القهوة تفتح أبواب الحرية للمرأة فى إفريقيا.. نساء البن فى أوغندا.. من العمل الشاق إلى السيطرة على التجارة.. كنز اقتصادى وتمكين مجتمعى.. 1.3مليار دولار أرباح تصدير البن.. ثورة ناعمة تغير قواعد اللعبة وتقلل العنف

تمثل القهوة وحبوب البن، أهمية خاصة فى اقتصاد أوغندا الدولة الواقعة فى شرق افريقيا، إذ أصبحت تدر دخلا هائلا على اقتصاد البلد الأفريقي، إذ بلغت أرباح التجارة الرابحة 1.3 مليار دولار ما بين سبتمبر 2023، وأغسطس 2024، بعد أن قامت بتصدير أكثر من 6 ملايين كيس قهوة، وفقا لهيئة تنمية البن الأوغندية.
وقد ارتفعت أرباح القهوة فى أوغندا مع تراجع الإنتاج في البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، بسبب ظروف الجفاف غير المواتية والتى أثرت سلبا على المحاصيل.
وتمثل تجارة القهوة، أهمية خاصة للسيدات فى أوغندا، واللواتي بدأن فى السيطرة على التجارة الرابحة مؤخرا، إذ قررت ميريدا ناندودو تأسيس جمعية مزارعات قهوة في أوغندا، وكانت استراتيجية توسعها بسيطة، تتمثل فى دفع سعر أعلى للكيلوجرام عند نقل مزارعة سيدة حبوب البن إلى نقطة التجميع وقد نجحت الخطة.
الاستراتيجة الفعالة، دفعت الكثير من الرجال الذين كانوا يقومون بالعمل، للسماح لزوجاتهم بالذهاب بدلاً منهم، وتضم مجموعة أعمال ناندودو الآن أكثر من 600 امرأة، مقابل العشرات في عام 2022، ويمثل هذا العدد حوالي 75% من مجموع المزارعين المسجلين في شركتها، في المنطقة الجبلية بشرق أوغندا، والتي تنتج حبوب أرابيكا عالية الجودة وتبيعها للمصدرين.
وقالت ناندودو إن النساء تقليديًا يقمن بالعمل الشاق، لكنهن لا يملكن السيطرة على المال، وتوضح قائلةً: "في البداية، كانت النساء يشعرن بالإحباط الشديد تجاه تجارة القهوة لدرجة أنه عند النظر إلى سلسلة قيمة القهوة، نجد أن النساء هن من يقمن بالعمل الشاق، إنهن من يزرعن، ويزيلن الأعشاب الضارة، ويحصدن، ويستخرجن اللب، ويأتي الرجال عندما تصبح القهوة جاهزة للبيع".
وتهدف ناندودو إلى عكس هذا الخلل في العمالة في مشروع لا يمكن أن يستمر بدون النساء، ووفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، تُعد أوغندا ثاني أكبر منتج للقهوة في أفريقيا، بعد إثيوبيا.
ونشأت ناندودو في مقاطعة سيرونكو، وهي قرية نائية قرب الحدود الكينية، حيث تُعدّ القهوة شريان الحياة لمجتمعها، وفي طفولتها، عندما لم تكن تذهب إلى المدرسة، كانت تساعد والدتها ونساء أخريات في رعاية مساحات شاسعة من نباتات البن، وإزالة الأعشاب الضارة، والعمل على استخراج اللب، وتخمير البن، وغسله، وتجفيفه.
وفقًا لناندودو، كان من المعروف أن موسم الحصاد يتزامن مع ارتفاع في حالات العنف الأسري، وتابعت :"توصلنا إلى فكرة مفادها أن القهوة التى تجلبها المرأة تُباع بسعر أعلى قليلاً من قهوة الرجل، مما حفز الرجال على الثقة بنسائهم لبيع القهوة".
وأكدت ناندودو، أن تنفيذ هذه الفكرة تسبب فى انخفاض مستويات العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل طفيف، في المجتمعات ومن ثم تم تمكين النساء.
وحصلت ناندودو على شهادتها في العلوم الاجتماعية من أفضل جامعة عامة في أوغندا عام 2015، حيث موّل والدها تعليمها من أرباح القهوة، وأرادت إطلاق شركة من شأنها أن تعطي الأولوية لاحتياجات النساء المنتجات للقهوة في المجتمع المحافظ في البلاد، وفكرت في مشروعها كنوع من الأخوة واختارت "بايايا"، والتي تُترجم إلى الأخوة أو الأخوات في لغة لوماسابا.
وأطلقت ناندودو، مبادرتها وشركتها 2018، وتعمل كغيرها من الشركات التي تشتري القهوة مباشرةً من المزارعين وتُعالجها للتصدير، إلا أن بايايا فريدة في مبالي، أكبر مدينة في شرق أوغندا، بتركيزها على المرأة ومبادراتها، مثل جمعية الادخار التعاونية التي يمكن للأعضاء المساهمة فيها والاقتراض منها.
وبالنسبة لصغار المزارعين الأوغنديين في المناطق النائية، تُعدّ أي حركة طفيفة في سعر كيلوجرام القهوة حدثًا بالغ الأهمية، وغالبًا ما يعتمد قرار البيع لوسيط أو آخر على فروق طفيفة في السعر.
وقبل عقد من الزمان، كان سعر القهوة التي يشتريها وسيط من مزارع أوغندي حوالي 8000 شلن أوغندي، أي ما يزيد قليلاً عن دولارين أمريكيين بسعر الصرف الحالي، أما الآن، فيبلغ السعر حوالي 5 دولارات. وتضيف ناندودو 200 شلن إلى سعر كل كيلوجرام تشتريه من امرأة، وهذا حافز كافٍ لتشجيع المزيد من النساء على الانضمام إلى الشركة، ومن المزايا الأخرى مكافأة صغيرة خلال فترة الركود من فبراير إلى أغسطس.
وتعتقد ناندودو أن هذا يحفز العديد من الرجال المحليين على الثقة بنسائهم لبيع القهوة، وتمتلك مجموعة ناندودو العديد من نقاط التجميع في جميع أنحاء شرق أوغندا، وتذهب النساء إليها مرتين على الأقل أسبوعيًا.
جولييت كواجا، إحدى النساء اللواتي يعتقدن أن إنتاج القهوة يغير حياتها، تتذكر كواجا أن والدها كان دائمًا مسيطرًا، تقول: "لقد تغيرت أشياء كثيرة، يمكنني التحدث عن قصتي، عندما كبرت لم تكن أمي تشارك فى العمل الخاص بالقهوة، كان عملها يقتصر على البقاء في المنزل كما تعلمون في تلك الأيام، ولكن الآن تغيرت الأمور بسبب التوعية، نستقبل الكثير من الأشخاص الذين يأتون للتحدث إلينا، ويتحدثون إلى العائلات، وفي هذه العملية، رأينا الكثير من التغييرات، تغييرات في العائلات".
وفي منطقة سيرونكو، موطن لأكثر من 200000 شخص، تنتشر أشجار البن في التضاريس الجبلية، ويقع معظم الزراعة على قطع أراضي تبلغ مساحتها فدانًا أو فدانين، على الرغم من أن بعض العائلات لديها مساحات أكبر.
كثير من المزارعين لا يشربون القهوة عادةً، وبعضهم لم يتذوقها قط، لكن الأمور تتغير ببطء، بدأ يشربها الشباب بانتظام بين النساء العاملات في قطاع القهوة في المناطق الحضرية، بما في ذلك في محمصة في مبالي حيث معظم الموظفين من النساء، بالنسبة لناندودو، التي تسعى لبدء تصدير حبوب البن، يُعد هذا تقدمًا، وتقول إن هناك الآن المزيد من النساء في مجال "القهوة كعمل تجاري".
Trending Plus