عصام عبد القادر يكتب عن التكامل بين المؤسسات الوطنية: ماهية التكامل.. روح التكامل.. المصلحة العليا.. المؤسسات الدينية نموذجًا

عصام عبد القادر
عصام عبد القادر

هناك تناغم بين الغايات المؤسسية الوطنية ببلادنا الحبيبة، وبين الرأي العام، الذي يعبر عنه الجموع، بشكل معلن، وبعبارات صريحة، لا تقبل التأويل والتحريف، أو حتى المواربة؛ ومن ثم تصبح كافة القضايا على مرأى ومسمع من الجميع، في الساحة المصرية، وهنا نرصد حالة من الانسجام الفكري، التي تؤكد على فلسفة الرباط المجتمعي؛ حيث تقبل الثمين، والنفور من كل ما يخالف ما تربينا عليه، من قيم نبيلة، وخلق فضيل.


أعتقد أن التكامل بين المؤسسات الوطنية، له علاقة وثيقة في صورة الهوية، التي يمتلكها المجتمع؛ فهناك معايير حاكمة، تنبري حول ميثاق تم التوافق عليه؛ ومن ثم تتشكل الرؤى الجامعة، حول شتى القضايا بكافة تنوعاتها؛ لذا تحرص المؤسسات الرسمية، على وجه الخصوص، على توطيد العلاقة بينها وبين جموع الشعب، في خضم ما تم التصالح عليه من غايات عليا، وهذا ما يدحر فكرة تشتيت الجهود، والتشرذم، الذي يصب في مصلحة أصحاب الأجندات المغرضة.


رغم احترام حرية الرأي والتعبير؛ إلا أن هنالك مسائل لا تترك للاجتهاد، ولا يسمح لغير المتخصص، أن يدلوا بدلوهم؛ نظرًا لغياب المعرفة الأصلية عن إدراكهم، وصعوبة احتواء مضامين الخبرات، التي تتعلق بهذا الأمر غير الاعتيادي، وهنا تبدو أهمية الدور المؤسسي، وتكامل الجهود، حول الخروج بالرأي القاطع، الذي لا يخضع للذاتية، بل يقوم على الموضوعية، والمنهجية العلمية، التي لا تقبل التشكيك، أو التحريف، أو المزايدة.


أرى أن التكامل المؤسسي في حد ذاته، يرسخ ماهية المواطنة الصالحة، في نفوس العامة؛ حيث الحرص على احترام ما تربينا عليه من قيم وخلق، نابع من معتقد وسطي، ومستلهم من أرث ثقافي، وفق عادات وتقاليد، ساهمت في بناء هذا المجتمع المتماسك، منذ آلاف السنين، وفي الحقيقة ما أحوجنا في تلك الفترة العصيبة، أن نستلهم مناخات طيبة منصرمة، نرى فيها الأصالة والمعاصرة في آن واحد؛ ومن ثم نتبنى مسارات تربوية، تسهم في تعديل سلوك الأبناء، وتحض على البناء، في كافة المجالات.


تغمر الوجدان المصري سعادة؛ حينما تتكامل المؤسسات، حول رأي جامع قاطع، يدحر كل محاولات التشوية والتشتيت، ويساعد في تعزيز ماهية الاستقرار المادي منه والمعنوي؛ فلا مجال للعشوائية المفرطة، التي نشاهدها، أو نتسمعها عبر العديد من المنصات الإعلامية، ومن خلال غير متخصصين في مجال بعينه؛ فسماحة الدين حدودها معلومة، ولا يجوز أن يتجرأ الأفراد، على إرث المؤسسات، التي تحوي تاريخًا عظيمًا، من مخرجات علمية، شكلت البنى الصحيحة للعقل، وأرست سفينة الوجدان، فجعلته لا يغاير ثوابت قطع الأمر فيها.


نعي جميعًا أن الاصطفاف المؤسسي، يحوز اهتمام الشعب صاحب العقيدة الوسطية؛ فإذا ما تباينت الآراء حول قضية من القضايا، صار الخلد في متاهة، وأضحت الخيارات محيرة، وباتت الفكرة مربكة، وهنا نتوقع خلاف لا اختلاف؛ ومن ثم لا تتوافر البيئة الهادئة، التي تحث على ماهية الاندماج المجتمعي، وهذا بالطبع يشكل خطرًا على تحقيق مستهدفات الوطن العليا؛ فهناك من يلقى بالحجر؛ كي تبدأ تموجات، تحدث نوعًا من القلق غير المرغوب فيه، والمربك لصورة المشهد العام.


عندما تتحدث المؤسسة بلسان واحد، ويقف أبناؤها على قلب رجل واحد، كما قال وزير الأوقاف المصري الوطني، تحت قبة البرلمان المصري؛ فإن الجميع يوقن أن مؤسستنا الوطنية العقدية بخير حال، وأن الغاية المنشودة، يسعى وراء تحقيقها الجميع، وأن صورة الاصطفاف قويمة، طالما حازت صحيح المعتقد، ورسخت ما نؤمن به من عقيدة وسطية؛ لذا نثمن ما تم التوافق حوله، بين المؤسسة صاحبة الرسالة العالمية، وهي الأزهر الشريف، وكل من وزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية.


إن مشروع القانون، الذي تناول مسار الفتوى في بلادنا الحبيبة مصر، أكد أن الدولة تنتهج المؤسسية، ولا تترك ما يكرس المخاطر، حول تشكيل الفكر غير القويم، وهذا يؤكد أن المجتمع المصري المسالم، يعشق حالة التعايش السلمي، ويميل إلى الاستقرار، وتنمو وجدانياته الراقية في خضم بيئة الأمن والأمان، ولا يتقبل البتة، كل ما يحض على صور الفكر الهدام، وشتى متلون الممارسات غير السوية، أو المخلة في مجملها؛ لذا تراه يتأهب، ويصطف، إذا ما استشعر مخاطر تحدق بمقدراته.


روح التكامل المؤسسي بوابته منفتحة؛ لأنها تستوعب مطالب الأمة، التي تغار على ثوابتها؛ ومن ثم تعزز من أرثها، وتصون وحدتها؛ لذا توجب أن تتحد الآراء، التي من شأنها أن تزيد من لحمة هذا الشعب العظيم؛ كونه لا ينحرف عن مقاصد شريعته، ولا يتقبل العبث بقيمه، ولا يفتح المجال لأصحاب الغايات غير القويمة؛ كي ينشروا الفكر المشوب بين فلذات الأكباد؛ وهنا اتحدت المؤسسات الدينية، حول أمر موحد، يضمن سلامة الفتوى، واتساقها مع مقاصد الشريعة الغراء.


إننا في اشد الاحتياج لأن نتضافر، حيال مصالحنا القومية العليا، وهذا بالطبع مرهون بما نملكه من وجدان، يتغذى على جليل وجميل القيم النبيلة، والخلق المحمود؛ فالنماء والانتماء بوابة الإعمار والنهضة، وهنا نرى عمل مؤسسي، يستهدف بشكل مباشر، تقوية النسيج، ودحر محاولات النيل من هذا الشعب، صاحب الحضارة؛ ومن ثم تجد أن نداء الواجب، هو العامل المشترك الأكبر، الذي يقوم عليه ميثاق العمل في مؤسستنا الدينية.


تربينا على قيم جامعة، وأعراف وتقاليد، متجذرة، تقوم على صحيح الخلق، وصواب الممارسة والسلوك؛ ومن ثم تعمل مؤسساتنا الدينية، على حماية المجتمع، من صور التطرف، خاصة فيما يتعلق بالفتاوى، التي تطلق من منابر عديدة ومتعددة، يصعب حصرها، وتعمل على بث أفكار، لا تتسق مع صحيح المعتقد وثوابته؛ لذا نثمن الوفاء باحتياجات هذا المجتمع، حيال هذا الأمر الجلل، بإتاحة الفتوى في المساجد الجامعة، بمحافظات الجمهورية، تحت إشراف مؤسسي، يضمن سلامة الرأي، ويصب في مصلحة المجتمع والوطن.


ما أجمل أن تنتشر الفضيلة، وتقوض صور الرزيلة، وتفتح طاقات التنوير المؤسسي ،التي تغذي وجدانيات المجتمع، بعظيم القيم وممارساتها؛ لتصبح فلسفة الاتصاف القيمي، هي الحاكم، ولها اليد العليا بين أفراد هذا المجتمع، الزاخر بالطاقات؛ فلا نرصد الرديء، ونرقب الوازع الذي يحث صاحبه على التمسك بقيمه ومبادئه؛ فيحافظ على معتقده، ويصون تراثه وحضارته، ويحمي مقدراته، ويصون أرضه، وعرضه.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قطع المياه بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة الجمعة 6 ساعات للصيانة

سرقة شقة المطرب أحمد شيبة فى بيانكى.. وأمن الإسكندرية يضبط المتهمين

محمد صلاح يعادل إنجازًا تاريخيًا من توقيع كريستيانو فى الدورى الإنجليزى

إنبى يتسلح بالتاريخ قبل مواجهة سيراميكا اليوم في الدورى.. 6 انتصارات

الأهلى يصعق القادسية 4-1 فى شوط أول نارى بكأس السوبر السعودى.. فيديو


مصر تواصل دعم أطفال غزة بتوزيع حليب الأطفال عبر اللجنة المصرية.. فيديو

برشلونة مهدد بالحرمان من ملعب "كامب نو" فى دوري أبطال أوروبا

نتيحة تقليل الاغتراب.. مكتب التنسيق يعلن الانتهاء من أعمال المرحلة وفرز الرغبات

للمرة الثانية.. تجديد حبس سوزى الأردنية بتهمة نشر فيديوهات خادشة

ترامب : أريد دخول الجنة من بوابة السلام إن أمكن


إعدام قاتل شيماء جمال.. القصة كاملة من جريمة بشعة لقصاص عادل بالإعدام شنقًا

من الجريمة إلى الإعدام.. رحلة قتلة المذيعة شيماء جمال

3 مباريات فى الجولة الثالثة لمسابقة الدوري المصري اليوم

حرب بيانات بين ألكسندر إيزاك ونيوكاسل يونايتد بسبب حلم الانتقال إلى ليفربول

وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى المنطقة الشمالية العسكرية

محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوى العام

أهم المعلومات عن مشروع مونوريل غرب النيل.. صور

الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة مودرن سبورت

نتيجة تقليل الاغتراب.. اليوم إتاحة النتيجة عبر موقع التنسيق الإلكترونى

اليوم.. نظر محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان فى الطالبية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى