

أحمد نادر جلال: السقا أبهرنى فى الكوميدى فى "أحمد وأحمد"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى