جولات ترامب.. صفقات وتحولات الحرب والسلام

الزيارة التى قام بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للخليج ولقاءاته تمثل خطوة متوقعة لكنها مؤثرة على مسارات الأحداث، وربما تشير إلى بعض التغيير فى الخطاب الذى يطرحه الرئيس الأمريكى عما كان قبل أسابيع، وهو تغيير يرتبط بما حصل عليه لصالح الولايات المتحدة، لكنه أيضا يضاعف من أهمية أوراق تملكها الدول التى زارها ترامب وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، التى تقدم فرصا للولايات المتحدة فيما يتعلق بالشراكات والاستثمارات، لكنها أيضا تؤكد أن لديها أوراقا مؤثرة ومصالح تسعى إلى تحقيقها.
قبل أسابيع كانت تصريحات دونالد ترامب تحمل اقتراحات أو أفكارا وخططا تخالف العقل حول التهجير أو الاستثمار، وتتجاهل حرب إبادة وتجويع يمارسها الاحتلال فى غزة، لكنه فى المملكة قال إن «الشعب فى غزة يستحق مستقبلا أفضل»، وأشار إلى صفقات جديدة لاستعادة المحتجزين والسعى لإنهاء الحرب، ترامب يتحدث عن المفاوضات المباشرة مع حماس، وأن ما تم نتيجة لجهود مباشرة، وجرى الحديث عن خلاف كبير مع رئيس وزراء الاحتلال، ولم يذكر اسمه أثناء حديثه، وهو تحول عما كان قبل أسابيع عندما أعاد نتنياهو الحرب على غزة، بما بدا أنه ضوء أخضر أمريكى.
هل تغير بالفعل ترامب نحو مزيد من الرغبة فى إنهاء الحرب، استجابة لمطالب ترتبط بمصالح وصفقات استثمارية، باعتبار أن ترامب يتحدث كرجل أعمال وينظر له كثيرون على أنه «رجل أعمال» صريح يتحدث عن المصالح والأثمان لا عن القِيَم، ولا يلقى محاضرات عن حقوق الإنسان ولا عن المبادئ التقدمية، مثلما كتب مايكل راتنى سفير أمريكا الأسبق فى المملكة، فى «نيويورك تايمز»، وهى صفة تلازم ترامب وتضاعف من علاقاته على العكس مما كان مع سلفه جو بايدن، الذى كرر ترامب وصفه بأنه أسوأ رئيس، وقال إنه لو كان رئيسا ما وقعت الحرب الروسية الأوكرانية، لكن ترامب لم يبرر أنه عجز حتى الآن عن تنفيذ وعده بوقف الحرب فى أوكرانيا أو إحلال السلام فى غزة.
والواقع أن تحليلات متنوعة تذهب إلى أن تصريحات ترامب حول غزة وإنهاء الحرب تأتى ضمن رد وتفاعل مع تجاوب الدول مع الولايات المتحدة، بل إن تصريحاته تجاه إيران دارت حول صفقة وسلام، حيث تم عقد جولة أخرى من المحادثات النووية مع إيران فى سلطنة عمان، بعد أن لعب البيت الأبيض دورا فى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الهند وباكستان، والإفراج عن رهينة إسرائيلى - أمريكى فى غزة، وتصريحات ترامب عن السلام فى لبنان بعد حزب الله، أو وعده «برفع العقوبات المفروضة على سوريا لإعطائهم الفرصة التى يستحقونها»، ثم قال أيضا «نسعى لتحقيق السلام ونقدم يد العون والصداقة للجميع».
هذه التصريحات تشير إلى تغيير فى بعض السياقات والتصريحات تجعلها أقل حدة وتصادمية كما كانت فى أعقاب تولى ترامب، والأزمات التى خلقتها أزمات الرسوم الجمركية والحرب التجارية التى بدا فيها الاقتصاد الأمريكى أقرب للخسارة، ومع ردود الأفعال التى دفعت إلى إبرام صفقات مع الصين لحل الأزمة، بعد تصعيد بكين بعنف فى مواجهة الرسوم.
الشاهد أن جولة ترامب التى قام بها تحمل فرصا للولايات المتحدة، وأيضا يتوقع أن يقدم ترامب مقابلا لكل هذا باتجاه السلام والقضية الفلسطينية، خاصة أنه يعلم أن ما يطلبه من تطبيع أو علاقات من الصعب أن يتحقق بعيدا عن مسارات وقف الحرب والسلام، بل وربما الدولة الفلسطينية التى تمثل مطلبا عربيا بشكل ما، حيث إن الصفقات تتم بين طرفين وليس من طرف واحد، حيث يفترض السعى لتنفيذ مقررات الخطة العربية لإعادة الإعمار والتعافى بعد وقف الحرب.

Trending Plus