كيف تحدث الزلازل ؟ .. فهم مبسط لإحدى أكثر الظواهر الطبيعية غموضًا وخطورة

حين تهتز الأرض فجأة،  ويهرع الناس من منازلها، وتتردد أخبار عن زلزال جديد ضرب منطقة ما، غالبًا ما تسيطر مشاعر الخوف والتساؤل: ما الذي يحدث تحت أقدامنا؟ ولماذا تتحرك الأرض فجأة؟ وكيف تحدث الزلازل؟ 

الزلازل ظاهرة طبيعية مذهلة ومعقدة، لكنها في جوهرها نتيجة لحركة الأرض المستمرة، فهي ليست مجرد اهتزازات مفاجئة نشعر بها تحت أقدامنا، بل هي رسالة من باطن الأرض تخبرنا أن كوكبنا حيّ، يتحرك ويتنفس بطريقته الخاصة، لكن ما سرّ هذه الظاهرة؟ ولماذا تهتز الأرض فجأة؟ للإجابة على هذه الأسئلة، دعونا نغوص معًا في أعماق الأرض ونكتشف ما يحدث هناك، خاصة بعدما تعرضت القاهرة لهزة أرضية شديد صباح اليوم، حيث سجلت محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل، هزة أرضية علي بعد 631 كيلومتر شمال رشيد بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر.

بنية الأرض: طبقات تتحرك في صمت

الأرض ليست كتلة صلبة واحدة، بل تتكون من عدة طبقات فوق بعضها، في الأعلى توجد "القشرة الأرضية"، وهي الطبقة التي نعيش عليها، تحتها مباشرةً طبقة أكثر سُمكًا تُسمّى "الوشاح"، وفي العمق نجد "اللب" الذي ينقسم إلى جزء خارجي سائل وجزء داخلي صلب، القشرة والجزء العلوي من الوشاح يشكلان معًا ما يُعرف بـ"الغلاف الصخري"، وهو مقسّم إلى قطع ضخمة تُسمّى "الصفائح التكتونية".

بنية الأرض

الصفائح التكتونية: قطع الأرض التي تتحرك

تخيّل أن الأرض مغطاة بمجموعة من القطع الكبيرة، مثل بلاطات تطفو فوق سطح ساخن، هذه البلاطات هي الصفائح التكتونية، وهي تتحرك ببطء شديد، ربما فقط سنتيمترات قليلة في السنة، لكنها حين تتصادم أو تنزلق بجوار بعضها، تحدث الكارثة، حركة هذه الصفائح هي السبب الرئيسي لمعظم الزلازل على كوكب الأرض، فهذه هذه الحركات لا تحدث بسلاسة دائمة، بل غالبًا ما تصطدم الصخور وتتشقق تحت ضغط هائل، لتُحرّر طاقة كبيرة على شكل زلزال.

حركة الأرض

ما الذي يُحرّك هذه الصفائح؟

الحركة ناتجة عن حرارة باطن الأرض، وهي تشبه تمامًا ما يحدث في قدر ماء على النار، ففي الطبقات العميقة، توجد تيارات حرارية تُشبه الغليان تدفع الصفائح من الأسفل، فتبدأ بالتحرك تدريجيًا، هذه الحركة ليست سلسة دائمًا، بل تتسبب أحيانًا في ضغط هائل بين الصفائح، يتراكم مع الوقت، فالحرارة القادمة من نواة الأرض تُحرّك المواد الصخرية في شكل دوّامات تُسمّى "تيارات الحمل الحراري". هذه التيارات تدفع الصفائح التكتونية ببطء، وهي السبب الرئيسي في حركة القارات، وتكوين الجبال، و... الزلازل.

سبب الحركة

أنواع حدود الصفائح: تصادم، تباعد، وانزلاق

الزلازل تحدث عادةً على حدود الصفائح، وهناك ثلاثة أنواع رئيسية لهذه الحدود، النوع الأول هو الحدود المتقاربة، حيث تصطدم الصفائح ببعضها مثل جبال الهمالايا، النوع الثاني هو الحدود المتباعدة، حيث تبتعد الصفائح عن بعضها، كما يحدث في قاع المحيطات. أما النوع الثالث فهو الحدود الانزلاقية، حيث تتحرك الصفائح بجوار بعضها أفقيًا، كما نرى في صدع سان أندرياس الشهير، وجميع هذه الحدود تُعتبر مناطق نشطة زلزاليًا.

نظرية الارتداد المرن: كيف يبدأ الزلزال؟

هذه النظرية تُعد واحدة من أهم التفسيرات العلمية لحدوث الزلازل، الصخور التي تتعرض لضغط مستمر تبدأ في الانحناء تدريجيًا، ومع الوقت، يصل هذا الضغط إلى حدّ لا تحتمله الصخور، فتنكسر فجأة وتتحرك بشكل عنيف، هذه الحركة السريعة تُطلق كمية كبيرة من الطاقة في صورة موجات زلزالية، هي ما نشعر به كزلزال، بعد ذلك، تعود الصخور إلى شكل أقرب إلى وضعها الطبيعي، ولهذا سُمّيت النظرية بـ"الارتداد المرن".

نظرية الإرتداد المرن

أنواع الأعطال (الصدوع).. حيث تنكسر الأرض

الأعطال أو "الصدوع" هي الأماكن التي تنكسر فيها القشرة الأرضية نتيجة الضغط، هناك ثلاثة أنواع رئيسية:

• العطل العادي يحدث عندما تنزلق الكتلة العلوية إلى الأسفل نتيجة قوى الشد.
• العطل العكسي حيث تُدفع الكتلة العلوية إلى الأعلى بسبب الضغط،
• العطل الجانبي عندما تتحرك الكتل الصخرية أفقياً بجوار بعضها البعض. كل نوع من هذه الأعطال ينتج عنه نوع مختلف من الزلازل من حيث العمق والقوة والاتجاه.