خطوة ونظرة لامعة للديار.. قصيدة محمد طايل بملتقى بيت الشعر العربي للنص الجديد

يستعد بيت الشعر العربى، بإدارة الشاعر سامح محجوب، على مدار يومى 17 و18 مايو لتقديم (ملتقى بيت الشعر العربى الأول.. للنص الجديد)، ويدعو فيه 50 شاعرًا، تحت سن الأربعين من جميع ربوع مصر، وذلك للمشاركة فى الملتقى، ويقوم "اليوم السابع" بنشر قصائد الشعراء تباعًا..
بيت الشعر العربي
خطوةٌ ونَظْرَةٌ لامِعَةٌ للدِّيارِ .. لـ محمد طايل
فُوِيقَ صَفْصَافةٍ تَبْكِي لِهاجِرِها
أقُصُّ للغُصْنِ بعضًا مِنْ مآثِرِها
لأنَّنِي سَادِنُ الأشْجَارِ صَاحِبُها
شَبَكْتُ عُمْرِيَ وردًا فِي ضفائِرِها
وأنْتَ يَا صَاحِبِي غمِّسْ فُؤادَكَ فِي
ضَوءِ الدِّيارِ؛ وأنْشِدْ مِنْ مفاخِرِها
اقْعُدْ مَعِي غَيرَ مأسورٍ بخَوفِ غَدٍ
أيَّامُنَا خائِفَاتٌ مِنْ مُغامِرِها
اقعُدْ مَعِي يَا بن عَمِّي! العمرُ تذكِرَةٌ
لحفلَةٍ لنْ نُغنِّي فِي مساهِرِها
حِينًا ونَرْحَلُ مِثلَ الغَيمَةِ الـ رحلتْ
مِن السَّماءِ لتُنْشِي نَهْرَ حاضِرِها
فاشْرَبْ مَعِي اللَّيلَ مخمورَينِ من ضَحكٍ؛
نَحلُلْ فَصاحَةَ حُزْنٍ مِن مشَاعِرِها
وهاتِ ناي الرُّعاةِ العَذْبَ
إنَّ حَياتِي ذِئبَةٌ تتعرَّى من خَواطِرِها
حُرًّا وُلِدْتُ وأعوامِي مناصفةٌ
بَينِي وبَينَ بِلادي فِي خسَائِرِها
قَدْ لَا أقامِرُ أوراقَ الجرائدِ
لَكِنّي أقلِّبُ فِي عَينَيْ مُقامِرِها
كيفَ الدِّيارُ التي ما أهلُهَا رَحَلوا
إلا وشَبَّتْ فِرارًا من عَمَائِرِها!
متَى ستمشي بِلادِي قَارةً يَدَها
بِصدرِها كِبرياءً مثلَ شاعِرِها!
خضراءُ (حِصَّةُ شَبشيرٍ) كَعينِ فَتاهَا
الحبُّ فِيهَا كَبيرٌ مِن أكابرِها
جِيرانُنَا نحنُ بلْ هُمْ سَاكنُونَ بِدارِي
والطَّريقُ تَعِي وِجْهاتِ حائرِها
دُنياهُمُ أخطأتْ تصويبَ عَتْمَتِها
فأغمضُوا عَينَهمْ جَبْرًا لخاطِرِها
مؤرَّقونَ حَزانَى كيفَما عَرِفوا
أنَّ الشَّبابِيكَ لَمْ تَسْهَرْ لزائِرِها
لَا يعتِبونَ عَلى الأقدارِ كيفَ قسَتْ
كَنَجْمَةٍ غَادَرَتْ أحلامَ ساهِرِها
لكنَّهم نَظَّفوا مِرآتَهم ومَضُوا
إنَّ المضِيَّ شُعاعٌ فِي نواظِرِها
آلامُهم مِثلُ آلامِ الطَّبيعَةِ
أن تمضي الطُّيورُ بَعيدًا عَن عَشائِرِها
أنْ يُلْهَمَ الصَّائِدُ الطَوَّافُ قَصَّتهُ
مِنْ غَابَةٍ حدَّثَتْهُ عَنْ قنابِرِها
أن تعْلَمَ الفأسُ مَا بالغُصْنِ مِنْ نسَبٍ
لَها ولَا صَرَخاتٌ فِي ضمَائِرِها
أنْ يَألفَ الطَّيرُ ما بالرِّيحِ مِنْ ألَمٍ
لما بكَتْ رِيشَةٌ مِنْ فَقْدِ طائِرِهَا
لَكنَّنِي طَائرٌ حُرٌّ وبِي أمَلٌ
أنْ أربِطَ الرِّيحَ مِن طَرْفَيْ أواخِرِها
وكَيْ يصِيرَ لِطنْطَا قَلبُ سَاهِرَةٍ
دَسَسْتُ صَورَةَ وجْهِي فِي دَفاتِرِها
كَانَتْ تُتبِّلُ مِنْ أحلامِها غَدَها
وكُنْتُ مِلحًا خَفِيًّا فِي سَكاكِرِها
مُخْضَوضَرٌ قَبْلَ عامٍ كانَ بِي خَجلٌ
كيفَ اصْفَرَرْتُ عَلى أيدِي عساكِرِها
أنَا الشَّقِيُّ البَريءُ الطَّيبُ المرِدُ
الصِّفَاتُ عنْدِي تَحِيَّاتٌ لِعَابِرِها
محصَّنٌ بِرِفاقِي وَاحِدٌ كَثِرٌ
بِهِمْ تُقَصُّ مَنافٍ مِنْ أظافِرِها
قال ابن عَمِّي سنهْدِي دَمْعَةً ويَدًا
تُلوِّحُ الآنَ غَرْقَى فِي مصائِرِها
يَا خُطْوَةً نَحْوَ ما لَمْ أدْرِ بعدُ دَعِي لي
نَظْرًةً لِديارِي فِي تَشاجُرِها
تِلْكَ المنَافِي مِزاجٌ ضَيِّقٌ وفَمٌ
أحسُّ عُمْرِيَ تَبْغًا فِي سَجائِرِها
لكنَّ ذَاكِرَتي تخضرُّ ناسِيةً
يا ويحَها بارَكَتْ أقسَى خَناجِرِهَا
قُمْ نَرْحَلِ الآنَ؛ دُونِي ضجَّةٌ وَبَرَتْ
تُحْيِي الجمِيلَ ولَكِنْ فِي مقابِرِها
لَكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ يَا ربِّ حِيثَ نَوَى
تَوَّسَدَتْهُ مَنافٍ فِي سرائِرِها
قُطِيرةٌ رَحَلَتْ مِنْ غَيمِ قَرْيَتِها
وهَلْ تؤوبُ قُطَيْراتٌ لماطِرِها؟
أنَا وصَاحِبِيَ المفقودُ أجْنِحَةٌ
تُخبِّئُ الرِّيحَ عَنْ عَيْنَيْ مَهَاجِرِها
تَتوقُ رُوحِي لِصَفْصافِ الدِّيارِ لَكِيْ
تَحْكِي كَثيرًا كَثيرًا عَنْ خسائِرِها
لأنَّنِي عائِدٌ لا بدَّ يَا بَلَدِي
مَهْمَا تُطِلْ طُرقُاتِي فِي دوائِرِها
محمد طايل
محمد طايل
محمد طايل شاعرٌ مصريٌ وُلد في عام 1995 بمدينة طنطا. تخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 2018.
أصدر مجموعته الشعرية الأولى في عام 2021 بعنوان "ظلال لم يقطعها الحطاب"، وتلتها مجموعة شعرية جديدة عام 2024 بعنوان "استَرِح أيُّها الطَّريد" والتي صدرت ضمن إصدارات بيت الشعر بالأقصر.
حاصل على جوائز أدبية في مجال الشعر منها جائزة عبد الرزاق عبد الواحد عام 2022، وإبداع مراكز الشباب في دورتها الأولى.
Trending Plus