أوروبا تواجه مناخا متدهورا مع بداية صيف 2025.. تقرير: الجفاف يضع الدول فى وضع حرج.. أنهار القارة العجوز عند أدنى مستوياتها التاريخية.. تهديدات للطاقة والبنية التحتية.. وتزايد مخاطر حرائق الغابات وتآكل التربة

تشهد أوروبا عامًا صعبًا للغاية فيما يتعلق بالجفاف، مع سيناريو مناخي تدهور تدريجيًا منذ بداية عام 2025، مع مخاوف شديدة مع بداية الصيف، ويحذر تقرير "الجفاف في أوروبا 2025"، الذي أعده مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، من وضع حرج يؤثر بالفعل بشدة على مختلف القطاعات: من الزراعة والتنوع البيولوجي إلى النقل النهري وإنتاج الطاقة.
الطقس الحار وقلة الأمطار: أصل المشكلة
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، سجلت أوروبا درجات حرارة أعلى من المتوسط، وخاصة في مناطق مثل جبال الألب، والجزء الشرقي من القارة، وشمال الدول الاسكندنافية، حيث ارتفعت درجات الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية فوق المستويات الطبيعية، وتزامنت هذه الشذوذ الحراري مع نقص ملحوظ في هطول الأمطار، مما أدى إلى انخفاض مثير للقلق في رطوبة التربة وفقدان متسارع لاحتياطيات المياه.
وذكر مرصد كوبرنيكوس الأوروبي ، أن درجات الحرارة العالمية ظلت عند مستويات مرتفعة في أبريل الماضى، مواصلةً بذلك موجة حر غير مسبوقة استمرت قرابة عامين في جميع أنحاء العالم، مما دفع العلماء إلى التساؤل عن سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وصرحت سامانثا بيرجيس، مديرة برنامج كوبرنيكوس للمناخ- فى بيان - وبثه راديو "لاك" السويسري"عالميًا، كان أبريل 2025 ثاني أدفأ شهر أبريل على الإطلاق، مواصلًا سلسلة طويلة من الأشهر التى تجاوزت فيها درجات الحرارة مستويات ما قبل الثورة الصناعية المرجعية بأكثر من 1.5 درجة مئوية".
وقالت سامانثا بورجيس إن أوروبا شهدت عام 2024 فيضانات واسعة النطاق لم تشهدها منذ عام 2013 .
وأثرت درجات الحرارة القياسية في جميع أنحاء العالم أيضا على المحيطات، حيث وصل متوسط درجة حرارتها إلى 20.96 درجة مئوية في مارس ، مما جعله ثاني أكثر شهر مارس دفئا على الإطلاق.
ويصل الجليد البحري أيضا إلى مستويات قياسية، ولكنه آخذ في الانخفاض، سواء في القطب الشمالي أو في القطب الجنوبي. بالنسبة لشهر مارس، كان حجم الجليد البحري في القطب الشمالي هو الأدنى منذ 47 عاما من سجلات الأقمار الصناعية، بنسبة 6% تحت المتوسط.
أنهار أوروبا عند أدنى مستوياتها التاريخية..الراين الأبرز
ومن بين الحالات الأكثر تمثيلا حالة نهر الراين، الذي يشكل عنصرا أساسيا للاقتصاد والخدمات اللوجستية في أوروبا الوسطى. وفي مدينة كولونيا، تم تسجيل مستوى 1.54 متر فقط في 12 أبريل 2025، وهو نصف المستوى المعتاد لهذا الوقت من العام، وقد كان لهذا الانخفاض الحاد في تدفق النهر تداعيات بالفعل على الملاحة النهرية، وخاصة في أحواض الراين العليا والوسطى، مما أعاق نقل البضائع وزاد من التكاليف اللوجستية.
امتداد الظاهرة
وبالإضافة إلى نهر الراين، هناك أنهار أوروبية رئيسية أخرى تظهر عليها علامات النضوب، وتشير خرائط تدفق المياه التي وضعها كوبرنيكوس إلى أن مناطق واسعة من شمال أوروبا، فضلاً عن أجزاء من جبال الألب الغربية، وغرب روسيا، وشرق البحر الأبيض المتوسط، معرضة بشدة لخطر الجفاف.
في مارس 2025، سجلت ألمانيا أشد شهور مارس جفافاً على الإطلاق، في حين شهدت مناطق مثل شمال ألمانيا، وبنلوكس، والدنمارك، وجنوب اسكندنافيا، والمملكة المتحدة، وأيرلندا ظروف جفاف مثيرة للقلق. كما أن جنوب أوكرانيا ووسط وشرق تركيا وشمال غرب أوروبا تعاني بشدة من نقص الأمطار.
وعلى الرغم من أن بعض المناطق الجنوبية، مثل إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا، شهدت شتاءً وربيعًا أكثر رطوبة، فإن الأمطار الغزيرة تسببت في أضرار هيكلية ووفيات وأضرار للنباتات، مما يدل على أن تغير المناخ يولد الجفاف الشديد والأحداث الجوية المتطرفة في فترات قصيرة.
التربة الجافة والنباتات المعرضة للخطر
إن استنزاف رطوبة التربة يؤثر بالفعل سلباً على إنتاجية المحاصيل في العديد من المناطق. ورغم أن الغطاء النباتي بدا في حالة جيدة في نهاية شهر مارس ، وخاصة في شمال القارة، إلا أن العلماء يحذرون من أن هذا النمو المبكر قد يكون مضللاً، إذا استمر الجفاف، فقد تتعرض النباتات لضغوط شديدة خلال مرحلة النمو، مما يؤدي إلى انخفاض المحاصيل الزراعية والتأثير على النظم البيئية الطبيعية.
إنتاج الطاقة والبنية التحتية معرضة للخطر
وتؤثر مستويات الأنهار المنخفضة أيضًا على توليد الطاقة الكهرومائية، وهو أمر ضروري في العديد من البلدان الأوروبية. وبالإضافة إلى ذلك، قد تتطلب البنية التحتية الرئيسية مثل الموانئ والقنوات والسدود تعديلات تشغيلية بسبب نقص تدفق المياه. ويزيد هذا الوضع من تعرض الإقليم لخطر حرائق الغابات والآفات وتآكل التربة.
Trending Plus