ريم بسيونى فى ملتقى اليوم السابع للفنون والثقافة.. ما زلت أحتفظ برواياتى المكتوبة فى طفولتى وقد أنشرها يوما.. توقفت 7 سنوات عن الكتابة وعدت بثلاثية "أولاد الناس".. ونجيب محفوظ غيَّر مفهومى عن القراءة

ريم بسيونى فى ملتقى اليوم السابع للفنون والثقافة
ريم بسيونى فى ملتقى اليوم السابع للفنون والثقافة
أدار الحوار – أحمد إبراهيم الشريف - أعدها للنشر: محمد عبد الرحمن – بسنت جميل – عبد الرحمن حبيب – محمد فؤاد - تصوير حسن محمد – أحمد سامح

كل أبطالي "حقيقيون".. والدكتورة هناء شخصية أعرفها

كتبت رواية عن طارق ابن زياد عندما كان عمري 16 سنة ولم تنشر 

لم أهتم بالآثار الإسلامية حتى سنة 2013.. والسلطان حسن السبب

كنت محظوظة بدراستى في جامعة الإسكندرية.. وأدين للدكتور محمود حسن بالكثير.. وتأثرت بـ أدب يحيى حقي

المماليك لم يكونوا محتلين لـ مصر.. وهذه هي الأسباب

وحيد حامد أراد تحويل ثلاثية المماليك لعمل درامي .. والمشروع لم يكتمل

المرأة في أعمالي ليست خاضعة لكنها ابنة السياق التاريخي .. وأحيانا متمردة

الصوفية "فطرة" أصيلة في المصريين.. وأحرص على الحديث مع الله 

واجهت صراعا نفسيا بسبب شخصية الحاكم بأمر الله في "الحلواني"

لم أتوقع حصولي على أي جائزة.. و"الدنيا مبتديش محتاج"

الجمهور له تأثير على الكاتب.. وتعلقي بالصوفية بدأ بسؤال من أحد القراء

أبو حامد الغزالي أهم المتصوفة.. وبذلت مجهودا لتصحيح بعض المغالطات

نصيحتي للشباب تقبلوا الرأي الآخر واقرأوا كثيرا.. وبداية الإصلاح من المدارس ودراسة "النقد" ضرورة

كان حضور الكاتبة الكبيرة الدكتورة ريم بسيوني فى "ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون" حضورًا لطيفًا يليق بشخصيتها وكتاباتها، فالحوار معها ظل ينمو مثلما نمت إبداعاتها التى بدأت بمحاولات الطفلة ذات الاثنى عشر عامًا، وصولا إلى الاسم اللامع فى عالم الأدب، ومثلما تؤمن ريم بسيونى بأن الصوفية هى الحل للإنسان فى زمن القلق، وأن هذه الصوفية درجات وطبقات كان الحديث عن رواياتها وطبقاتها الفن فى مؤلفاتها، فتحدثنا عن البدايات والتحولات، وتوقفنا عند مفاهيم الإنسان والفن والهوية.

إلى نص الحوار..

أبى كان ناقدى الأول.. وأمى دعمتنى بلا شروط

افتتحت الندوة الأستاذة علا الشافعى، رئيس تحرير اليوم السابع، متحدثة عن قيمة ريم بسيونى وأثرها فى المشهد الثقافى الآن، واختارت أن تسألها عن البدايات، عن الطفولة وأثرها، فأشارت ريم بسيونى إلى أن بداياتها فى الكتابة مختلفة، وإن كان الغالب على كثير من الكتاب أنهم فى طفولتهم يكتبون عن مشاعرهم والأشياء الصعبة التى تعرضوا لها، فيصيغون ما يشبه المذكرات، لكنني أول ما بدأت فى الكتابة وكنت أبلغ من العمر 12 عاماً، بدأت بطريقة مختلفة فلم أكتب عن نفسي، لكنني كتبت عن مشاعرى تجاه الناس الذين أثروا فى شخصيتي سواء بالكلمة أو الموقف.

وعن الشخصيات التى أثرت فى تكوينها، قالت ريم بسيوني، والدتي ووالدي أكثر من أثرا في طفولتي وعلاقتي بالكتابة والقراءة، فقد كانت والدتي تقرأ ما أكتبه باهتمام بالغ، وكان لديها شعور دائم بأن كل ما أكتبه يحمل قيمة وأهمية، أما والدي، فكان قارئا مؤثرًا، لا يكاد يفوته كتاب، وكان يشجعني على الاستمرار في الكتابة دون تعليق، إلى أن أنهيت روايتي الأولى "رائحة البحر"، فقرأها بعين الناقد، وكان معجبًا بشكل خاص برواية "ولاد الناس" يراها من أفضل أعمالي، قبل أن يتوفاه الله.

د. ريم بسيوني
د. ريم بسيوني

نجيب محفوظ غيَّر ذائقتي في القراءة.. والحرافيش الرواية الأقرب لقلبي

أما فيما يتعلق بالملهمين والمؤثرين فى إبداعها، فعلقت على ذلك بأنه يمكنني القول إن القراءة أعظم متع الحياة بالنسبة إليَّ حتى هذه اللحظة، فهي الحبيب الأول والصديق الوفي الذي رافقني منذ الطفولة، كانت الكتب ملاذي الدائم، وبوابتي لاكتشاف العالم، وتشكلت ذائقتي الأدبية عبر مراحل زمنية مختلفة، في البداية، كنت مولعة باللغة العربية وأشعارها، خاصة القصائد الرومانسية، كما أحببت الأدب الإنجليزي وفقًا لدراستى، لكن هذه الذائقة بدأت تتغير حينما اكتشفت عالم نجيب محفوظ، وكان ذلك عندما بلغت السادسة عشرة من عمري، قرأت أعماله بشغف واهتمام بالغ، ومع كل قراءة جديدة كنت أشعر أنني أكتشف نصوصه من منظور مختلف، كأنني أقرؤها للمرة الأولى، ولا تزال كتاباته ترافقني حتى اليوم، وأجد فيها عمقًا متجددًا كلما عدت إليها، أما الرواية الأقرب إلى قلبي، فهي بلا شك "الحرافيش".

 

ما زلت أحتفظ بـ رواياتي المكتوبة في طفولتي.. وقد أنشرها يوما ما

وبالنسبة لأول أعمالها رواية "أسابق الزمن" فتحدثت "ريم" قائلة، لا تزال كل الروايات التي كتبتها منذ صغري محفوظة لدي حتى الآن، كجزء من ذاكرتي الأدبية، كتبت أولى رواياتي بعنوان "أسابق الزمن"، وكانت تدور حول سيدة في منتصف العمر تتعرض لحادث أليم، تُجبر بعده على الهجرة من بلدها، فتجد نفسها متورطة في سلسلة من جرائم القتل، كنت آنذاك أميل إلى كتابة القصص ذات الطابع الكئيب، التي تتسم بتعقيداتها النفسية، ولا تزال لدي قصص أخرى كتبتها في مراحل مختلفة، وقبل أن أبدأ في كتابة روايتي "رائحة البحر"، قمت بإعادة كتابة رواية كنت قد أنجزتها في سن 21 عاما لكنني تركتها دون نشر، ومع ذلك، تظل تلك الرواية قريبة إلى قلبي، وربما يأتي اليوم الذي أقرر فيه نشرها، فبوجه عام، لا أجد مانعًا من إعادة نشر كتاباتي الأدبية القديمة، لأنها تعبر عن مراحل مختلفة من حياتي.

 

موقف صغير أو مشهد عابر رأيته قد يكون الشرارة الأولى لأكبر الأعمال

وبسؤالها حول شخصيات رواياتها بين الواقع والخيال، أجابت بأن كل الشخصيات التي قدمتها انطلقت من الواقع، لأنني أؤمن أن وجود قدر من الحقيقة في العمل الأدبي يسهل على القارئ التفاعل معه، وكثيرًا ما يكون موقف صغير أو مشهد عابر رأيته في الحياة، هو الشرارة الأولى التي أبني عليها ملامح الشخصية التي أكتبها، وأشكل من خلاله عالمًا روائيًا، وأقرب مثال على ذلك رواية "الدكتورة هناء"، فشخصيتها واقعية للغاية، وملموسة بالنسبة لي.

علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع تتحدث
علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع تتحدث

وعن رواية "بائعة الفستق" بما تحمله من أفكار، قالت إن رواية "بائعة الفستق" تعد من أبرز أعمالي التي حظيت بالترجمة وحققت نسب مبيعات مرتفعة، حتى أصبحت من بين الأعلى مبيعًا، والرواية تحمل بعدا تاريخيا وإنسانيا مهمًا، لا يخص مصر فقط، بل يعكس تحولات كبرى في مسار الإنسانية، وتتمحور القصة حول شخصية "وفاء"، التي انتقلت من دمنهور إلى الإسكندرية، وكانت تشعر بوقع العالم الخارجي عليها، لا سيما في ظل بدايات التمدد الرأسمالي عالميًا، بتعقيداته الاقتصادية والسياسية، وما يميز الرواية بالنسبة لي أن موضوعها ظل حيا في الوجدان.

 

كتبت رواية عن طارق ابن زياد عندما كان عمري 16 سنة ولم تنشر.. 

وعن المراحل الأدبية التي مرت بها، أكدت: من الصعب تقسيم أعمالي الأدبية إلى مراحل محددة بدقة، لكن عند التأمل في مجمل كتاباتي، أجد أن بدايتي الحقيقية كانت مع الكتابة التاريخية، وذلك في سن السادسة عشرة، عندما شرعت في تأليف رواية عن "طارق بن زياد"، ولا يزال يتبقى فصل واحد فقط على اكتمالها ونشرها، بعد تلك البداية، توقفت عن الكتابة لفترة طويلة، ثم عدت إليها بشغف متجدد، لكن هذه المرة كانت عودتي من بوابة التاريخ الإسلامي، خاصة بعد زيارة لمسجد السلطان حسن، التي ألهمتني وأثارت في داخلي رغبة في الغوص أكثر في العمق التاريخى والدينى، أما اهتمامي بالتصوف، فلم يكن روحيًا فقط، بل كان أيضا تاريخيا وفكريا، فقد نظرت إلى الفكر الصوفي كحالة تطور داخل التاريخ الإسلامي، وحاولت أن أتتبعه ودمجه فى رواياتى. 

خلال ملقتى اليوم السابع للثقافة والفنون
خلال ملقتى اليوم السابع للثقافة والفنون

شكسبير وجين أوستن وإيملي برونتي أساتذتي.. ودراستي للغة الإنجليزية من حسن حظي

وحول نقطة التحول الأدبى وخاصة الأدب الإنجليزى، علقت ريم بسيوني أنه يمكن القول، إن نقطة التحول الحقيقية في مسيرتي جاءت من خلال قراءتي وتأثري العميق بأعمال الروائية العالمية "جين أوستن" و الأدبية "إيميليى برونتى"، كان لأعمال "ويليام شكسبير" أثر بالغ في تشكيل ذائقتي الأدبية، وقد ساعدتني كثيرا دراستي للغة الإنجليزية وآدابها، حيث أتيحت لي فرصة التعرف على أدب مختلف عن بيئتي المباشرة، نعم أحب لغتى العربية الأم ولكنى أعتبر نفسى أكثر حظًا بسبب دراستى للغة الإنجليزية، فقد تعلمت من خلال الدراسة أدوات النقد الأدبي وأساليب الكتابة الإبداعية، لا سيما كيفية تحليل النصوص، والغوص في أعماق الشخصيات، وربط السرد بالبناء الدرامي الداخلي للعمل، هذه المهارات، من وجهة نظري، ضرورية لأي شخص يطمح إلى دراسة الشعر أو الرواية.

 

توقفت 7 سنوات عن الكتابة وعدت بـ "أولاد الناس.. ثلاثية المماليك" ..

وبالنسبة إلى النقلة الأدبية من رواية الدكتورة هناء إلى رواية أولاد الناس، قالت، بعد كتابة رواية "أشياء رائعة" توقف 7 سنوات عن الكتابة وبدأت اقرأ بشكل كبير فى تاريخ مصر، وهذا ساعدنى فى التحول، وكتبت رواية ولاد الناس، والرواية حجمها كبير وبعد ذلك حققت نجاحا كبيراً، وكانت تحديا بالنسبة إلىَّ، لأن دار النشر لم تحذف أي صفحة، وحاليا أشعر بالاندهاش بأنها لاتزال فى قائمة الأعلى مبيعاً. 

الدكتورة ريم بسيوني فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
الدكتورة ريم بسيوني فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

لم أهتم بالآثار الإسلامية حتى سنة 2013.. والسلطان حسن السبب

أنا ولدت وعشت أغلبية عمرى في مدينة الإسكندرية، وأعترف بأن الآثار الإسلامية لم تكن تشغلني بشكل كبير حتى وصلت لعام 2013 وقمت بزيارة مسجد السلطان حسن لأول مرة، وعندما نظرت للمسجد رأيت العظمة والجمال منقطع النظير، ومن هنا بدأت البحث فى التاريخ الإسلامى وغوصت فيها حتى الآن، وكتبت رواية رواية "أولاد الناس" حوالى ثلاث سنوات.

 

كنت محظوظة بدراستى في جامعة الإسكندرية.. وأدين للدكتور محمود حسن بالكثير.. وتأثرت بيحيى حقي في فن القصة

وعن الكتاب والأساتذة الذين أثروا فيها؟ قالت لا يمكن أن نغفل دور المعلم، كنت محظوظة لأنني درست في كلية الآداب جامعة الإسكندرية ودرست لى الدكتورة نازك فهمي، والدكتور محمود حسن الذى أعتبره كما لو أنه تبناني في تلك المرحلة من حياتي، فلقد رأى إن لدى موهبة ولفت نظري إلى ضرورة تنميتها، في تلك الأيام كنت قررت أن أقدم رسالة الدكتوراه الخاصة بى في الشعر ولكنه غير مسارى وبدل طريقى إلى اللغويات ثم بعد ذلك شجعني على الدراسة في جامعة أكسفورد.

وهناك كتاب كثيرون ممتازون في مصر وخارج مصر وقد اطلعت على كتابات في غاية القوة لدى تحكيمى في جائزة البوكر واكتشفت كتبا عن عوالم مختلفة منها عالم السحرة على سبيل المثال، وفي عالم القصة القصيرة تأثرت كثيرا بيحيى حقى ويوسف إدريس.

خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

المماليك لم يكونوا محتلين لـ مصر.. وهذه هي الأسباب

لابد أن نتفق على أن الهوية المصرية تأثرت بعدة عوامل منها "العِرق" و"التاريخ"، أما الدين فليس لدينا تنوع كبير فنحن مسيحيون ومسلمون، والحقيقة أن هذه الفكرة "العرق" وردت إلينا في القرن التاسع عشر عبر الفرنسيين والألمان، قبل ذلك كانت الهوية المصرية مختلفة، لدرجة أن المرسى أبو العباس القادم من إسبانيا تحول إلى أيقونة الإسكندرية دون أن يؤثر عليه كونه قادما من إسبانيا، والناس يحلفون باسمه حتى الآن فيقولون والمرسى أبو العباس، وما أقصد قوله هو أن فكرة "العرق" فكرة أوروبية جاءتنا في القرن التاسع عشر وقبلها لم تكن تلك المسألة فارقة.

ريم بسيوني توقع أعمالها فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
ريم بسيوني توقع أعمالها فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

وعن سؤال: لماذا ظهرت فكرة العرق في القرن التاسع عشر؟ أجابت الأمر له علاقة باحتلال الفرنسيين لبلادنا ومن بعدهم الإنجليز، وخصوصا الإنجليز، حيث كانوا يضربون في الهوية مباشرة باعتقادهم أن المصريين قوم بلا هوية، وقولهم إنهم مجموعة من البشر المتواجدين في نفس المكان بلا هوية واضحة، ومن هنا كان الدفاع واضحا عن الهوية والالتجاء إلى أهمية العرق "أن تكون مصريا ابن مصرى" أو "مصرى وأبويا مصرى"، لكن في العصر المملوكي لم تكن فكرة العرق تلك فارقة، فكان المهم أن يكون الرجل قد عاش في مصر، وأن يكون مسلمًا، لا سيما أن المماليك كانوا يعرفون العربية جيدا، ويحكي أن أحمد بن طولون مثلا حين عين أحد الأقباط في أمر ما، فسأله رجل عراقي كيف تعين من لا يحسن العربية؟ قال له هذا ليس مهما، المهم أنها بلاده، وعموما ففي تلك العصور سادت تلك الذهنية إذ كان الأهم أن يكون الرجل عاش في مصر وأنه يريد الموت بها، لذا نلاحظ أن المؤرخين مثل المقريزى وغيره أشاروا دائما إلى الشخصيات التاريخية بذكر أنه عاش في بلد كذا أو كذا بينما لم يتطرقوا إلى كون الشخص من أب وأب مصريين.

 

وحيد حامد أراد تحويل ثلاثية المماليك لعمل درامي .. والمشروع لم يكتمل

وعن أعمالها والدراما، خاصة أنه كانت لدى السيناريست الراحل وحيد حامد رغبة في تحويل ثلاثية المماليك إلى عمل درامي، علقت ريم بسيوني، إنه بالفعل كان هناك مشروع، لكنه لم يكتمل كما أن إنتاج فيلم أو مسلسل عن "أولاد الناس.. ثلاثية المماليك" يحتاج إلى إنتاج ضخم لكن الأمر يستحق لأنه يضىء فترة مهمة من تاريخ مصر، ولكن حتى الآن ليست هناك أى أعمال درامية أو مشروعات حتى.

خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

المرأة في أعمالي ليست خاضعة لكنها ابنة السياق التاريخي .. وأحيانا متمردة

وعن المرأة في أعمالها، وهل هي ضعيفة أم مستضعفة أم مقهورة أمم ذكية؟، أجابت ريم بسيوني، لا أحب التنميط في الشخصيات، فلدينا في الحياة نماذج مختلفة، وكذا في الروايات ولا بد من استلهام روح العصر والمصداقية عند رسم الشخصيات، خصوصا في الروايات التاريخية.. وفي كتابتي لا أحب فكرة الشر من أجل الشر فلا بد أن تكون هناك دوافع حتى الشخصيات الشريرة مثل ابن المدبر في القطائع، مثلا فهذه الشخصية لها دوافع طوال الوقت كما أنه ليس شريرا طوال الوقت فهو يعذب المصريين فعلا ضمن الأحداث لكنه يعطف على الطفلة في موضع آخر وهذا هو حال البشر.

 

الصوفية "حس" أصيل في المصريين.. وأحرص على الحديث مع الله 

وعن الشخصية المصرية والتصوف، قالت، أرى أن هناك جزءًا جوهريًا في الشخصية المصرية يتمثل في الحسّ الصوفي، وهذا الحسّ يكاد يكون متأصلًا فينا جميعًا، وإن كان بدرجات متفاوتة، إذا تأملتَ الناس حولك، ستجد أن كلًّا منا يمتلك هذا البُعد الروحي بشكلٍ أو بآخر، لكنه يتجلّى في أشكال مختلفة.

أعتقد أن كل إنسان يلجأ إلى شيءٍ مماثل حينما يشتد عليه العالم. هذه اللحظات ليست فقط تأملًا، بل هي طريقة حديثة – إن جاز التعبير – للجلوس مع الذات، تسألني: هل أجلس مع نفسي؟ أقول: نعم، حتى وإن كانت دقائق معدودة، أتحدث فيها مع نفسي، وأحيانًا مع الله، وأجد في ذلك قدرًا عظيمًا من الصفاء، هذه اللحظات تُشعرني بأنني ما زلت أملك الإنسان الذي بداخلي، وهي ليست تنظيرًا، بل إحساسًا حقيقيًا عميقًا.

جانب من تكريم ريم بسيوني  فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
جانب من تكريم ريم بسيوني فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

الصوفية جزء من تكويني الشخصي والكتابي.. لكنها نابعة من صميم تجربتي

الصوفية لم تعد عندي مجرد موضوع أطرحه في كتاباتي، بل أصبحت جزءًا من تكويني الشخصي والكتابي، ومع ذلك، فهي ليست الأداة الوحيدة التي أستخدمها للتعبير عن أفكاري، قد تظهر الصوفية في بعض الأعمال، وتغيب في أخرى، لكن حضورها يكون نابعًا من صميم تجربتي، لا من قرارٍ مسبق.

 

واجهت صراعا نفسيا بسبب شخصية الحاكم بأمر الله في "الحلواني"

وعن سؤال أيهما يسبق الفكرة أم الشخصية في روايتها؟ أجابت ريم بسيوني، أحيانًا تأتيني الفكرة أولًا، وأحيانًا تفرض الشخصية نفسها عليّ، مثلًا في رواية  "الحلواني"، كنت أواجه صراعًا نفسيًا كبيرًا في تناول شخصية الحاكم بأمر الله، لم تكن الشخصية مجرد قالب، بل كانت تشكّل الفكرة وتستفزني كمبدعة، فهناك دائمًا تفاعل حي بين الفكرة والشخصية، وهو ما يمنح العمل عمقه وصدقه.

وأدرك أن كثيرًا من القراء والنقاد يرون أننى أركّز فى أعمالى على مصر الإسلامية، وهذا صحيح إلى حد ما، لكنه لا يعنى أننى أحصر نفسى فيها، فمصر كما نعلم، غنية بالحضارات منذ الحضارة المصرية القديمة وحتى الآن، ولا أنفي حضارة على حساب أخرى، لكنني أكتب انطلاقًا من إحساس داخلي، وليس من تصنيف زمني أو حضاري، فقد لا أتناول مصر الفرعونية بشكل مباشر، لكن في النهاية ثمة مساحات من التداخل والدمج بين الأزمنة، تُثري النص وتُغنيه.

علا الشافى رئيس تحرير اليوم السابع تكرم الدكتورة ريم بسيوني
علا الشافى رئيس تحرير اليوم السابع تكرم الدكتورة ريم بسيوني

والصوفية، وإن كانت موجودة منذ العصور القديمة، فإن حضورها في مصر الإسلامية أكثر وضوحًا واتساعًا، وقد تركت الحضارات الإسلامية التي مرّت بمصر بصمات عميقة في هذا الجانب، أما الصوفية في مصر القديمة، فكانت ذات طابع مختلف تمامًا عن المفهوم الذي نعيشه ونتداوله اليوم.

 

لم أتوقع حصولي على أي جائزة .. وعلى الكاتب ألا ينتظرها "الدنيا مابتديش محتاج"

وبالحديث عن أهمية الجوائز الأدبية وتأثيرها في الكاتب والروائي، قالت الدكتورة ريم بسيوني إن الجوائز الأدبية مهمة جدًا بالنسبة للروائي، ومسئولية كبيرة في الوقت نفسه، لأنه كلما حصل على جائزة سيشعر أنه وصل إلى مكانة جديدة في مشواره الأدبي، كما يحمل على عاتقه مسئولية الحفاظ على مستواه الأدبي وعليه ألا يقل بل يزيد، ورغم أهمية الجوائز إلا أنها ليست المعيار الوحيد للقراء أو الشيء الأهم، لأنها في البداية والنهاية هي مجرد زائقة قراء أو نقاد، فمن الممكن أن يميز ناقد رواية عن أخرى حسب الشعور الشخصي والنوع المفضل لدى الناقد، ولذلك يجب عدم الشعور بالإحباط في حالة عدم الحصول على جائزة فمن الممكن أن يكون الكاتب مميز جدًا في كتاباته وكل ما يحتاجه الوقت فقط حتى يصل يومًا ما إلى هدفه، وبعدها يحقق الجوائز المختلفة.

كانت كل الجوائز التي حصلت عليها جميلة ومفاجأة أيضًا، حيث إنني لم أتوقع حصولي على أي جائزة، وهو ما جعلني أتأكد أنه يجب علينا ألا ننتظر الشيء ليحدث، فكما يقولون "الدنيا مابتديش محتاج" ولذلك فعلى الكاتب ألا ينتظر الجائزة ليكمل طريقه ومشواره الأدبي، وأتذكر لحظة حصولي على جائزة نجيب محفوظ للرواية والتي نظمها المجلس الأعلى للثقافة (2019-2020) إنني تفاجأت بحصولي على الجائزة، ولم أتذكر أنني قدمت للجائزة من الأساس، ولذلك فيجب على الكاتب ألا يكون هدفه الكتابة للحصول على الجوائز أو حتى إرضاء القراء، بل يكتب ما يصدقه نفسه حتى يصل لغيره.

تكريم ريم بسيوني فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
تكريم ريم بسيوني فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

الجمهور له تأثير على الكاتب.. وتعلقي بالصوفية بدأ بسؤال من أحد القراء

كما تحدثت الدكتورة ريم بسيوني عن تأثير الجمهور والقراء على حياة الكاتب وطريقة سرده بالأعمال الأدبية، حيث أوضحت أنه بسبب تفاعلها الدائم مع الجمهور من خلال الجولات الميدانية والندوات الثقافية المتنوعة أحيانًا ما تستفيد من الجمهور عندما يلفت نظرها أحدهم إلى شيء ما، سواء بقصد أو بدون قصد، وعلى سبيل المثال، فإن اهتمامي بالصوفية الذي بدأ ضعيفًا في عمر الـ 18، ازداد بعد ذلك عندما كنت في إحدى الجولات وسألني أحدهم عن معنى الصوفية حيث قال: ما هي الصوفية؟ وهل يمكن أن تعطينا محاضرة عنها؟ حينها قررت البحث والتعمق أكثر في الصوفية، ولذلك فإنه من الممكن أن يكون هناك دور كبير للقارئ في توجيهك إلى شيء ما ويغير من طريقتك وتفكيرك، ولكن المعادلة المهمة للروائي أن يكتب ما يصدقه نفسه وليس ما يطلبه الجمهور أو الوسط الأدبي، كما يعد الروائي مستمعا أكثر من كونه متحدثا ويجب عليه أن يتملك وقت فراغ كبير للقراءة والكتابة.

أبو حامد الغزالي أهم المتصوفة .. وبذلت مجهودا لتصحيح بعض المعلومات

وبسؤالها عن الرسائل التي كتبها أبو حامد الغزالي وذكرتها الدكتورة ريم بسيوني في أحدث رواياتها "الغواص: أبو حامد الغزالي" وكانت تلك الرسائل بالفارسية، ورغم أن هناك عددا كبيرا من المؤرخين تغافل عن تلك الرسائل، بل إن هناك معلومات مغلوطة تم تصحيحها بعد نشر الرواية التي ضمت المعلومات الحقيقية، وقالت الدكتورة ريم بسيوني إنه كان لدي فرصة للاطلاع على مجموعة كبيرة من الكتب سواء العربية أو الأجنبية، وكان هناك كتاب اطلعت عليه عن فلسفة الغزالي والكتاب ذكر مخطوطة "أسد الغواص"، وكذلك الرسائل الفارسية، ومع البحث وجدت تلك الرسائل مترجمة إلى اللغة العربية في منتصف الخمسينات وغير متداولة أو منتشرة، وهو ما جعل الرسائل المترجمة غير شائعة، كما أن عدم وصول المعلومة إلى القارئ لا يعني عدم وجودها، بل إنها غير متداولة أو منتشره، وبالحديث عن معارك الغزالي وابن رشد، نجد أن هناك مجموعة كبيرة من مؤلفات الغزالي لم تصل إلى ابن رشد، لدرجة أن مجموعة كبيرة من المؤرخين أكدوا أنه إن كانت مؤلفات الغزالي قد وصلت لابن رشد، حينها لم يكن هناك أي خلافات أو معارك بينهما، وهو عكس ما حدث معي عندما وجدت مرجعا هاما يضم الرسائل الفارسية مترجمة، أما عن شخصية الغزالي داخل الرواية فهو حسب رؤيتي الشخصية.

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف

كما تحدثت الروائية والدكتورة ريم بسيوني عن صلاح الدين الأيوبي والذي ظهر في روايتها "الحلواني"، حيث قالت إن صلاح الدين شخصية كبيرة ومهمة يجب أن نقرأها في سياقها وفي ظرفها التاريخي.

 

لو لم أكن روائية لكنت صحفية

وبسؤالها عن ما كانت ترغب في كانت أن تكون عليه إن لم تكن كاتبة، قالت الدكتورة ريم بسيوني إنها كانت تتمنى أن تكون "صحفية"، فدائمًا ما كنت أقوم ببعض الحوارات الصحفية عندما كنت صغيرة كنوع من حبي لتلك المهنة.

 

مشكلتنا في تقبل الرأي الآخر.. وبداية الإصلاح من المدارس

أرى أن لدينا إبداعا ثقافيا قويا في مصر، كما أن السينما والدراما تحسنتا عن فترة سابقة، وقد حققنا في مصر نهضة ثقافية وحضارية كبيرة في بداية القرن العشرين والكل يعلمها جيدًا، لذلك يجب أن نقدم تفكيرا نقديا في المدارس التلعيمية، ويمكن الاستعانة بالمقالات وتقديم النقد لها، فيتعلم الطالب حينها كيفية رؤية كل وجهات النظر واحترامها كلها وإن اختلفت معه ومع تفكيره، وهو ليس موجود في التيارات المتطرفة فقط، حيث تجدها أيضًا في بعض التيارات الذين يرون أنفسهم بأنهم تيار متحرر، فيجب دائمًا تقبل الرأي الآخر وأن تكون هناك سماحة مع ضرورة عدم التكفير أو النعت بالجهل، وهو ما يجب أن تتم دراسته وتعميمه خلال المدارس في الوقت الحالي.

وهناك أزمة حالية مع الطلاب في معرفة التاريخ، حيث ينشأ الطالب لا يعلم أي شيء عن التاريخ القديم والشخصيات التاريخية العظيمة والمختلفة، وكذلك تاريخ المناطق والمحافظات وتراثها وهويته. 

 

نصيحتي للشباب "اقرأوا كثيرا"

أنهت الدكتورة ريم بسيوني حوارها بتوجيه نصيحه للشباب الكتاب الذين يبدأون مشوارهم الأدبي، حيث قالت إنه يجب على الكاتب أن يقرأ كثيرًا وبطريقة نقدية، محاولا فهم العمل ورؤيته بعين ناقد وربطه بالعالم الخارجي وبالتاريخ الأدبي للروائي نفسه، فالقراءة هي أساس الكتابة.

الدكتورة ريم بسيوني مع علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
الدكتورة ريم بسيوني مع علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
 
أحمد الشريف
أحمد الشريف
 
علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
 
ريم بسيوني ومحمد عبد الرحمن
ريم بسيوني ومحمد عبد الرحمن

محمد سالمان
محمد سالمان

محمد غنيم
محمد غنيم

محمد فؤاد
محمد فؤاد

هناء أبو العز
هناء أبو العز

الدكتورة رسم بسيونى مع عبد الرحمن حبيب
الدكتورة ريم بسيونى مع عبد الرحمن حبيب

أميرة شحاتة
أميرة شحاتة

خالد إبراهيم
خالد إبراهيم

رامي سعيد
رامي سعيد

ريم بسيونى وبسنت جميل
ريم بسيونى وبسنت جميل

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سابقة قضائية لأول مرة.. هيئة مفوضى القضاء الإدارى توصى بأحقية زوجة سجين فى إجراء حقن مجهرى على نفقتها الخاصة.. وتؤكد: الحق فى تكوين أسرة لا يسقط بالسجن ولا يُلغى بالعقوبة.. والتقرير استند لقواعد نيلسون مانديلا

نتنياهو: سندخل الغذاء إلى غزة لضمان عدم حدوث مجاعة

بالإجماع.. الأندية تجدد الثقة في مجلس الرابطة برئاسة أحمد دياب لموسم جديد

اتصالات عن إعلان الأهلى: لم يكن موجهًا للإساءة لأي نادٍ ونحترم جميع الكيانات

بارما ضد نابولي.. التعادل السلبى يحسم الشوط الأول فى الدورى الإيطالى


الإنتر ضد لاتسيو.. بيسيك يضع النيراتزوري بالمقدمة بهدف قاتل في شوط أول

رابطة الأندية تتفق مع الأندية على زيادة الأجانب بالمباراة الواحدة لـ6 لاعبين

بعد إلغاء الهبوط بالإجماع.. تعرف على شكل الدوري الموسم المقبل

هل يعود سعد الصغير لخلف القضبان من جديد بسبب أغنية الأسد؟.. تفاصيل

الأهلى يهزم الترجى التونسى فى بطولة الكؤوس الأفريقية لكرة اليد


عمرو دياب وحماقى والعسيلى وعمرو سعد يحضرون العرض الخاص لفيلم المشروع X.. صور

الإنتر ضد لاتسيو.. النيراتزورى بالقوة الضاربة فى الدورى الإيطالى

بث الاحتلال: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بتوسيع العملية العسكرية في غزة

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت

برشلونة ضد فياريال.. البارسا بالقوة الضاربة في الدورى الإسبانى

رابطة الأندية تتمسك باللائحة وترفض إلغاء الهبوط فى دوري Nile

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

الظهور الأول لـ زيزو وبن رمضان بقميص الأهلي فى ودية باتشوكا المكسيكي

أحمد عبد الوهاب يعقد جلسات عمل مع هيفاء وهبي للاستقرار على تفاصيل "مملكة"

مهرجان كان السينمائي.. إصابة منتج بسبب سقوط شجرة نخيل وهجوم مفاجئ على إيما ستون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى