في البيت.. قصيدة الضوي محمد الضوي في ملتقى بيت الشعر العربي للنص الجديد

يستعد بيت الشعر العربى، بإدارة الشاعر سامح محجوب، على مدار يومى 17 و18 مايو لتقديم (ملتقى بيت الشعر العربى الأول.. للنص الجديد)، ويدعو فيه 50 شاعرًا، تحت سن الأربعين من جميع ربوع مصر، وذلك للمشاركة فى الملتقى، ويقوم "اليوم السابع" بنشر قصائد الشعراء تباعًا..
في البيت .. لـ الضوي محمد الضوي
بعد موت أبي
يهرب كلٌّ منا بعينيه من عيني أخيه
من عيني أمه
كي لا تلتقي أعيُنُنا فتقول لبعضها بعضًا: (لقد مات)!
إننا نتحرك في غرف البيت وممراته
كحركة النمل المنتظمة
الدؤوبة..
عندما يمدُّ شخصٌ متطفلٌ يدَه وينتزع من الصف المنتظم نملةً
لابد أن سرب النمل يصرخ
يصرخ وينتحب
ويسكب دمعا لا نراه
لكنهم أبدا لن يتوقفوا عن سيرهم المنتظم
خروجا ودخولا إلى الجُحر
لكننا مع ذلك، نفكر في الانتقام
لقد غاب فردٌ من قبيلتنا الصغيرة.. قبيلتنا الهادئة.. ولابد أن ننتقم
لابد أن نأخذ القاتل مكانَه!
هل سنكتفي بالقاتل، أم سنأخذ مجموعةً من عائلته مقابل أبي؟
هذا ما يدور في رؤوسنا لثلاثة أشهر مضت
لا تلتقي عيوننا، لكنَّ رؤوسنا تجتمع على مائدة الفكرة ذاتها كل مساء
مع ذلك فالقاتل هو الموت ذاته..
أي قبيلةٍ له فنهاجمها؟
أين يكمنون فنرتب للانقضاض عليهم ونفنيهم جميعا؟
إنه كائن فردٌ وبلا قبيلة!
ولو كانت له قبيلة فقد كرهته، أنكرته
ألقته وحيدًا في خرابات الخسّة والوضاعة
يهاجم المرضى المنهكين في غرف العناية المركّزة
يهاجم الأطفال والعجائز، الضاحكين والباكين معا
يهاجم ولا يشبع!
أين نجده فنقتله وننتقم لك يا أبي؟!
متى سنأخذ العزاء فيك بقلوب مطمئنة وقد اقتصت من قاتلك؟!
إننا نبحث عنه في كل مكان
وهو خفي، يسقط ضحاياه فجأة، ويهرب
نسمع الآخرين يقولون فلان مات!
نركض إليهم ونسأل: هل رأيتم الموت وهو يقتلعه من بينكم فننقذه ونأخذ الثأر لأبينا؟!
لكنَّ أحدًا لا يجيب..أحدًا لا يجيب يا أبي!
وأعيننا مازالت هاربة
وقلوبنا يخزيها أن قاتلك مازال حرا
ومازالت ضحاياه من قبائل أخرى -هادئةٍ مثلنا- تسقط وتسقط..
وما من واحدٍ قادرٍ على الأخذ بالثأر!

الضوي محمد الضوي
الضوي محمد الضوي
الضوي محمد الضوي. عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بجامعة المنيا.
صدر له: وربما أكثر، في حضرة الحيرة (مسرحية)، على باب غرفتك المستعارة، إثر بلطة في القلب، ابن الوقت، كلن لي خيل فذابت، كسُكرة في فم الوقت، سر اختفاء الشمس (مسرحية أطفال).
حصل على عدة جوائز من مصر وخارجها.
Trending Plus