هبة مصطفى تكتب: لا تسطع أكثر من الشمس

"لا تسطع أكثر من الشمس" يُستخدم هنا لتحذير الفرد من أن سطوعه الزائد (نجاحه، تأثيره، كفاءته) قد يُعد تهديدًا لزملائه أو رؤسائه، مما يؤدى إلى تهميشه رغم كفاءته لأنه في نظرهم يغامر بتجاوز حدوده الطبيعية، وقد يؤدي به هؤلاء إلى السقوط الحتمي.
في سياق الإدارة لا تسطع أكثر من الشمس لتحذير الفرد في مجال عمله أن سطوعه الزائد (نجاحه، تأثيره، كفاءته) قد يُعد تهديدًا لزملائه أو رؤسائه، مما يؤدي إلى تهميشه رغم كفاءته حتى لا تتحول إلى مصدر تهديد بدلاً من إلهام.
على الرغم من أن بعض الأفراد بيتمتعون بكاريزما فطرية، ذكاء عاطفي، ورؤية استثنائية، يحققون نتائج مذهلة، ويدفعون بالمؤسسات إلى آفاق جديدة. ولكن، في كثير من البيئات الإدارية التقليدية أو غير الناضجة، قد يُنظر إلى هذا الشخص على أنه تهديد. أو مدراء يخشون أن يُسحب البساط من تحتهم.
النتيجة.. قد يُهمش، يُقصى من دوائر القرار، ويُعاقب على تفوقه. وقد يقضي عمره مظلومًا في الظل، بينما يملك كل مقومات القيادة الحقيقية.
على النقيض، نجد "البهلوان الإداري" شخص قد لا يمتلك الكفاءة، لكنه يُتقن التمثيل والمجاملة، يتحدث كثيرًا، يروّج لنفسه، ويظهر بمظهر المنقذ، بينما لا ينجز إلا القليل. أو ينجز حصاد غيره، هذا النوع يسطع، لكن سطوعه صناعي، مدعوم بشبكة مصالح، لا بمحتوى حقيقي.
وللأسف يا من يهمه الأمر ! المفارقة أن هذا الشخص يحصل على الترقيات، التكريم، وأحيانًا يُقدَّم كرمز للنجاح الإداري. بينما القائد الحقيقي، الإيجابي، يُهمل ويُحجب.
عزيزي القارئ ليست دعوة لكبح الطموح، بل دعوة للتوازن والوعي بالحدود. فكل نور زائد عن الحد،
يتحوّل إلى نار تحرق صاحبها قبل غيره. ليس بالنار، بل بالكبرياء، والأنانية، والغفلة عن طبيعة الحياة من جهة أخري.
فالفرد الذي يعرف قيمته، ويعمل على تحسينها مع مراعاة حقوق من حوله بصرف النظر عن كينونتهم يبلغ هدفه ،ولقد فهم العديد من العظماء هذه الحكمة جيدًا. يقول نيلسون مانديلا: “التواضع يجعل العظماء يبدون عاديين.” والذي اختار أن يكون جسراً للسلام، لا شعلة تحرق الآخرين.وعندما سئل ألبرت أينشتاين عن سر عبقريته، قال: “أنا لست أذكى من غيري، إنما أبقى مع المشكلة وقتًا أطول". وكذلك يرى عالم الإدارة جون كوتر أن القيادة لا تتعلق بالسيطرة بل بخلق رؤية تحفّز الآخرين. بينما يشير بيتر دراكر إلى أن أفضل القادة هم من يضعون المؤسسة قبل أنفسهم. بناءً على هذا، فالقائد الإيجابي المظلوم هو ما تحتاجه المؤسسات، بينما “البهلوان الإداري” يستهلك الموارد ويعيق التقدم.
وفي مجال الفن، نجد مثالاً في سيدة الغناء العربي "أم كلثوم، " التي بالرغم من شهرتها الطاغية، بقيت متواضعة في تعاملها مع جمهورها وزملائها، لم تحاول أن تخفت نور أحد، بل تعاونت مع كبار الشعراء والملحنين لتنتج فناً خالدًا إلى الآن.
اذا كنتم تحرصون علي وطنكم يجب علي أولي الامر والذي يملك اتخاذ القرار والذي يملك من الخبرات التراكمية ما يجعله يميز بين السطوع الحقيقي والزائف. وتدعيم الأفراد الإيجابيين ولو على حساب المصالح الفردية. والحرص علي بناء بيئة لا تعاقب التألق بل تحتضنه.وكلمه من قلب مواطنه بسيطة ليس لها غرض الا رفعة بلادها.
في المجتمع، عندما تُعطى القيادة لمن يستحقها، يُصنع التقدم الحقيقي أما حين يُكرّم البهلوان، ويُقصى المبدع، فذلك بداية الانحدار.
Trending Plus