في ساحة الحياة.. لا ينتصر الأقوى دائمًا

في معركة الحياة، حيث الضجيج لا يهدأ، والريح لا تهدأ، لا يتصدر المشهد دائمًا من يملك العضلات المفتولة، أو الأقدام الأسرع في السباق، فالمعارك الكبرى لا تُحسم بالقوة وحدها، ولا تُربح بالخفة أو الذكاء المجرد، هناك سرٌّ لا يُرى، ولكنه يغيّر النتائج: "الإيمان بالنفس".
نعم، قد تبدأ الرحلة متأخرًا، وقد يبدو الطريق أمامك أطول مما هو عليه في أعين الآخرين، قد يُخبرك الواقع بأرقامه الجامدة أنك متأخر، وقد تُقنعك المقارنات بأنك لن تلحق، لكن دعني أهمس في أذنك كما تهمس الرياح لحبات الرمل: من يعتقد أنه يستطيع، قد سبق فعلاً نصف الطريق.
قوة الجسد قد تنكسر، وسرعة القدم قد تتعثر، ولكن عزيمة الروح؟ تلك نار لا تنطفئ إلا إذا أطفأها صاحبها، فكم من "ضعيف" بالمعايير الظاهرة قلب الموازين لأنه لم يشكك يومًا في قدرته على الفوز، وكم من "قوي" تاه في منتصف الطريق لأنه لم يؤمن بنفسه إلا حين صفق له الآخرون.
الانتصار، في حقيقته، معركة داخلية قبل أن يكون نزالاً خارجيًا، من يقف أمام المرآة كل صباح ويقول "أنا أستطيع"، لا ينتظر تصفيق أحد، هو يعرف أن لحظة المجد تبدأ من لحظة القرار، قرار المحاولة، قرار الإصرار، قرار أن يكون.
الكون لا يكافئ الأقوى، بل يكافئ الأصدق، والصدق هنا ليس مع الآخرين، بل مع الذات، هل تؤمن فعلًا أنك قادر؟ أم تتظاهر بذلك فقط؟ فالإيمان ليس شعارًا، بل خريطة طريق، لا تراه، لكنه يقودك.
في تاريخ البشرية، أسماء كثيرة لم تكن الأسرع، ولا الأذكى، ولا الأقوى، لكنها آمنت.. آمنت حتى آخر رمق، ففتحت أبوابًا لم تُفتح من قبل، وكتبت سطورًا في كتب التاريخ لا تُمحى.
الحياة ليست سباق سرعة، بل اختبار صبر، والنجاح فيها لا يُمنح لمن يصرخ بصوت أعلى، بل لمن يهمس في أعماقه: "سأنجح، ولو بعد حين".
فلا تنخدع ببريق البداية، ولا تيأس من تعثر الخطوات، فكل خطوة، ولو بدت صغيرة، تحملك نحو الحلم إذا سِرت بها بقلب يؤمن لا يتزعزع.
تذكّر: إن عاجلًا أو آجلًا، النصر لا يكون لمن يُقنع العالم بقوته، بل لمن يُقنع نفسه أنه يستطيع، ثم يمضي كما لو أن السماء خُلقت لأجله.
محمود عبد الراضي،مقالات محمود عد الراضي،انا استطيع
Trending Plus