التعليم المرتكز على الهُوِية

عندما ننظر في مكنون مناهجنا التعليمية، ونحلل محتوى الخبرات التي نقدمها لفلذات الأكباد؛ فإن نرصد أنها تدور حول الثوابت المجتمعية الأصيلة والرئيسة، في بناء إنسان يدرك أن قيمه النبيلة، وخلقه الفضيل، هما من أهم موجهات السلوك العام، والأداء الخاص، في خضم البيئات التعليمية، أو المهنية، أو المجتمعية، سواءً أكان ذلك عبر الفضاء المفتوح، أم في الواقع المعايش.
والخبرات التعليمية التي ينهل منها الأبناء في مختلف السلم التعليمي ومتلونه تقوم فلسفتها على تعضيد الهُوِيَّة لدى ذواتهم؛ ومن ثم ترسم في الأذهان خريطة الوطن الكبير؛ ليفخر الإنسان منا بموطن مولده، ويصبح الانتماء اتصافًا حميدًا منذ المهد أو نعومة الأظافر، وهذا ما يقوي حُب الوطن ويزيد من ماهية الولاء لكل من يسعى نحو تحقيق غاياته الكبرى؛ فتصبح كيان الفرد منا مفعم بعشق تفاصيل لوطنه الصغير والكبير على السواء.
رغم تباين مستهدفات المقررات التعليمية التي يدرسها ويتدارسها فلذات الأكباد بكل مرحلة تعليمية على حدة والتي بنيت بالطبع على فلسفة التكامل والتسلسل؛ إلا أنها معززة لإدراك صحيح فحواه حض الإنسان منا في الحفاظ على تراثه، وتفاخره بحضارته وما تحويه من ثقافة لا مثيل لها في العالم بأسره، وهنا يشعر الأبناء في شتى ربوع الوطن قاطبة بالتفرد والتميز في خضم ما نحوز وما نمتلك من تراث ثقافي له عبق غائر في النفوس، مما يعضد ماهية الهُوِيَّة لدى أغلى ما في الوجود.
التعليم المرتكز على الهُوِيَّة لا يبعد فلذات الأكباد عن أصالة جذور الأجداد، ولا يتجاهل تاريخًا عظيمًا مسطر بماء من ذهب، وفي الوقت ذاته يدفع بالهمم ويقوي العزائم تجاه طموحات وآمال غير متناهية، تدعو الإنسان منا لأن يعمل ويجتهد ويصقل من خبراته ويعزز من وجدانياته كي يحقق أهدافه ويساهم في بناء وطن تشرب من خلال مؤسساته معارف ومهارات ومعتقدات وقيم وفنون واكتشافات وابتكارات وسلوكيات، ساهمت في تشكيل شخصيته المصرية المتفردة.
لا تكاد تنفك مناهجنا التعليمية عند البناء أو التطوير لعناصرها مطلقًا فضلاً عن التأكيد على الهُوِيَّة المصرية، وهذا من منطلق واضح لا لبث فيه ولا مراوغة؛ حيث إن ما لدينا من خبرات تاريخية نفخر بها تمدنا بالخصوصية؛ فيصعب أن تمتزج ثقافتنا الأصيلة أو تذوب في ثقافات مستوردة لا تعترف بماهية الهُوِيَّة في مسلماتها، وهنا ندرك أن التمسك بهذا المفهوم يجعلنا نفكر بشكل صحيح تجاه حاضرنا ومستقبلنا؛ فلا نقبل الانقياد أو التوجيه أو فرض الوصاية الفكرية ممن يستهدفون غرس أسهم مسمومة في عقول أبناء الأمة المصرية.
متنوع أنشطتنا التعليمية يتضح في ثناياها ماهية القومية؛ كونها تشكل البصمة المتفردة والمميزة لحضارتنا العريقة المصرية عما سواها، وهذا ما يجعل الوجدان المصري لدى فلذات الأكباد لا يقبل التفريط، ولا الخضوع والخنوع، بل تجده مصطفًا خلف وطنه، مضحيًا بأعز ما يملك من أجل نماؤه واستقراره، بل متباريًا حيال طلب شرف الشهادة للدفاع عن مقدراته، كل ذلك ويزيد من ثمار الهُوِيَّة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقومية.
الهُوِيَّة المصرية التي تنغرس معانيها وما بها من دلالات في فلذات الأكباد تجعلهم دون استثناء يقدمون المصلحة العامة على الخاصة، ويحترمون المعقد ويقدسون الشعائر ولا يتقبلون أي صورة من صور التهديد، كونهم يمتلكون المواطنة الصالحة التي تترجمها الأقوال والأفعال والتوجهات.
نقولها بلسان مبين إننا لا نخشى المتغيرات التي تستهدف طمس هويتنا أو تعمل على إضعافها، طالما تمسكنا بمناهجنا التعليمية التي تصقل ماهية الهُوِيَّة المصرية لدى الأبناء، ونوقن أن طبيعة نسيجنا المصري يتفرد بالقوة؛ فلدينا مقومات التضافر والتماسك والتشارك والتكافل، ولدينا معالمنا والأماكن التاريخية والحديثة الدالة على تقاليدنا والمؤكدة على وحدة أرضينا ولدينا منظومة قيمنا النبيلة التي لا تقبل التغيير أو التشويه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
Trending Plus