أحمد بن طولون ينشئ البيمارستان.. ما الذى قدمته للمرضى؟

استحق أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية في مصر، أن تخلد سيرته في ذاكرة التاريخ، فلا نَزال نذكره حتى الآن بمسجده الشهير الذي يتّسم بروعة البناء المعماري الفريد، باقيًا على حالتِه الأصلية، شاهدًا على عظمة دولته ومبلغ حضارتها التي ملأَت أصداؤها الآفاق.
أحمد بن طولون الذى تمر ذكرى رحيله في مثل هذه الأيام من شهر مايو، نجح بجدارته وقدرته الحربية أن ينقل مصر بعد أن أسندت إليه ولايتها من ولاية تابعة للخلافة العباسية، إلى دولة مستقلة تنعم بالاستقلال في شتى مناحي الحياة، ظل يحكمها هو وخلفاؤه لسنوات عديدة، وفقًا لكتاب "سيرة أحمد بن طولون" لأبو محمد عبد الله بن محمد المديني البلوي.
أحمد بن طولون لمّا فتح أنطاكية رجع إلى مصر وبنى فيها المسجد الجامع المطل على البِرْكة وبنى البيمارستان ـ مؤسسة طبية ظهرت في العصر الإسلامي ـ، وبنى مصنعًا يجري فيه الماء من البِرْكة المعروفة بالحبش إلى المعافر.
وقد أنشأ ابن طولون البيمارستان سنة (259 هـ/ 872)؛ لمعالجة المرضى مجانًا دون تمييز بين الطبقات والأديان، وجعل العلاج فيه دون مقابل، وألحق به صيدلية لصرف الأدوية، فإذا دخل المريض المستشفى تنزع ثيابه وتقدَّم له ثيابٌ أخرى، ويودع ما معه من المال عند أمين البيمارستان، ويظل المريض تحت العلاج حتى يتم شفاؤه، وكانت دلالة شفاء المريض قدرته على أكل رغيف كامل ودجاجة، وعندئذٍ يسمَح له بمغادرة المستشفى، وكان ابن طولون يتفقد المستشفى، ويتابع علاج الأطباء، ويشرف على المرضى.، وقد غرم على البيمارستان ستين ألف دينار.
الدولة الطُولونية هى إمارة إسلامية أسسها أحمد بن طولون التغزغزى التركى فى مصر، وتمددت لاحقا باتجاه الشام، لتكون بذلك أول دويلة تنفصل سياسيا عن الدولة العباسية وتتفرد سلالتها بِحكم الديار المصرية والشامية، قامت الدولة الطُولونية خلال زمن تعاظم قوة الترك فى الدولة العباسية وسيطرة الحرس التركى على مقاليد الأُمور، وهو ذاته العصر الذى كان يشهد نُموا فى النزعة الشعوبية وتغلب نزعة الانفصال على شعوب وولاة الدولة مترامية الأطراف، فكان قيام الدولة الطولونية إحدى النتائج الحتمية لتنامى هذا الفكر.
Trending Plus