حازم الشريف يكتب: جهل المعرفة وإعاقة الرحلة

في منتصف إحدى سور القرآن الكريم وهي سورة الكهف؛ التي نقلت قصة نبي الله موسى عليه السلام مع العبد الصالح سيدنا الخضر عليه السلام، في محاولات فهم النبي المرسل من الله لأفعال سيدنا الخضر الذي اكتفي بالقول "إنك لن تستطيع معي صبرًا" كمحاولة من الرجل الصالح لتهدئة انفعال موسي عليه السلام و"كظم" ثورته الداخلية على ما يحدث وما يراه من غرائب غير مبررة؛ مع كثرة التساؤل يكتشف النبي موسي عليه السلام؛ المبررات والدوافع والأسباب التي جعلته يتصرف بتلك الصور الغريبة حيث تنتهي الرحلة وربما القدر من الحكمة والمعرفة لـ"موسى".
قصة النبي موسي عليه السلام مع العبد الصالح سيدنا الخضر عليه السلام؛ تتشابه حرفيًا مع ما تمر به مصر من تحديات وعواقب هى الأقسى في التاريخ المعاصر؛ أبرزها غياب الوعي والمعرفة وربما المطالبة المستمرة بالتبرير على الرغم من أن كافة الحقوق مكفولة للمعرفة؛ إلا أن المعلومة رغم أهميتها قد تكون سببا في ضرر؛ فكما يقولون ليس كل ما يعرف يقال.
آفة نقص الوعى لدى الشرائح المثقفة تعد الأكثر صعوبة عنها بالنسبة لمن دونهم؛ حيث تتجلي الخطورة في نشر معلومات وربما مزاعم مغلوطة تتسبب في الهدم أكثر من البناء والفهم وهو ما يساعد في المزيد والمزيد من المخاطر بصورها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ما تفعله وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" ومن ثم تنقلها المنصات الإعلامية وهو ما يسبب ما لا يحمد عقباه.
في تصريحات كثيرة سلط الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ على أهمية إدراك المصريين بكافة أطيافهم وشرائحهم وربما مواقعهم أيضا؛ حقيقة الأوضاع التي تمر بها مصر والمنطقة، ليؤكد أن الوعي والمعرفة وتقدير المواقف الراهنة هي الحلول الأسلم للعبور من تلك التحديات مع التأكيد على ضرورة الثقة في الدولة المصرية وما تقوم به.
ما بين "الهري" والحقيقة؛ مسافة الشعرة لبناء أو هدم الدولة التي لاتزال تتكبد خسائر ليست باليسرة اقتصاديا وتكنولوجيا وبشريا؛ لكن الفيصل هو ضرورة أن تعى المؤسسات المختلفة الحكومية والإعلامية والمجتمع المدني والجامعات والمؤسسات الدينية وغيرها؛ أهمية الوعي ودوره في بناء الدولة ومعاونتها في القضاء علي الفقر والجريمة وغياب الأخلاق والحفاظ علي التقاليد والعادات والثوابت والهوية المصرية؛ حتى لا يكون شعبنا خصوصا الشباب فريسة سهلة للتجريف والتشتت والتمرد على ما يجرى من منجزات حقيقية وملموسة للجمهورية الجديدة حتي لا تنقطع الرحلة كما انقطعت مع النبي موسى عليه..
Trending Plus