بجهود ذاتية.. منزل سيد درويش يتحول إلى متحف بكوم الدكة فى الإسكندرية

في قلب حي كوم الدكة بالإسكندرية، حيث وُلدت أولى ألحان فنان الشعب سيد درويش، تشهد قطعة أرض تحمل بقايا منزله، ميلادًا جديدًا لذاكرة الموسيقى المصرية بعد سنوات من الإهمال والنسيان، بالإعلان عن تحويل منزل الموسيقار الكبير، وبجهود أهلية خالصة، إلى متحف سيد درويش، في مبادرة فريدة انطلقت من الشارع السكندري ووصلت إلى توقيع عقد رسمي في 8 مايو الجاري.
صاحب المبادرة هو الشاب السكندري مينا زكي، مؤسس مبادرة "سيرة الإسكندرية"، التي تهدف إلى تعريف الشباب بتاريخ المدينة وتراثها المنسي، خلال إحدى جولات "سيرة الإسكندرية" قبل خمس سنوات، توقف زكي أمام قطعة الأرض التي كانت يومًا منزلًا لسيد درويش. يقول: "شعرت حينها أنني أمام مسئولية لا يمكن أن أتجاهلها. كان المكان صامتًا، لكنه مليء بالصدى".
البحث قاد مينا إلى الحاج علي شتيوي، مالك الأرض، الذي اشترى الموقع من ورثة سيد درويش في ستينيات القرن الماضي، وهو ما شكّل نقطة التحول. اتفق الطرفان على إحياء المنزل من جديد، ليس كمجرد مبنى، بل كذاكرة حية لفنان الشعب.
المنزل القديم الذي سكنه سيد درويش، بحسب روايات العائلة، كان طابقًا أرضيًا مكوّنًا من ثلاث غرف بسيطة، أوسطها كانت غرفة درويش نفسه، ومن هذا المكان خرجت ألحان الثورة، والهوية، والوجدان الشعبي، واليوم، يتحول ذات المكان إلى مشروع ثقافي متكامل يضم متعلقات الفنان، نوتات موسيقية نادرة، أسطوانات قديمة، وربما تسجيلات ومقتنيات تُجمع حاليًا من عائلته ومحبيه.
لتنفيذ المشروع، تم تأسيس مؤسسة سيد درويش، وهي مؤسسة أهلية غير هادفة للربح، تتولى إدارة المتحف وجمع مواده الأرشيفية، وقد بدأت الحملة بتبرعات فردية أسهمت بجمع 250 ألف جنيه كتمويل مبدئي، وسط تفاعل لافت من المهتمين بالتراث والموسيقى، ما يعكس رغبة مجتمعية حقيقية في حفظ ذاكرة الرجل الذي غنّى للناس، وبقي صوتهم حتى بعد رحيله.
وتحمل مبادرة تحويل منزل سيد درويش إلى متحف دلالة رمزية كبيرة: أن حفظ الذاكرة الثقافية يمكن أن يبدأ من الجهود الفردية، ويستند إلى محبة الناس.
Trending Plus