استراتيجية طموحة تقود مصر لـ60 مليار دولار استثمارات مباشرة بحلول 2030.. القاهرة تمضى بثبات نحو التحول إلى مركز إقليمى للاستثمار الأجنبى.. وخطة هيئة الاستثمار 2023 – 2026: مصر ضمن أفضل 70 اقتصادًا عالميًا

ويأتي العام الجديد 2025/2026 وسط مساعي الدولة المصرية إلي تحقيق نقلة نوعية في تدفقات الاستثمار الأجنبي، لاسيما والحزمة الشاملة من السياسات والإصلاحات المحفّزة، التي تستهدف إزالة المعوقات، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الثقة في السوق المصري.

وتتوقع وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجديد 2025/2026 التي قدمتها وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة رانيا المشاط، إلى البرلمان بغرفتيه ( النواب والشيوخ)، أن يرتفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 42 مليار دولار في عام 2025/2026، وأن يبلغ 55 مليار دولار بحلول عام 2028/2029، تمهيدًا للوصول إلى 60 مليار دولار كهدف استراتيجي بحلول عام 2030، وذلك في ظل تبني مصر لحزمة سياسات محفّزة للاستثمار الأجنبي المباشر، وفي ضوء تزايد اهتمام الشركات الأجنبية بالاستثمار في مصر استجابة للتحسن المطرد في مناخ الأعمال، وبخاصة الدول الخليجية كالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر.

وتأتي هذه الأهداف الطموحة في إطار خطة وطنية متكاملة لتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري، تقودها الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة من خلال استراتيجية للفترة (2023–2026)، تستند إلى تعزيز التنافسية لتصبح مصر ضمن أفضل 70 اقتصادًا عالميًا، وترسيخ مكان مصر كمركز إقليمي رائد في جذب الاستثمارات من أفريقيا والشرق الأوسط، وذلك من خلال العمل علي 5 إجراءات، متمثله في الترويج للفرص الاستثمارية وجذب الاستثمار، تبسيط الإجراءات وتطوير أنظمة الاستثمار وحل مشكلات المستثمرين، التطوير المؤسسي الداعم لتدفقات الاستثمار، دعم ريادة الأعمال الدعم المالي والفني والترويجي، تعزيز دور الهيئة كمركز المعلومات الاستثمار.

وتعمل الحكومة أيضا علي تقليل البيروقراطية أمام المستثمرين، توسيع نطاق التراخيص الذهبية لتشمل المزيد من الأنشطة، تفعيل مبدأ الحياد التنافسي وتقليل الامتيازات الحصرية، توسيع إنشاء المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، زيادة الحوافز المالية والضريبية لجذب الاستثمارات.

وشهد عام 2023/2024 طفرة غير مسبوقة في صافي الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغ 46.1 مليار دولار، مدعومًا بتدفقات استثنائية من دولة الإمارات العربية المتحدة، بلغت 35 مليار دولار من خلال صندوق أبو ظبي السيادي، في إطار مشروع رأس الحكمة للتنمية السياحية والعمرانية المتكاملة بالساحل الشمالي الغربي.

وبلغت التدفقات الإماراتية نحو 31.5 مليار دولار بين يوليو 2023 ومارس 2024، بنسبة 58% من إجمالي التدفقات، وجاءت الإمارات في صدارة الدول المستثمرة في مصر بنسبة 81% من صافي التدفقات، في مقابل مساهمات محدودة من دول مثل السعودية (3.4%).

ووفقًا لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، احتفظت مصر بالمركز الأول من حيث صافي التدفقات الداخلة إلى القارة الأفريقية، مستحوذة على 19% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي للقارة عام 2023 ، وتبعتها جنوب أفريقيا في المركز الثاني، وأثيوبيا في المركز الثالث.
أما على مستوى دول شمال أفريقيا، فقد شكل حجم التدفقات الاستثمارية لمصر نحو 73% من إجمالي تدفقات المنطقة.

وسلطت الوثيقه الضوء علي أداء القطاع الخاص في الاستثمار، حسث ارتفعت عدد الشركات الجديدة من 22.4 ألف شركة في عام 2018/2019 إلى 38 ألف شركة في 2023/2024، وزادت رؤوس الأموال المُصدرة من 57 مليار جنيه إلى 198 مليار جنيه خلال نفس الفترة.

ووفقا لخطة التنمية، استحوذ قطاع الإنشاءات على 57% من الاستثمارات الخاصة بين 2022/2023 و2023/2024، يليه قطاع الخدمات (14%) والبترول (9%).

وبلغ رصيد استثمارات القطاع الخاص نحو 2.4 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2024، موزعة بواقع 75% مصرية، 11% عربية، 14% أجنبية، فيما تركزت الاستثمارات في ثلاثة قطاعات رئيسية (الصناعة – الخدمات – التشييد والبناء) بنسبة 72% من الإجمالي.

وكان العام الماضي قد شهد سلسلة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية الهادفة لتعزيز مناخ الاستثمار متمثله في القانون رقم 160 لسنة 2023 (تعديل قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017)، القانون رقم 159 لسنة 2023 بإلغاء بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، فضلا عن قرارات مجلس الوزراء أرقام 77 و876 لسنة 2023، وهدفت هذه الإجراءات إلى تبسيط إجراءات تأسيس وتراخيص الشركات، تفعيل آلية التراخيص الذهبية بشكل موسع، تعزيز العدالة التنافسية بين القطاعين العام والخاص، تقديم حوافز ضريبية ومالية أوسع للمستثمرين، التوسع في إنشاء مناطق حرة جديدة.

وتؤكد وثيقه التنمية الحرص المصري علي تعزيز الشراكات العربية وتوسيع قاعدة الاستثمارمن خلال التوسع في الشراكات الاستراتيجية مثل مشروع رأس الحكمة مع الإمارات، استقطاب مساهمات تمويلية من الصناديق السيادية في السعودية وقطر، تشجيع عمليات الدمج والاستحواذ والمشروعات الجديدة في قطاعات النقل، الطاقة، العقارات، الاتصالات، والمرافق العامة.

كما تسعى الدولة إلى استثمار التحسن المستمر في بيئة الأعمال في الترويج الدولي المكثف للفرص الاستثمارية، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، المناطق الحرة وذات الطبيعة الخاصة، المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز).وذلك بفضل ما توفره من حوافز، خدمات لوجستية، ووفورات التجمع الصناعي، إضافة إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي، توافر العمالة، والبنية التحتية الجاهزة، ما يعزز من فرص توطين الاستثمارات الأجنبية النوعية.