بغداد تحتضن القمتين العربية والتنموية بالتزامن لأول مرة.. تكامل سياسى اقتصادى فى لحظة إقليمية حرجة.. انطلاق الأعمال التحضيرية باجتماع المجلس الاقتصادى والاجتماعى.. والجامعة العربية ترفع شعار الإنسان أولا


انطلقت في العاصمة العراقية بغداد الأعمال التحضيرية للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها في 18 مايو الجاري، والتي تُعقد لأول مرة بالتزامن مع القمة العربية التنموية الخامسة، في خطوة تعكس الوعي العربي المتنامي بضرورة الربط بين المسارين السياسي والاقتصادي في معالجة أزمات المنطقة.
ويأتي هذا التزامن غير المسبوق بين القمتين ليعكس حالة من التشابك البنّاء بين الملفات السياسية والتنموية، إذ يدرك القادة العرب أن تفعيل المسار التنموي لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة لتعزيز استقرار الإقليم، خاصة في ظل تصاعد الصراعات، وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، وامتداد التوترات إلى مناطق أخرى حول العالم.
اجتماعات الجامعة العربية
ويكتسب هذا الحدث أهمية مضاعفة من موقعه الجغرافي، حيث يمثّل انعقاد القمتين في بغداد دلالة رمزية كبيرة. فالعراق، الذي استطاع أن يتجاوز محطات صعبة من الأزمات والصراعات، وعلى رأسها الإرهاب، يقدم اليوم نموذجًا عربيًا في السعي نحو بناء مستقبل تنموي مستدام، قادر على الصمود في وجه التحديات.
ويُنتظر أن تُطرح في القمتين رؤى تكاملية ومبادرات استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون العربي المشترك، ليس فقط على مستوى السياسات، بل في بناء اقتصادات مرنة، ومجتمعات أكثر قدرة على مجابهة الأزمات الطارئة، في لحظة إقليمية ودولية شديدة الحساسية
هيفاء أبو غزالة
من جانبها، أكدت السفيرة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية المرتقبة في بغداد تمثل محطة مفصلية على طريق العمل العربي المشترك، مشيرة إلى أن البنود المطروحة على جدول الأعمال تعكس أولويات المواطن العربي في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وتركز على تمكين الإنسان العربي، باعتباره أولوية قصوى، وتعزيز والاستثمار في رأس المال البشري، كأحد أبرز مقومات التنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية.
وأضافت، خلال كلمتها أمام اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى كبار المسؤولين أن الأمانة العامة حرصت على أن يكون جدول الأعمال متوازنًا وشاملًا، مشتملاً على قضايا آنية واستراتيجية، تعكس توجهات القمة نحو معالجة المشكلات الملحة، وتوسيع آفاق التعاون العربي في المجالات ذات الصلة بتحسين جودة حياة المواطن العربي.
وقالت إن الاجتماعات تناقش مشروع جدول أعمال القمة، الذي يتضمن سبعة وعشرين بندًا تتناول عددًا من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية ذات الأولوية في العمل العربي المشترك، والتي تمس بشكل مباشر المواطن العربي، وتسعى إلى تعزيز التكامل بين الدول العربية في مجالات التنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية، والاستثمار في الإنسان.
وفي السياق نفسه، قال مسؤل ملف العلاقات الخارجية بوزارة التجارة العراقية رياض فاخر الهاشمي أن اللقاء ليس مناسبة دورية فحسب، بل يعكس رغبة وإرادة حقيقية في التعاون البنّاء، ورسم مسارات عملية لمعالجة التحديات التنموية المتراكمة.
وأشار، في كلمته امام اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى كبار المسؤولين تمهيدا للقمة العربية التنموية اليوم الاثنين، إلى أن الواقع العربي المشترك يتطلب اليوم وقفة جادة وخطة واضحة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، وتبنّي سياسات تنموية قابلة للتطبيق على أرض الواقع
وأكد على أن رأس المال الحقيقي في منطقتنا هو الإنسان العربي، وأن الاستثمار في الطاقات البشرية هو السبيل لبناء مستقبل تنموي مستدام. وأوضحوا أن التنمية ليست معادلة مالية فقط، بل تتطلب رؤية استراتيجية تُعلي من قيمة الإنسان وتضعه في صميم السياسات العامة
وتركز القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، على دعم التكامل الاقتصادي العربي، واستكمال مشروع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتعزيز مشروعات الربط الكهربائي والنقل، إلى جانب مبادرات تحقيق الأمن الغذائي والمائي.
كما تتناول القمة مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية تحت عنوان "المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي: نحو ريادة تكنولوجية وتنمية مستدامة"، ومشروع دعم وإيواء الأسر النازحة من الأراضي الفلسطينية، والتصدي لكل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، إضافة إلى ملفات تمكين الشباب والمرأة، وتطوير التعليم الفني، والتحول الرقمي، وبناء القدرات السيبرانية، مع التأكيد على حماية التراث الثقافي العربي.
ومن المقرر أن تُختتم أعمال القمة بإصدار وثيقة "إعلان بغداد"، والتي يُنتظر أن تُجسّد الموقف العربي الموحد تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية المدرجة على جدول الأعمال، وتعكس تطلع الدول العربية إلى مرحلة جديدة من التضامن والتكامل في مواجهة التحديات.
Trending Plus