تغير المناخ يهدد الزراعة فى نيجيريا.. المزارعون يعانون من جفاف مجارى الأنهار ويلجأون للمياه الجوفية.. مخاوف من تهديدات الأمن الغذائى مع تزايد عدد السكان.. وحكومة أبوجا توجه معاهد البحوث الزراعية لتطوير حلول

الجفاف
الجفاف
كتبت ريهام عبد الله

يواجه المزارعون فى نيجيريا صعوبة متزايدة فى الحصول على ما يكفى من المياه لرى محاصيلهم، إذ بدأت مجارى الأنهار تجف، مما اضطر البعض إلى اللجوء للمياه الجوفية، وتُوجَّه أصابع الاتهام بقوة إلى تغير المناخ، حيث يحذر دعاة الحفاظ على البيئة من أن الغذاء قد يصبح شحيحًا إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة لمساعدة المزارعين على رى أراضيهم.

بعد عقدين من العمل فى مزرعته فى شمال غرب نيجيريا، ومعاناة مزارعه من أجل توفير المياه، لم يعد أمام نصيرو بيلو خيار سوى ضخ المياه الجوفية، إذ لم يتبقَّ سوى بركة موحلة من نهر كان يغذى مزرعته التى تزيد مساحتها عن خمسة هكتارات، بالإضافة إلى مزرعتين أخريين فى مجتمع كوالكوالاوا بولاية سوكوتو القاحلة.
يقول: "كل هذه الأمور ناتجة عن تغير المناخ، ففى السنوات السابقة لم نكن نعرف جفاف أنهار كهذه، أما الآن فقد أصبحت جافة بسبب تغير المناخ".

يقول بيلو: "من المؤكد أن جميع سكان المنطقة، بعضهم أحصى الخسائر قبل سنوات عندما جفت الأنهار لعدم وجود أى وسيلة رى سوى النهر".

وأضاف: "أواجه صعوبات جمة لأننى لا أستخدم النهر إنه بئر، وأحيانًا يمكنك حفر بئر، لكنه يجف أثناء استخدامه، عليك حفر بئر آخر، وهذا ليس بالأمر السهل لأنك ستنفق المال على أى بئر ستحفره، وليس لديك المال الكافى لشحن المولدات (لتشغيل البئر) سنويًا، وستضطر لإدارة المولدات التى لديك حتى تحصل على المال اللازم لشراء بئر أخرى".

يُشكّل تغيّر المناخ تحديًا للزراعة فى نيجيريا، أكثر دول أفريقيا اكتظاظًا بالسكان، وتؤثر قرارات المزارعين فى الشمال، الذى يُشكّل حوالى 70% من الزراعة النيجيرية، بالفعل على أسعار الغذاء وتوافره فى الجنوب الساحلى المزدهر، موطن مدينة لاجوس (التى يُقدّر عدد سكانها بأكثر من 21 مليون نسمة). ويُشير المزارعون إلى أن المسطحات المائية التى كانت يعتمدون عليها سابقًا آخذة فى الجفاف.

وهم لا يملكون سوى موارد محدودة للاستغلال، أكثر من 80% من مزارعى نيجيريا هم من صغار المزارعين، الذين يُسهمون بنسبة 90% من الإنتاج الزراعى السنوى للبلاد، يعمل بعضهم فى حقولهم باستخدام القليل من الخشب المنحوت وأيديهم فقط، وقد شهدت الذرة، أكبر محصول حبوب فى نيجيريا، انخفاضًا فى الأراضى المزروعة من 6.2 مليون هكتار عام 2021 إلى 5.8 مليون هكتار عام 2022، وفقًا لبورصة السلع الخاصة المرخصة AFEX.

لسنوات، لاحظ النيجيريون وغيرهم المثال المأساوى لبحيرة تشاد فى شمال شرق البلاد، فقد تقلصت بنسبة 90% تقريبًا، ولا تتوفر بيانات كافية عن جفاف المسطحات المائية الأخرى الأصغر حجمًا فى الشمال.

لكن المزارعين يقولون أن هذا التوجه يتفاقم، فى ولاية سوكوتو، يحرث عمرو موازو مزرعته لزراعة محاصيل مختلفة دون ضمان حصاد وفير. يقول: "فى العام الذى بدأنا فيه، كان لدينا ما يكفى من المياه، لكن الآن لا يوجد ماء، لذلك، نضطر إلى حفر بئر للحصول على الماء لمواصلة الرى، إلا فى موسم الأمطار".

وتابع :"فى موسم الأمطار، نحصل على الماء، لكن ليس الآن، فقد انقطعت المياه، وقبل ذلك لم تكن تجف مبكرًا مثل هذا، لكنها الآن تجف، علينا حفر بئر لإتمام عملنا".

من المتوقع أن تصبح نيجيريا ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان فى العالم بحلول عام ٢٠٥٠، إلى جانب الولايات المتحدة، وبعد الهند والصين، ويحذر الخبراء من آثار انخفاض غلة المحاصيل.

وقال الدكتور عيسى يوسف سوكوتو، وهو خبير بيئى من كلية عمر على شينكافى التقنية فى سوكوتو: "إن جفاف الأنهار والبحيرات والجداول فى العقود الأخيرة مرتبط بتغير المناخ الذى أصبح مزمنًا، ويُضاف إلى ذلك الطبيعة الهشة لولاية سوكوتو، كونها منطقة شبه قاحلة، حيث يُعانى التصحر وغيره من المشاكل المناخية المرتبطة به من تفاقم الوضع، ولهذا السبب نكافح الجفاف، وهو ما يشكو منه المزارعون الآن".

يشرح الدكتور يوسف سوكوتو كيف أظهرت الدراسات أن ثلثى الأشجار فى سوكوتو قد ذبلت، مما يُسهم فى ارتفاع درجات الحرارة.

ويقول: "إذا لم يُقدّم أى تدخل للمزارعين، وكان هذا التدخل طارئًا، فستكون هناك أزمة حقيقية، أزمة غذاء، وأزمة مياه، بل وحتى أزمة صحية، لأن جميع هؤلاء هم أبناء وبنات قد تُولّدهم أزمة تغير المناخ".

يؤثر انخفاض إنتاجية المزارع بشكل ملحوظ على مناطق أخرى فى نيجيريا، وخاصةً فى الجنوب، وتُظهر بيانات وكالة الإحصاء الحكومية أن الزراعة المحلية ساهمت بنسبة 22% من الناتج المحلى الإجمالى النيجيرى فى الربع الثانى من عام 2024، بانخفاض عن 25% فى الربع السابق، بينما بلغت واردات الغذاء أعلى مستوياتها فى خمس سنوات.

مع توقع وصول عدد سكان نيجيريا إلى 400 مليون نسمة بحلول عام 2050، دأبت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة على تشجيع الزراعة الذكية مناخيًا للمساعدة فى ضمان الأمن الغذائى.

وقد وجهت الحكومة النيجيرية معاهد البحوث الزراعية لتطوير حلول، ولم يكن هذا ليأتى فى وقته المناسب - ففى الوقت الحالى، يواصل مزارعون مثل بيلو وموازو محاولة الزراعة فى الأراضى الجافة.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى