يوم المحبة الأخوية.. مسيرة تقارب بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.. البابا كيرلس استعاد رفات مارمرقس والبابا شنودة كسر حاجز الـ15 قرنا.. والبابا تواضروس جعل 10 مايو يوما للمحبة واحتضان للوحدة مع الفاتيكان

في العاشر من مايو من كل عام، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية بـ"يوم المحبة الأخوية"، وهو احتفاء سنوي يجسد روح الصداقة والوحدة المسيحية بين كرسي بطرس وكرسي مرقس، ويستحضر مسيرة طويلة من التقارب والتلاقي بعد قرون من الانقسام.
جذور التقارب من البابا كيرلس إلى البابا شنودة
تعود بدايات هذه المسيرة إلى عام 1968م، حين طلب قداسة البابا كيرلس السادس جزءًا من رفات القديس مارمرقس الرسول من روما، في لفتة رمزية عبرت عن الرغبة الصادقة في إعادة الروابط الروحية بين الكنيستين، وبالفعل تم تلبية طلبه واستقبل قداسته رفات القديس العظيم مارمرقس في مصر.
وفي عام 1973م، كتب قداسة البابا شنودة الثالث فصلًا جديدًا في العلاقات بين الكنيستين، بزيارته التاريخية إلى الفاتيكان، ليصبح أول بابا من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يزور الفاتيكان بعد انقطاع دام نحو 15 قرنًا بين الكنيستين، حيث وقع بيانًا مشتركًا مع البابا بولس السادس أعلن فيه الجانبان اتفاقًا حول الإيمان بالله الواحد والثالوث، وأهمية الأسرار، والتكريم المشترك لوالدة الإله.
البابا تواضروس والبابا فرانسيس على طريق الوحدة
حين اعتلى قداسة البابا تواضروس الثاني كرسي مارمرقس في 18 نوفمبر 2012، جاءته دعوة رسمية من الفاتيكان لزيارة الكرسي الرسولي، فاستجاب لها على أن تتم في 10 مايو 2013، في إحياء رمزي لتاريخ زيارة البابا شنودة.
وفي لقاء حافل بالمحبة مع قداسة البابا فرنسيس، اقترح البابا تواضروس أن يكون 10 مايو من كل عام يومًا للمحبة الأخوية بين الكنيستين، وهو الاقتراح الذي تبناه الفاتيكان رسميًا، ليصبح هذا اليوم منذ ذلك الحين مناسبة سنوية لتجديد العهد على السير المشترك في المحبة والحوار.
زيارة تاريخية متبادلة
في أبريل 2017، زار البابا فرنسيس مصر، حيث التقى بالبابا تواضروس الثاني في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مؤكدًا على عمق العلاقة بين الكنيستين، ووقّع القائدان المسيحيان وثيقة مشتركة للسعي نحو الوحدة، وتذكرا معًا شهداء الكنيسة البطرسية، في تعبير واضح عن "مسكونية الدم"، التي توحد المسيحيين عبر العالم.
وتكررت اللقاءات في محافل دولية، أبرزها في مدينة باري الإيطالية عام 2018 للصلاة من أجل الشرق الأوسط، حيث وصف البابا تواضروس هذا اللقاء بأنه "يوم مشهود لم تشهده الكنيسة منذ قرون".
يوبيل ذهبي ومحطات جديدة من القرب
وفي 9 مايو 2023، زار قداسة البابا تواضروس الفاتيكان مجددًا، بمناسبة مرور خمسين عامًا على بدء الحوار الرسمي بين الكنيستين. شارك البابا تواضروس في اللقاء العام بساحة القديس بطرس، وألقى كلمة مؤثرة أعادت التأكيد على أهمية الحوار، وتعزيز اللجنة المشتركة.
وقد شهدت الزيارة أيضًا صلاة مسكونية مشتركة في كنيسة "أم الفادي"، كما تم إحياء ذكرى شهداء ليبيا من الأقباط، الذين اعتبرهم البابا فرنسيس رمزًا لوحدة الدم المسيحي، مؤكدًا أن "دم الشهداء هو بذرة وحدة الكنيسة".
وقد حملت هذه الزيارة التاريخية بكل محطاتها رسالة قوية للعالم: أن الحب الذي يجمع الكنائس أقوى من الجراح التي فرقتها، وأن الرجاء لا يموت ما دامت قلوب الرعاة مفعمة بالإيمان، وما دامت الكنائس تسير معًا في طريق الحوار والمحبة.
رسالة محبة متجددة
"يوم المحبة الأخوية" لا يمثل مجرد تذكار لزيارة رسمية أو وثيقة مشتركة، بل هو تجسيد حي لمبدأ "ليكونوا واحدًا"، وتأكيد على أن المحبة أقوى من الجراح التاريخية، وأن الوحدة المسيحية تظل هدفًا نبيلاً تسعى إليه الكنائس بروح من التفاهم والصلاة.
Trending Plus