دور الأحزاب السياسية في الشارع والاستعداد للانتخابات البرلمانية

تشهد الدولة المصرية الفترة المقبلة مرحلة هامة في المشهد السياسي، إذ تترقب القوى السياسية إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة والتي ستأتي في توقيت بالغ الدقة وفي ظل تحديات كبيرة وجسيمة تواجهها الدولة المصرية، مما سيلقي على عاتق البرلمان القادم وعلى عاتق الأحزاب السياسية مسئوليات كبيرة يجب الاستعداد لها جيداً من جانب الأحزاب التي تنتوي خوض الانتخابات البرلمانية لمجلسي النواب والشيوخ.
وللأحزاب السياسية جذور عميقة فى تاريخ مصر الحديث، وتملك مصر حياة حزبية عريقة شهدت طفرة كبيرة بعد ثورة 30 يونيو، وكان أمام الأحزاب السياسية فرصة جديدة للانخراط أكثر فى المجتمع والتفاعل مع قضايا الوطن من خلال المشاركة في الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى في 26 إبريل 2022، خاصة أن مصر لديها عدد كبير من الأحزاب السياسية في ظل الحرص على تعزيز التعددية السياسية والحزبية التي نصت عليها المادة 5 من الدستور المصري 2014، حيث تنص على أن يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة"، ومن ثم باتت الأحزاب هى الطريق الأمثل للمشاركة السياسية الفاعلة.
وفي إطار الاستعدادات للانتخابات البرلمانية فإن من الضروري أن يكون لدى كل حزب برنامج واضح وخطة فاعلة للتحرك على أساسها خلال الفترة المقبلة، وأن تسعى الأحزاب السياسية إلى تكثيف تحركاتها في الشارع وتواصلها مع المواطنين، وأن تكون لديها القدرة على إقناع المواطنين ببرامجها وطرح الحلول والرؤى لمختلف المشكلات والقضايا التي يواجهها المجتمع، علاوة على التسابق من أجل تعزيز جسور التواصل والثقة مع الشارع المصري.
إن الأحزاب السياسية في مصر تحتاج إلى التعبير عن نفسها وعن برامجها والتواصل المستمر مع المواطنين والاستماع إلى مشكلاتهم والاشتباك مع الواقع في الشارع لتكون قريبة من المواطنين وتشعر بهمومهم ومشكلاتهم وتقديم سيناريوهات الحل وآليات الدعم، فالحزب السياسي الحقيقي يجب أن يصل إلى مرحلة النضج والقدرة على التعبير عن نفسه بشكل حقيقي، والقدرة على الوصول إلى المواطنين، مما يساهم في زيادة شعبيته وقاعدته الجماهيرية، الأمر الذي يثبت قدرة الحزب على خوض معترك الانتخابات البرلمانية والمنافسة على مقاعد مجلسي النواب والشيوخ.
هذه الفترة هى مرحلة تحدي حقيقي للأحزاب السياسية في مصر، فيجب أن تعمل على قدم وساق من أجل تعزيز دورها في إثراء الحياة السياسية والحزبية، وتوعية المواطنين بأهمية دور الأحزاب، ولكن الفيصل في الأمر هو مدى قدرة الحزب على التواجد في الشارع وكسب ثقة المواطنين.
أتمنى أن يقوم كل حزب سياسي في مصر بتقييم نفسه وتحديد نقاط ضعفه وقوته والعمل عليها لتطوير وتحسين الأداء، وأن يدرس الواقع في كل المحافظات والدوائر ومدى قدرة الحزب على المنافسة في الاستحقاقات الانتخابية، فكل الأحزاب السياسية عليها أن تعمل وفق خطة مدروسة لإعداد وتأهيل الكوادر السياسية لتكون هناك كوادر سياسية حزبية مؤهلة، وخلق شخصيات سياسية قيادية تكون قادرة على المشاركة في صنع القرار.
أيضاً الأحزاب السياسية مطالبة بتعزيز جهودها لتوعية المواطنين بأهمية المشاركة السياسية والحرص على المشاركة في الانتخابات النيابية وأهمية صوت كل مواطن في صندوق الانتخابات لاختيار من سيمثله في البرلمان القادم، ويمكن تتشارك الأحزاب السياسية وتنسق مع بعضها البعض في حملة مكثفة لتعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين، بأن يتم تعريف المواطن والشرح له حول تفاصيل الحياة الحزبية والنيابية والعمل البرلماني واختصاصات مجلسي النواب والشيوخ في الدستور، وحثه على المشاركة في الانتخابات وكيفية المشاركة.
إن الأحزاب المصرية فى اختبار مهم يمكن أن تُقاس عليه قدرتها على المشاركة الفعلية فى صناعة القرار، بأن تكون لديها برامج انتخابية حقيقية ترتبط بالواقع وهموم المواطن المصري ومشاكله، وأن تكون مستعدة للانتخابات بكل الوسائل والطرق، لديها كوادر مؤهلة ومدربة.
كما يجب أن يكون لدى الأحزاب رؤية واضحة في دعم جهود الدولة المصرية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الراهنة التى يفرضها علينا الواقع العملى، فمصر قلب العالم والنقطة الجيوساسية الأهم على الخريطة العالمية، ومن ثم ترتيب أولويات العمل فى الداخل المصرى يجب أن يتفق والمتغيرات الدولية والتحديات الداخلية، ما يصعب الاختبار على الأحزاب، ولكن جودة الحياة الحزبية الآن تُبشر بنتائج إيجابية مُنتظرة من أحزاب الجمهورية الجديدة.
Trending Plus