إقليم باثيريتيس فى مصر.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب

أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهى الدين، ضمن إصدارات سلسلة تاريخ المصريين، كتابا بعنوان "إقليم باثيريتيس فى مصر إبان العصر البطلمى" من تأليف سهام فتحى محمد.
يمثل هذا الكتاب دراسة أكاديمية عميقة لإقليم "باثيريتيس"، وهو أحد الأقاليم الإدارية فى صعيد مصر خلال العصرين البطلمى والرومانى، أنجزته الباحثة سهام فتحى محمد ونالت به درجة الماجستير فى التاريخ القديم (اليوناني والروماني)، وتعتمد الدراسة على منهج وثائقي تحليلي استند إلى عدد كبير من الوثائق الأصلية المكتوبة باللغتين اليونانية والديموطيقية، مثل أوراق البردي، والأوستراكا، والألواح الخشبية.
تكمن أهمية هذا الكتاب فى تسليطه الضوء على إقليم قلما تناولته المصادر الكلاسيكية، وهو إقليم باثيريتيس، الذى لم يُذكر ككيان إدارى واضح إلا فى عهد بلينى الأكبر فى القرن الأول الميلادى، قبل أن يندمج لاحقًا فى إقليم هيرمونئيتيس (Eopovoirms)، ورغم هذا التجاهل، استطاعت الباحثة من خلال الوثائق أن تعيد تشكيل صورة واضحة للإقليم فى عصر البطالمة، مستفيدة بشكل خاص من المصادر البردية التي تُعد من أثمن الأدلة على الحياة اليومية والإدارية في مصر القديمة.
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وتمهيد وأربعة فصول رئيسية، تتدرج فيها الباحثة من البناء الإدارى إلى التفاصيل الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
تناول الفصل الفصل الأول، الهيكل الإدارى للإقليم، مشتملاً على الحامية العسكرية وطبيعة النظام الأمنى، كما عرضت الباحثة للمراسلات الرسمية بين القادة، ولعب الموظفون المحليون دورًا بارزًا فى إدارة الإقليم على مختلف المستويات.. الأمنية، المالية، والقضائية، وقد اعتمدت الباحثة على الوثائق اليونانية لفهم المهام والمسئوليات التى أسندت إلى هؤلاء الموظفين.
وسلّط الفصل الثانى، الضوء على ثلاثة مكاتب أساسية داخل الإقليم: مكاتب التوثيق والتسجيل بإشراف الأجورانوموس، مخازن الغلال تحت إدارة السيتولوجوس، مع توثيق دقيق للأدوات والمكاييل، والبنوك، والتي كانت تُدار من خلال هيكل وظيفي معقّد يتضمن مديري بنوك ووكلاء ومراجعي حسابات.
كما استعرضت الباحثة الصيغ المتداولة في الوثائق، مما يعكس مهنية دقيقة في التعامل مع المصادر.
وغطّى الفصل الثالث، الجوانب الاقتصادية في الإقليم، من أنواع الأراضي الزراعية وقنوات الري والمحاصيل والضرائب، إلى وسائل النقل والتجارة، كما خُصصت أقسام منه لوثائق القروض، وضمانات الأراضي، وعمليات البيع والإيجار، مما يرسم صورة واضحة للاقتصاد المحلي في العصر البطلمي.
وتناول الفصل الرابع، التركيبة السكانية والعائلات التي استوطنت الإقليم، مع عرض لوصف المنازل، ومكانة المرأة، ووثائق الزواج والطلاق والوصايا. أما القسم الديني، فركز على العبادة الرسمية للبطالمة، والكهنة المرتبطين بكل ملك، إلى جانب عبادة الآلهة المصرية، خاصة إيزيس، موضحًا دور الكهنة ومنازلهم.
بيّن الكتاب بوضوح كيف كانت اللغة اليونانية تُستخدم في الوثائق الرسمية، بينما استمرت الديموطيقية في الحياة اليومية، لا سيما في العقود والزواج والإيصالات الضريبية، مع استخدام بعض الوثائق الثنائية اللغة، مما يعكس التفاعل الثقافي بين المصريين والبطالمة.
Trending Plus