"لا أعداء دائمين".. ترامب يقدم غصن زيتون إلى إيران ويكتب نهاية 46 عاما من عقوبات سوريا فى أول أيام زيارته للخليج.. واشنطن بوست: إشارة تحول بسياسة واشنطن الخارجية فى الشرق الأوسط.. وغضب نتنياهو يزداد بعد تجاهله

يبدو أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط في ولايته الثانية ستكون مختلفة كثيرا عن الأولى، حيث قالت صحيفة واشنطن بوست إن خطاب ترامب وتصريحاته التي أدلى بها خلال تواجده في السعودية تشكل تغيرا كبيرا في سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة خلال الأعوام الأربعة القادمة.

خطط ترامب لرفع العقوبات المفروضة على الحكومة السورية واستعداده غير المسبوق للتفاوض مع ايران تشير الى إعادة ترتيب سياسة أمريكا الخارجية وتقوم على مبدأ "لا أعداء دائمين"، وفي الوقت نفسه يتصدر الاقتصاد والاتفاقيات التجارية اجندة ترامب ما يجعل شعاره "أمريكا أولا" يركز على الاستثمارات الخارجية والتعريفات الجمركية.

وبحسب التقرير، فإن الانفتاح تجاه إيران ورفع العقوبات عن سوريا يمثلان صفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يدافع عن موقف متشدد تجاه كلا الملفين، ولم يخف المسؤولون الإسرائيليون استيائهم من قرار ترامب تجاهل زيارة إسرائيل رغم وجوده في المنطقة، وقدم السفير الإسرائيلي في واشنطن طلبا للبيت الأبيض لادراج "توقف قصير" في تل ابيب على جدول الزيارة إلا أنه قوبل بالرفض.

خطاب ترامب في منتدي الاستثمار في السعودي الذي كان أول زيارة خارجية كبري في ولايته الثانية، حمل رؤية شاملة لكنها متناقضة في بعض الأحيان لدور القوة العسكرية الأمريكية في العالم، فوقفا للصحيفة، أعرب ترامب عن رفضه لتدخلات أمريكية سابقة في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه شدد على استعداده لاستخدام القوة للدفاع عن بلاده وحلفائها.

وقال ترامب : "بعض أقرب أصدقائنا اليوم هم من خضنا ضدهم حروبًا في الماضي، وهم الآن أصدقاؤنا وحلفاؤنا".

تصريحات الرئيس الأمريكي جاءت وسط سعيه لجذب استثمارات من المنطقة الغنية بالنفط إلى أسواق بلاده الاقتصادية، حيث أمضى يومًا حافلًا بالتوقيع على عدد من الاتفاقات الاستثمارية، محاطًا بكبار رجال الأعمال والتنفيذيين الأمريكيين.

وفي خطاب طغت عليه أجواء الحملات الانتخابية، تحدث ترامب أمام جمهور من القادة والمستثمرين السعوديين، وتناول أبرز التحديات الأمنية في الشرق الأوسط، مؤكدًا استعداد بلاده للعب دور في مواجهتها.

جدد الرئيس الأمريكي تعهده بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكنه أكد في الوقت نفسه استعداده لإبرام اتفاق معها بشأن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، داعيًا طهران إلى "أخذ غصن الزيتون الذي نقدمه"، وقال ان بلاده لن تسمح لإيران بتهديد الولايات المتحدة وحلفائها بما وصفه بـ "أعمال إرهابية او هجوم نووي"، وأضاف: "في حال رفضت طهران غصن الزيتون واستمرت في مهاجمة جيرانها فلن يكون امام واشنطن الا فرض أقصى ضغط ودفع الصادرات الإيرانية الى الصفر"

وتابع ترامب في كلمة بمنتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض: "أنا هنا اليوم ليس فقط لإدانة الفوضى التي ارتكبها سابقاً قادة إيران، ولكن لطرح مسار جديد وأفضل بكثير لهم، وذلك باتجاه مستقبل أفضل وأكثر أملاً، حتى لو كانت الخلافات عميقة .. لم أؤمن أبداً بوجود أعداء دائمين. أنا مختلف عما يظنه كثير من الناس، لا أحب الأعداء الدائمين، وأحياناً تحتاج إلى أعداء لإنجاز المهمة، ويجب أن تنجزها بالشكل الصحيح، فالأعداء يحفزونك".

وأعرب عن رغبته بالتوصل لاتفاق مع ايران وقال: "أستطيع التوصل الى اتفاق مع ايران وسأكون سعيدا اذا تمكنا من جعل منطقتكم والعالم مكان أكثر امان"، وجدد ترامب تحذيراته بأن الفشل في التوصل إلى اتفاق سيقابل بـ"أقصى درجات الضغط" من الولايات المتحدة. وتابع: "إذا رفضت القيادة الإيرانية غصن الزيتون هذا، واستمرت في مهاجمة جيرانها، فلن يكون أمامنا خيار سوى فرض أقصى ضغط، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع النظام الإيراني من امتلاك سلاح نووي".

كما أعلن ترامب رفع العقوبات عن سوريا واجتمع بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقالت الصحيفة إن العقوبات الأمريكية على سوريا تعود إلى عهد الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وكانت تهدف إلى الضغط على نظامه، لكنها تسببت في أضرار اقتصادية فادحة وظلت العقوبات سارية بسبب الشكوك حول نوايا القيادة الجديدة.

وفي إعلانه رفع العقوبات التي استمرت نحو 46 عام، قال ترامب : "حان وقت تألق سوريا. سنوقف جميع العقوبات حظاً سعيداً يا سوريا، أظهروا لنا شيئاً مميزاً للغاية".

ورحب الشيباني بتصريحات ترامب، واصفاً رفع العقوبات المفروضة على بلاده بأنه "نقطة تحول محورية للشعب السوري، بينما نتجه نحو مستقبل من الاستقرار، والاكتفاء الذاتي، وإعادة الإعمار الحقيقية بعد سنوات من الحرب المدمّرة".

وفي خطوة تعكس تحولًا نحو نهج أقل تدخلًا في شؤون المنطقة، قال ترامب إن "الشرق الأوسط الحديث صاغه أبناء المنطقة أنفسهم"، متجنبًا النبرة التدخلية التي اتسمت بها إدارات سابقة.