“تلك الرائحة” ثورة صنع الله إبراهيم الروائية الأولى كما قدمها يوسف إدريس

يمر الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بأزمة صحية مفاجئة، أثارت موجة واسعة من الاهتمام الرسمي والثقافي، أبرزها توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير الرعاية الطبية الكاملة له، واطمئنانه شخصيًا على حالته الصحية، في لفتة لاقت ترحيبًا كبيرًا من الأوساط الثقافية التي ترى في صنع الله رمزًا أدبيًا كبيرًا وضميرًا حيًا في المشهد المصري والعربي.
وفي هذه اللحظة الحرجة من مسيرة الأديب، تعود إلى الأذهان لحظة انطلاقه الأولى، حين كتب روايته الأولى تلك الرائحة، التي صدرت عام 1967 بعد خروجه من المعتقل السياسي، والتي قدّم لها الكاتب الكبير يوسف إدريس بكلمات خلدت العمل ومبدعه.
كتب إدريس حينها: "إن تلك الرائحة ليست مجرد قصة، ولكنها ثورة، وأولها ثورة فنان على نفسه، وهي ليست نهاية، ولكنها بداية أصيلة لموهبة أصيلة".
ومما قاله يوسف إدريس في المقدمة: إنني شديد الاعتزاز بصنع الله إبراهيم الفنان وسعيد حقيقة، وأنا أحس أنه آن الأوان لتقرأه الحركة الفنية والأدبية في كتاب كامل في قصة من أجمل ما قرأت باللغة العربية خلال السنوات القليلة الماضية. ويضيف يوسف إدريس أن تلك الرائحة ليست مجرد قصة ولكنها ثورة وأولها ثورة فنان على نفسه، وهي ليست نهاية، ولكنها بداية أصيلة، بداية فيها كل ميزات البداية، ولكنها تخلو من عيوب البدايات لأنها أيضا موهبة ناضجة.
هكذا مهّد عميد القصة القصيرة المصرية الطريق أمام صوت جديد في الأدب، خرج من السجن لا لينكفئ، بل ليكتب ويثور من جديد. كانت تلك الرائحة، وهي نوفيللا قصيرة لا تتجاوز 60 صفحة، بمثابة إعلان ميلاد كاتب مختلف، زاوج بين التجريب الفني والهم السياسي، في نص شديد التكثيف والحساسية، يتجاوز حدود السرد إلى طرح أسئلة وجودية ووطنية شائكة.
وقد أثار العمل وقت صدوره جدلًا واسعًا بسبب لغته المباشرة والحميمية، ونظرته القلقة إلى الواقع بعد الهزيمة والانكسار، كما مثل تحديًا للقوالب التقليدية في كتابة الرواية العربية.

Trending Plus