الكاتبة المغربية أحلام نويوار: الكبار عندما يفرضون ذوقهم على الطفل يفسدون متعة القراءة.. الكتاب العربى الموجه للأطفال حقق تطورا وتراكما.. الكتابة للطفل ليست تقليدا للكبار بل مغامرة فى المجهول.. حوار

أحلام نويوار
أحلام نويوار
كتب احمد منصور

فى المشهد الثقافى المغربى والعربى، يبرز اسم الدكتورة أحلام نويوار كأحد الأصوات التى تجمع بين التكوين الأكاديمى والممارسة الإبداعية الموجهة للأطفال واليافعين، هى أستاذة التواصل والترجمة، وحاصلة على الدكتوراه فى أدب الأطفال والناشئة، وتعد من القلائل الذين ربطوا بين الدرس النظرى والمبادرة الميدانية، حيث كتبت القصة والرواية للناشئة، وشاركت فى العديد من المشاريع الثقافية والبحثية الرامية لتعزيز علاقة الطفل بالكتاب، إلى جانب مساهمتها الفاعلة فى مجال الترجمة، خاصة ما يتعلق بترجمة الموروث الثقافي والحكاية الشعبية.

من أعمالها البارزة "هل يوجد أدب للناشئة بالمغرب؟"، و"الملهمة والهدهد"، إضافة إلى كتب ومقالات وأبحاث حول أدب الطفل والترجمة، كما أنها حازت على الجائزة الأولى في القصة القصيرة من مؤسسة محمد السادس عام 2024، والجائزة الأولى في الشعر باللغة الفرنسية عام 2025.

فى هذا الحوار، خلال مشاركتها فى مهرجان الشارقة القرائى للطفل بدورته السادسة عشر، نقترب من رؤيتها الثقافية والإبداعية، ونتعرف على تقييمها لأدب الطفل فى العالم العربي، ودور الترجمة، وتفاصيل مشاركتها في مهرجان الشارقة القرائي للطفل.

 

ــ بدايةً.. كيف ترين واقع أدب الطفل والناشئة فى الوطن العربى اليوم؟ وهل ترينه يواكب تطلعات الأجيال الجديدة؟

يعرف أدب الأطفال والناشئة ومكانته في المشهد الأدبي والثقافي والإعلامي في الوطن العربي اليوم اهتماما متزايدا وتطورا ملحوظا يمكن اعتباره بمثابة مؤشر هام على مكانة الطفل حاليا فى المجتمعات العربية، فأدب الطفولة والناشئة يتطور بتطور مفهوم الطفولة فى حد ذاته والتمثلات الثقافية والاجتماعية حول هذه الفئة، ويمكن الحديث عن تطور كمي ونوعي مهم لأدب الأطفال والناشئة في الوطن العربي في الألفية الثالثة على ضوء التطورات التكنولوجية والتغيرات التي تعرفها توجهات الأطفال واهتماماتهم وأيضا ميولاتهم المختلفة، لكن هذا التطور يحتاج إلى انخراط أكبر للحكومات والآباء والمربون وإمكانيات أكبر في الإنتاج واستراتيجيات أكثر احترافية في النشر والتوزيع والتسويق للوصول الى عدد أكبر من القراء ولمواكبة تطلعات الأجيال الجديدة.

ويمكن الحديث عن نهج جديد وتطور ملحوظ تعرفه كتب الأطفال والناشئة بالدول العربية تعكس نظرة جديدة للطفل، هذا الأخير الذي يطمح لكتاب جيد في عالم مختلف يعرف متغيرات متسارعة.

 

ــ باعتبارك أستاذة للتواصل والترجمة وباحثة في أدب الأطفال.. ما أبرز التحديات التي تواجه كتاب وأدباء الطفل في العالم العربي؟

يتميز أدب الناشئة بكونه أدبا قصديا يستمد خصوصيته وتعريفه من طبيعة الفئة المتلقية وهو جزء من حقل الأدب يتضمن كل خصائص الأدب المحددة لدى النقاد، غير أنه يتميز بكونه يتوجه إلى متلق خاص بكل ما تحمله شخصيته من خصائص ومميزات، فهو إذن نوع أدبي خاص، يتوجه إلى فئة عمرية متدرجة من عمر الإنسان بلغة مناسبة وفقا لمعايير النص الأدبي للناشئة، إن المؤلف يخاطب فئة محددة من القراء - أي الناشئة - مع العلم أن الكِتاب لن يصل إلى هذا الجمهور إلا عن طريق وساطة الكبار "الآباء، الأساتذة، باعة الكتب، أمناء المكتبات"، وهنا تكمن الصعوبة بالنسبة للكَاتب الذى يجيد الكتابة للأطفال لكن يتعين عليه فى الآن ذاته إرضاء كل هؤلاء الوسطاء بين الطفل والكِتاب بمختلف انتظاراتهم، وهنا أيضا يكمن سوء الفهم الكبير أو وهم الكتابة للطفل الذي يصيب عددا كبيرا من الكتاب عن غفلة أو في أحيان كثيرة عن استسهال ساذج للتحديات التي تطرحها الكتابة لمتلق يفرض نفسه على كل كاتب يتوجه إليه، وفي كلتا الحالتين فان الكبار عندما يفرضون ذوقهم وانتظاراتهم على الطفل غالبا ما يفسدون متعة القراءة والعلاقة بين الطفل والكتاب، وباختيار الكاتب التوجه لهذه الفئة فهو يتخلى عن هامش مهم من حريته في الإبداع ليقوم بشكل واع وقصدي بتكييف محتوى كتبه مع مهارات القراء وعوالمهم.

وبالتالي فإنه يتعين عليه تجاوز تمثلاته الشخصية عن الطفولة والتمثلات الاجتماعية الموروثة للاقتراب من القراء المفترضين ومجالات اهتمامهم، فالطفل الذى يكتب له لا يشبهه فى شىء ولا يشبه الطفل الذى كانه فى الماضي، إنه طفل مغاير تماما من حيث تساؤلاته وهواجسه وأحلامه وتطلعاته فتصبح الكتابة بمثابة الإبحار في المجهول، إبحار لا يكفي التمكن من آليات الكتابة والسرد الأدبي كزاد له. وربما تكون الموهبة وحس المغامرة والاشتغال في ميادين تتيح الاقتراب من الناشئة والانصات لهم ومشاركتهم بعض أنشطتهم مفاتيح جيدة للتمكن من إزاحة ضبابية التمثلات حول المتلقي. وبالإضافة الى ذلك لا بد من الاقرار والوعي بالفكرة الضمنية أو المفترضة للوظيفة التي ينسبها المؤلف والآباء والبالغون إلى أدب الأطفال والناشئة، هل هو أدب مجاني غايته تحقيق متعة القراءة لذاتها أم أن له أهادفا تربوية وتعليمية محددة ووظائف أخرى معينة؟ كما تأثر أدب الأطفال والناشئة كغيره من الآداب بالثورة الرقمية وما صاحبها من تغيرات فرضت إعادة النظر في اليات الكتابة والنشر وكذلك أنماط التلقي الجديدة الأكثر ملاءمة لتطلعات واهتمامات الأطفال كما يجب مراجعة التمثلات التقليدية حول القراءة وعلاقة الأطفال والناشئة بالكتاب ولم يعد بأي حال من الأحوال ممكنا الكتابة والرسم والنشر والتوزيع والتسويق في مجال كتب الناشئة كما كان الحال من قبل. يمكننا أن نتحدث أيضا عن تنامي الوعي لدى الكُتاب وناشري كتب الأطفال بضرورة تجاوز الوعظ والارشاد والتلقين المباشر في الكتب لصالح أدب متنوع مرادف للاكتشاف والحلم والتأمل والمتعة.

ــ لكِ إسهامات متميزة في ترجمة الحكاية الشعبية والموروث الثقافي.. برأيك ما أهمية ترجمة التراث للناشئة؟ وكيف نوفق بين الحفاظ على الأصالة وجذب القارئ الصغير اليوم؟

كتبت عدة أبحاث أكاديمية عن أهمية ترجمة الحكاية الشعبية والموروث الثقافي والاشكالات المعرفية والمنهجية المرتبطة بها وقمت بترجمة قصتي السن اللبنية من الفرنسية إلى العربية وكان ذلك بمثابة تحدي حقيقي حفزني لدراسة مجال الترجمة الأدبية لكتب الأطفال فلا يقتصر الكتاب الموجه للأطفال والناشئة على كونه وسيلة للتنشئة والترفيه، بل هو أيضًا وسيلة لاكتشاف الذات والآخرين، حيث توفر ترجمة الكتب للقراء مساحات للتماهي والتمايز وتلعب دور الوسيط بين الأطفال والعالم الذي بحيط بهم، وتتناول كتب الأطفال الصادرة في الألفية الثالثة المسألة الثقافية من وجهات نظر مختلفة، وهي بذلك تؤسس لمرحلة مهمة من تاريخ هذا الأدب الذي يكتسب المزيد والمزيد من الزخم إلى جانب الجهود المبذولة لتدوين الحكاية الشعبية والموروث الشفهي وتقديم اقتباسات مختلفة ومبدعة، إن الحديث عن دور كتب الأطفال في تعزيز الهوية الثقافية والانفتاح على ثقافات العالم لا يعني أن الأطفال كائنات سلبية  قابلة للتشكيل تتلقى فقط.

فالطفولة مرحلة بيولوجية يحاول خلالها الإنسان إيجاد توازن بين بنيته الخاصة والبيئة المحيطة به من أجل استيعاب الواقع الخارجي، الطفل الصغير، لا يملك أفكارًا مسبقة عن الناس وكل ما حوله، بل يقيم علاقاته مع محيطه على أساس خبراته المكتسبة وتعلماته، ويؤكد علماء النفس على أهمية تعزيز الوعي بالهوية الاجتماعية والثقافية لدى الطفل في السنوات الاولى لكي يستطيع فيما بعد استيعاب الاختلاف الثقافي والتعايش مع خطابات مختلفة بعيدا عن الاستلاب والانبهار بالآخر أو التعصب والانغلاق، هذا مع مراعاة أن الطفل عندما يتناول كتابًا ليقرأه، يكون الدافع هو الفضول والرغبة في الاكتشاف وتحقيق المتعة وبهذا فقط يمكن أن تلعب القراءة دورًا مهمًا في النمو النفسي والوجداني للطفل.

 

ــ ما المعايير التي ترين أنها ضرورية لاختيار النصوص العربية لترجمتها إلى لغات أخرى خاصة في مجال أدب الأطفال؟

الأبعاد الأدبية والثقافية والفنية لكتب الأطفال ترتبط فيما بينها ارتباطًا وثيقًا، فهذه الكتب هي بمثابة بوتقة لتفاعل متعدد الأبعاد بين العالم الخاص بالمؤلف والمفهوم الثقافي عن الطفولة وتوقعات وأفق التلقي للقارئ الفعلي وليس المفترض، وتؤدي هذه العلاقة المعقدة مع المتلقي، والتي تدعم مشروعية وخصوصية هذا الأدب في حد ذاته إلى ظهور عدد من المعايير الجمالية والثقافية لعملية الترجمة منها ما هو مرتبط بالنص الأدبي في حد ذاته ومنها أيضا ما هو مرتبط بالسياق العالمي الحالي وبتوجهات دور النشر وسياستها التسويقية، ومنها أيضا ما يرتبط بالعادات الجديدة للناشئة وعلاقتهم بالقراءة، من جهة أخرى فقد حقق الكتاب العربي الموجه للأطفال تطورا وتراكما وزخما يؤهله لمخاطبة القارئ في مختلف البلدان مما يقتضي ايلاء مزيد من الاهتمام لترجمة الانتاجات العربية في مجال أدب الأطفال إلى لغات أخرى مختلفة لتعزيز حركيتها وجاذبيتها وانتشارها.

 

ــ نلاحظ أنكِ تشاركين في العديد من المبادرات لدعم القراءة لدى الناشئة.. ما الذي يحتاجه الطفل العربي اليوم ليصبح قارئًا نهمًا؟

حث الأطفال على القراءة يبدأ من الكبار أنفسهم بإعطاء القدوة وجعل الكتاب جزءا مهما من اهتماماتهم فالآباء والأساتذة والمربون لهم دور كبير في جعل القراءة ممارسة اجتماعية بالإضافة إلى كونها ممارسة فردية، كذلك من المهم تخصيص ركن للقراء بالمنزل وبحجرة الدراسة ورغم كثرة الحديث عن عزوف الأطفال والشباب عن القراءة وهوسهم بالشاشات فان بانوراما النشر للناشئة على المستوى العالمي عرف ازدهارا ملحوظا ولفهم اكبر لهذه الوضعية تغدو الحاجة ملحة لمراجعة التمثلات التقليدية حول القراءة وعلاقة الأطفال والشباب بالكتاب ماذا لو كانوا في الواقع يقرأون باهتمام اكبر و لكن بشكل مختلف ؟ لقد أصبح للناشئة توجهات جديدة في علاقتهم بالقراءة تتم أيضا عبر الشاشات من خلال تتبع الأنشطة الأدبية وصناع المحتوى والمؤثرين الذين يتنافسون في تقديم الكتب الجديدة والمتميزة على مستوى العالم ويتبادلون الآراء حولها، ويبقى أهم ما يحتاجه الطفل الوعي باحتياجاته المتجددة وتشجيعه على التعبير عن كتبه المفضلة واعطائه مجال أوسع لاختيار كتبه والاطلاع على أنواع مختلفة من الكتب ليجد الكتاب المناسب الذي سينمي لدي شغف القراءة.

 

ــ هل تعتقدين أن المدارس العربية تقوم بدورها في ترسيخ عادة القراءة لدى الطلاب؟ وكيف يمكن تفعيل هذا الدور بشكل أكبر؟

إن إدراج القراءة الحرة في المدارس ابتداء من مرحلة التعليم الاولي يمكن أن يكون الخطوة الأولى من أجل مجتمعات قارئة ولتحقيق دمقرطة الوصول إلى الكتاب الورقي والرقمي والانتاجات الفكرية الإنسانية في الألفية الثالثة، بالتأكيد دور المدرسة في تنمية حب القراءة لدى الأطفال هو دور أساسي ومهم للغاية، المدرسة ليست فقط مكانًا لتلقي المعرفة والمهارات، بل هي أيضا بيئة يمكن أن تزرع فيها حب القراءة والفضول المعرفي لدى الأطفال وذلك من خلال توفير بيئة محفزة بإنشاء مكتبات مدرسية تحتوي على مجموعة متنوعة من الكتب التي تناسب اهتمامات الأطفال وأعمارهم مع وجود أماكن مريحة لقراءة الكتب وتنظيم فعاليات القراءة مثل المسابقات الأدبية، وورش العمل، وعروض القصص، التي يمكن أن تساعد في جعل القراءة نشاطًا ممتعًا ومثيرًا، مثل هذه الفعاليات تساعد في جذب انتباه الأطفال وتعزز حبهم للقراءة. بالإضافة إلى إدخال القراءة في المناهج الدراسية،  من خلال جعل القراءة جزءًا من الحصص اليومية وليس فقط نشاطًا جانبيًا، وتشجيع القراءة الحرة مع إتاحة الفرصة للأطفال لاختيار الكتب التي يفضلونها وفقًا لاهتماماتهم الشخصية حيث يقرؤون ما يثير فضولهم.

ومن المهم أيضا تقدير القراء وتشجيعهم، من خلال  تكريم التلاميذ الذين يظهرون مهارات القراءة الجيدة يمكن أن يعزز شعور الأطفال بالفخر تجاه قدراتهم ويحفزهم على القراءة المستمرة. ويتعين على المدرسين تقديم نماذج للسلوك القرائي من خلال سلوكهم فعندما يُظهر المعلمون حبهم للقراءة ويشاركون تجاربهم الشخصية مع الكتب والقصص، يصبحون قدوة لتلاميذهم.

وبهذا يمكن للمدرسة أن تلعب دورًا محوريًا في تنمية حب القراءة لدى الأطفال من خلال بيئة محفزة، وتعليم متكامل، وفعاليات ممتعة تشجع الأطفال على القراءة كجزء من حياتهم اليومية.

 

ــ لديك عدة إصدارات لافتة منها كتاب "هل يوجد أدب للناشئة بالمغرب؟".. ما الذي دفعك لطرح هذا التساؤل تحديدًا؟

لا تعني تسمية "أدب الأطفال '' أو أدب الناشئة التي تحيل مباشرة إلى فئة محددة أن هذه الفئة متجانسة، فبالإضافة إلى الاختلافات في الأعمار، هناك تباين في مهارات القراءة التي تختلف من الطفل الذي لا يتقن القراءة و يعتمد أساسا على الحكي من خلال الصور المرافقة للنص و الطفل أو المراهق الذي يتقن القراءة و له تجارب قرائية متعددة، مما يطرح عدة صعوبات للكاتب لتمثل القارئ المستهدف و تجاوز تمثلاته الشخصية أوالاجتماعية الموروثة عن الطفل للانفتاح على اهتمامات الناشئة و ما يميزها في العصر الراهن مع تحقيق المتعة و الخيال لقارئ له ذوق خاص يفرضه بقوة و بإلحاح على كل كاتب قبل ان يشرع في عملية الكتابة او يقرر ان يتوجه لهذا المتلقي، وقد عرف أدب الأطفال والناشئة في المغرب تطورا ملحوظا في الالفية الثالثة ليصبح قطاعا مهما في مجال النشر والكتابة، حاليا هناك دور نشر مغربية متخصصة في الأدب الموجه للأطفال والناشئة مثل ينبع الكتاب، وأصبحت كتب الناشئة المغربية حاضرة بقوة في معارض الكتاب الدولية، وهي أيضا موضوع اهتمام أكاديمي من خلال تعدد الأطروحات الجامعية والمؤتمرات والندوات الوطنية والدولية، كما عرف المغرب تنظيم أول معرض لكتاب الطفل والشباب سنة 2024 بالإضافة إلى تخصيص وزارة الثقافة والشباب لجوائز خاصة بالكُتاب والرسامين للأطفال والناشئة وتعددت المبادرات الجمعوية للتشجيع على القراءة كتلك التي تشرف عليها الشبكة الوطنية للقراءة والراصد الوطني للقراءة وتم تطوير عرض المكتبات العمومية وخلق فضاءات خاصة بالأطفال داخل هذه المكتبات.

ونشطت الأندية التربوية بالمؤسسات التعليمية وأصبحت كتب الأطفال حاضرة في بعض المستويات التعليمية بالمدرسة المغربية بالإضافة الى عدة مبادرات تشجع الأطفال على القراءة مثل المشروع الوطني للقراءة ومسابقات أخرى عززت جاذبية الكتاب والصورة الايجابية عن القراءة،  ومع ذلك، تظل هذه المجهودات غير كافية ويظل هذا الأدب غير معروف إلى حد كبير بين الأسر المغربية في ظل العولمة ويعاني من اكراهات اقتصادية واجتماعية عديدة.

 

ــ هل يوجد أدب للأطفال الناشئة في المغرب؟

هذا السؤال هو دعوة للانفتاح على الاصدارات الجديدة وإلقاء نظرة جديدة على بانوراما الكتب الموجهة للطفل المغربي من خلال دراسة قضاياها وتنوعها وموضوعاتها، وإذا كان أدب الناشئة محتاجا إلى كثير من الاهتمام سواء من حيث الإبداع والإنتاج والتأليف أو من حيث البحث والدراسة والنقد.فهذا الأدب يحتاج أيضا الى مواكبة التطور التكنولوجي والانخراط في البعد الرقمي.

 

ــ إلى أي مدى تستلهمين قصصك للأطفال من البيئة المغربية والموروث الثقافي المحلي؟

أحاول في كتاباتي أن تكون مجالا لتعزيز الهوية الثقافية للطفل المغربي وفي الوقت ذاته تشكل هذه الكتب مجالا للأطفال حول العالم للانفتاح على الثقافات الأخرى واكتشاف الآخر وتعزيز القيم الكونية الإنسانية.

 

ــ حصلتِ على عدة جوائز مرموقة مؤخرًا.. كيف تنظرين إلى أثر هذه الجوائز على مسيرة الكاتب.. خصوصًا في مجال أدب الطفل؟

ساهمت الجوائز بشكل كبير في التعريف بأهم الاصدارات وتسليط الضوء على بعض الانتاجات الجديدة والرائدة في مجال أدب الطفل وهي بذلك تلعب دورا مهما في نشر هذه الكتب وتقريبها من المتلقي، كما شكلت حافزا مهما للكتاب والرسامين والناشرين لتجويد أعمالهم ولإنتاج كتب بمعايير أدبية وفنية دولية، هذه الجوائز تبقى عاملا إيجابيا للانفتاح على العالم وتعكس الاهتمام المتزايد بأدب الطفل وتشكل عنصرا محفزا للكاتب وليس الهدف الأسمى للكتابة، وقد حصلت على الجائزة الأولى في القصة القصيرة والجائزة الأولى في الشعر باللغة الفرنسية وترشح كتابي السن اللبنية في نسختيه العربية والفرنسية للائحة القصيرة للكتاب الافريقي لأهداف التنمية المستدامة (SDGs) وساهم ذلك بشكل كبير في تقريب أعمالي من الاطفال والناشئة وكذلك المهتمين بهذا الأدب.   

 

ــ شاركتِ في فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل.. كيف تقيمين أهمية هذا المهرجان بالنسبة للمؤلفين والناشرين المهتمين بثقافة الطفل؟

يمكن اعتبار مهرجان الشارقة القرائي للطفل فضاء رحبا للاحتفاء بالطفولة ولتبادل الخبرات بين للمؤلفين والرسامين والناشرين والمهتمين بثقافة الطفل وهو بالفعل مهرجان رائد عالميا بامتياز في جمالية فضائه، في جاذبية ورشاته للطفل وتنوعها لتستجيب لجميع الميولات والأعمار وللتوجهات الجديدة الناشئين في علاقتهم بالكتاب، مواضيع الندوات المختلفة التي تم اختيارها مهمة جدا وتواكب مستجدات هذا المجال كما تنفتح على أسئلة أدب الأطفال والناشئة في بعدها العربي والكوني أيضا مما يسمح بوعي أكبر بالتحديات الراهنة لهذا المجال وآفاق تطوره. ويمكن حقا أن نفتخر بمثل هذه المبادرات الرائدة التي ترسخ وتطور فعل القراءة وثقافة الكتاب لدى الطفل.

 

ــ من خلال وجودك في المهرجان.. هل لمستِ اختلافًا أو تطورًا في ذائقة الأطفال القراء اليوم مقارنة بالأجيال السابقة؟

بالفعل هناك تطور ملحوظ في علاقة القراء بالكتاب وتوجهات جديدة تحتفي بتنوع مهارات القراء وتخاطبهم في تنوع ميولاتهم واهتماماتهم، وهناك اقبال متزايد على الكتب الورقية والالكترونية كما أصبح للناشئة توجهات جديدة في علاقتهم بالقراءة والكتاب تتم أيضا عبر الورشات القرائية والشاشات ومن خلال تتبع الأنشطة الأدبية للكاتب وصناع المحتوى و المؤثرين الذين يتنافسون في تقديم الكتب الجديدة و المتميزة على مستوى العالم و تبادل الآراء حولها و حول التجارب القرائية المختلفة.

 

ــ في ظل التحولات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي.. كيف تتصورين مستقبل أدب الطفل والناشئة في السنوات القادمة؟

مما لاشك فيه أن أدب الطفل والناشئة يتطور بتطور المجتمعات وبتطور الكتاب في حد ذاته، حاليا ليست هناك معطيات كافية لتكوين تصور موضوعي عن مستقبل أدب الطفل والناشئة في السنوات القادمة لكن من المؤكد أن التحديات كبيرة و متسارعة وأن الكتاب سيحتفظ بوظيفته التواصلية والابداعية الانسانية وأنه سيستفيد في نفس الوقت من كل الامكانيات المتاحة للتجدد.

 

ــ أخيرًا.. ما مشاريعكِ المقبلة.. وهل هناك إصدار جديد تعملين عليه حاليًا؟

أحاول دائما اكتشاف طرق جديدة للكتابة للأطفال والناشئة وكذلك اختيار مواضيع مختلفة تثير اهتمامهم وحاليا أنا بصدد كتابة رواية من الخيال العلمي باللغة العربية لليافعين وكذلك  ثلاث قصص محفزة للأطفال تهتم بالجانب الإنساني وأهمية التواصل بالإضافة الى نصوص شعرية غنائية بالفرنسية للطفولة المبكرة. وفي مجال البحث العلمي أحاول طرح موضوع الترجمة في الأدب عموما وفي أدب الأطفال بشكل خاص من خلال استقراء ملامح لنظرية الترجمة انطلاقا من التراث العربي القديم وربطه بالدراسات الحديثة. 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى