تحول ملحوظ فى نهج الرئيس الأمريكى تجاه بعض القضايا الأكثر أهمية لإدارته.. تجاهله لنتنياهو خلال زيارته للشرق الأوسط يعكس خلافًا بينهما بشأن غزة وإيران.. المحادثات التجارية مع الصين تأتى بعد فرض رسوم جمركية باهظة

شهدت الأيام الماضية تحولًا ملحوظًا فى نهج إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إزاء بعض القضايا ذات الأهمية البالغة لإدارته، سواء ما يتعلق بدعمها المطلق لإسرائيل فى حربها الوحشية على قطاع غزة وأهدافها الأكبر فى الشرق الأوسط، أو ما يخص الحرب التجارية الشرسة ضد الصين.
أثار هذا التحول تساؤلات عما إذا كان ترامب قد أدرك حجم الخسائر التى سببها موقفه من كلا القضيتين فى الداخل والخارج، والذى بدا واضحًا فى تراجع شعبيته فى استطلاعات الرأى بعد مرور 100 يوم على عودته التاريخية إلى البيت الأبيض.
فيما يتعلق بإسرائيل، أصبح الخلاف بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو واضحًا وحديثًا متكررًا فى الصحف الأمريكية، التى رأت أن تجاهل ترامب لإسرائيل فى جولته المرتقبة فى الشرق الأوسط يعكس مدى سخط ترامب من حليفه نتنياهو.
صحيفة نيويورك تايمز تحدثت عن الخلاف بين ترامب ونتنياهو، وقالت إنه قد يحدد مصير الشرق الأوسط فى مرحلة فارقة. وقالت الصحيفة، فى تقرير لها الأحد، وذكرت الصحيفة أن نتنياهو، عندما التقى ترامب فى البيت الأبيض فى فبراير الماضى، كان بينهما تناغمًا كبيرًا، وتحدث كلاهما عن منع إيران من الحصول على السلاح النووى، بل واتفقا على تهجير الفلسطينيين من غزة.
لكن بعد شهرين، وفى زيارة نتنياهو الثانية للبيت الأبيض، جلس الأخير شبه صامت بجوار ترامب لأكثر من نصف ساعة، بينما كان الرئيس الأمريكى يتحدث عن موضوعات عديدة ليس لها علاقة بـإسرائيل. هذا الاجتماع سلط الضوء على انقسام متنامٍ بين الرجلين، اللذين اختلفا حول بعض القضايا الأمنية الأكثر أهمية لإسرائيل.
ومع قدوم ترامب للشرق الأوسط هذا الأسبوع، رفض الرئيس الأمريكى حتى الآن رغبة نتنياهو فى عمل عسكرى مشترك للقضاء على القدرات النووية لطهران. وبدلًا من ذلك، بدأ ترامب حوارًا مع إيران، مما جعل نتنياهو يحذر من أن الصفقة السيئة أسوأ من عدم وجود اتفاق.
وفى الأسبوع الماضى، أعلن ترامب اتفاقًا مع الحوثيين فى اليمن لوقف الضربات الجوية ضدهم مقابل وقف استهدافهم للسفن الأمريكية فى البحر الأحمر. هذه الأنباء التى قال المسئولون الإسرائيليون إنها كانت مفاجئة لنتنياهو، جاءت بعد أيام قليلة من ضرب صاروخ حوثى للمطار الرئيسى لإسرائيل فى تل أبيب، وضرب إسرائيل لأهداف فى اليمن.
وهناك أدلة أخرى على الانقسام بين ترامب ونتنياهو حول غزة؛ وفقًا للصحيفة، فلا يزال مبعوثو ترامب يحاولون الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب رغم دعمه لسلوك نتنياهو فى الصراع وعدم انتقاده علنًا للحصار الذى تفرضه إسرائيل على القطاع.
ورأت نيويورك تايمز، أن الوقت الحالى يمثل اختبارًا لعلاقة ترامب ونتنياهو، وكلاهما شخصية مثيرة للانقسام سياسيًا وتميل للقتال الشرس والتعجرف. ويقول محللون فى الشرق الأوسط والولايات المتحدة، إن تغيير مسار التاريخ هناك يعتمد جزئيًا على كيفية تجاوز السيد ترامب والسيد نتنياهو لخلافاتهما فى زمن يشهد تحولات جيوسياسية كبرى.
مرونة إزاء الصين بعد "الحرب التجارية"
من ناحية أخرى، فإن ترامب أبدى مرونة أكبر فى موقفه من الصين بعد أن وصلت نسبة الرسوم الجمركية التى فرضها على ثانى أكبر اقتصاد فى العالم إلى 145%، وردت الصين برسوم 125% على السلع الأمريكية ولم تتراجع أمام الضغوط الأمريكية، مما دفع ترامب إلى إعلان خفض التعريفة على البضائع الصينية إلى 80%، لاسيما فى ظل التحذيرات الكبيرة من تأثيرها على رفع أسعار السلع الأساسية أمام المستهلك الأمريكى.
وبدأت إدارة ترامب حوارًا مع الصين. حيث التقى مسئولون من واشنطن وبكين فى جنيف منذ يوم السبت لإجراء محادثات، قالت عنها صحيفة نيويورك تايمز إنها ستحدد مسار الاقتصاد العالمى.
وقالت نيويورك تايمز، فى تقرير لها السبت، إنه فى حين أن مخاطر الاجتماعات كبيرة، إلا أن التوقعات بتحقيق اختراق يُفضى إلى خفض ملموس فى الرسوم الجمركية ضئيلة. واستغرق الأمر أسابيع حتى اتفقت الصين والولايات المتحدة على بدء محادثات، ويتوقع العديد من المحللين أن تدور المناقشات حول تحديد رغبات كل جانب وكيفية المضي قدمًا فى المفاوضات.
مع ذلك، فإن بدء المحادثات بين بكين وواشنطن أخيرًا قد عزز الآمال فى إمكانية تهدئة التوتر بينهما وخفض الرسوم الجمركية فى نهاية المطاف. ويمتد تأثير الرسوم بالفعل عبر الاقتصاد العالمى، حيث يُعيد توجيه سلاسل التوريد ويُحمّل الشركات تكاليف إضافية على المستهلكين.
وبعد انتهاء اليوم الأول من المحادثات، أشاد دونالد ترامب بها، مؤكدًا أنها تمخضت عما وصفه بـ"إعادة ضبط كاملة" للعلاقات الثنائية، جرت فى أجواء "ودية ولكن بناءة".
وقال ترامب - فى منشور عبر منصته للتواصل الاجتماعى "تروث سوشيال" - "كان اجتماعنا اليوم مع الصين فى سويسرا ممتازًا. ناقشنا العديد من الأمور واتفقنا على الكثير".
Trending Plus