تاريخ المصريين.. مبادرة هيئة الكتاب لإعادة قراءة التاريخ بعين جديدة

تواصل الهيئة المصرية العامة للكتاب إصدار سلسلة "تاريخ المصريين"، التى تُمثّل أحد أبرز مشاريع النشر الثقافى فى مصر خلال العقود الأخيرة، لا تكتفى السلسلة بالتوثيق التقليدى، بل تنفتح على قراءة متعددة الأبعاد للتاريخ، تُزاوج بين الصرامة الأكاديمية وروح التحليل الثقافى، لتقدم للمكتبة العربية مشروعًا متجددًا يُعلى من قيمة التاريخ كأداة للوعى، لا كمجرد سرد للماضى.

ومن أبرز ما صدر مؤخرًا ضمن السلسلة: "فتاوى المصريين فى نصف قرن… الشارع والقصر والإنجليز" للدكتور عمرو محمد عبد المنعم، دراسة تتناول دور الفتوى في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي من عام 1895 حتى 1952، وتُبرز كيف عبّرت الفتوى عن التوترات بين السلطة والمجتمع، والدين والحداثة، والمقاومة والاحتلال.

"تاريخ بلاد ما وراء النهر وحضارتها في زمن المغول" للدكتور إبراهيم عبد المقصود الشرقاوي، عمل يقدم إضاءة عميقة على مرحلة مفصلية في تاريخ العالم الإسلامي، حين هز الغزو المغولي أركان المشرق، لكنه فتح في الوقت ذاته الباب لتحولات سياسية وفكرية كبرى.

"إقليم باثيريتيس في مصر إبان العصر البطلمي" للدكتورة سهام فتحي محمد، دراسة وثائقية نادرة تعتمد على مصادر أصلية باللغتين اليونانية والديموطيقية، تعيد بناء صورة دقيقة لحياة إقليم مصري في الجنوب خلال فترة احتكاك حضاري مع العالم الهلنستي.

"الإمبراطورية البريطانية.. من قيام الدولة القومية إلى سقوطها" للدكتور فطين أحمد فريد علي، بحث في صعود وسقوط واحدة من أضخم الإمبراطوريات الحديثة، يُحلل أدوات السيطرة وأسباب التفكك، ويربط التحولات الإمبراطورية بموازين القوى الدولية.

ما يجعل هذه السلسلة مميزة هو توجهها إلى جمهور أوسع من المختصين. فهي تكتب بلغة رصينة لكنها غير مغلقة، ما يجعلها جسرًا بين البحث الأكاديمي والقراء الباحثين عن فهم عميق لتاريخهم خارج الأطر النمطية. السلسلة تؤكد أن قراءة التاريخ ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية في عالم يتغير بوتيرة متسارعة.