وجوه وأقنعة وحروب بالوكالة وفوضى خلاقة.. مفاتيح لفهم «رقعة الشطرنج»

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم: أكرم القصاص

المشهد الذى يطل الآن فى الشرق الأوسط، على ساحات السياسة، نتيجة لأحداث وتفاعلات وقائع جرت قبل سنوات، ربما عشرين عاما أو أكثر، مشهد الآن نتاج تفاعلات وتقاطعات استمرت عقودا، شهدت حروبا وصدامات، وتحولات تقنية وعسكرية جعلت الحروب تجرى على الهواء، ومعها عشرات التفاصيل والخيوط، الظاهر منها والمختفى، وبالتالى فإن لعبة الأقنعة والوجوه مستمرة طوال الوقت، فقد انتهت مرحلة الحرب بالوكالة، وأصبح عدو الأمس هو قائد المرحلة.

أطلق الجمهوريون فى عهد جورج دبليو بوش وصف «الفوضى الخلاقة» على ما جرى ما بعد 11 سبتمبر 2001، وسواء كانت بالفعل «خلاقة» أو لا، فقد كانت «فوضى» تم إطلاقها قبل غزو العراق فى 2003، وكانت لها جذور مع حرب الخليج الثانية «حرب تحرير الكويت»، فقد كان غزو الكويت هو النقطة التى بدأت منها علامات وخطوات فوضى خلاقة تنتهى بمشهد يراه البعض صادما، بينما هو نتاج تفاعلات جرت طوال 4 عقود، تمت خلالها عولمة الإرهاب واحتواؤه وإدماجه فى الفوضى التفاعلية.

كان ظهور داعش والموجات الأولى للإرهاب، نتاجا لعلاقات وتفاعلات إقليمية ودولية معقدة، منذ ما بعد انتهاء حرب أفغانستان، وأصبح داعش ضمن ما أطلقت عليه «عولمة الإرهاب»، حيث أصبح جزءا من خطة الفوضى «غير الخلاقة» بدلا من أن يكون موضوعا لها.

والمفارقة أن مصطلح «الفوضى الخلاقة» Creative Chaos أطلق بمعنى إطلاق حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمدة، تنتج حالة أخرى مختلفة، تعيد تشكيل واقع جديد، لكن المدهش أن المستشرق برنارد لويس أطلق الفوضى الخلاقة على مشروع قال إنه مواجهة تتم بعد نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإرهاب، الذى قال إنه يهدد مصالح الولايات المتحدة، وفى أوائل 2005 أدلت وزيرة الخارجية الأمريكية لجورج بوش «كونداليزا رايس» بحديث لـ«واشنطن بوست»، قالت فيه إن نظرية الفوضى الخلاقة أصبحت أولوية للسياسة الخارجية الأمريكية، وزعمت نشر الديمقراطية عبر نشر «الفوضى الخلاقة» فى الشرق الأوسط وبدأت بتفكيك المؤسسات العراقية، وانطلقت الحرب الطائفية الأهلية العراقية «2006-2008» بعد غزو 2003، ثم بدأت حالة الفوضى فى تفاعلات 2011، التى انتهت بمقتل القذافى فى ليبيا، وعلى عبدالله صالح فى اليمن، وانطلاق حرب أهلية فى سوريا، أو حرب بالوكالة، أسفرت عن تطورت لحروب أهلية دامية، وانتهت الفوضى الخلاقة بتدمير دول وإطلاق صراعات على أسس عرقية وطائفية، وظهر داعش وأشكال وأسماء جديدة من القاعدة، وتم تقسيم الثروات بين داعش وأخواته، فى سوريا، وليبيا، والعراق، مع بعض فرق الموت ومنظمات إرهابية عالمية تابعة للأجهزة والدول العميقة.

والدليل أن تنظيمات، مثل داعش والنصرة وغيرهما، استقطبت شبابا من أوروبا، ولدوا وتعلموا فى مدارس حديثة، وعاشوا فى مجتمعات ديمقراطية، ونفس الأمر ينطبق على أمثال هشام عشماوى الذى ارتبط بالقاعدة وعدد من تنظيمات الإرهاب الإقليمى، وعشماوى ممن اعتنقوا الفكر التكفيرى وانخرطوا فى تنظيمات الإرهاب، وهى تنظيمات ليست بعيدة عن تقاطعات السياسة والاستخبارات، منذ تم إنشاء تنظيم القاعدة فى أفغانستان برعاية أمريكية فى مواجهة الاتحاد السوفيتى، فى واحدة من أخطر محطات الحرب الباردة، لتمثل واحدة من أخطر محطات الإرهاب، وبعد انتهاء الحرب الباردة تخلت الولايات المتحدة عن القاعدة، وحاول التنظيم الانقلاب على صانعه وجرت تغييرات على تنظيم القاعدة وانشقاقات وصراعات داخلية فضلا عن تداخلها من أجهزة استخبارات ودول ممولة، لتبدأ مرحلة جديدة من عولمة الإرهاب، بدأت مع الغزو الأمريكى للعراق وتفاعلات وانشقاقات بالقاعدة أنتجت تنظيمات مثل داعش والنصرة وفتح الإسلام، وغيرها، والتى تمثل تنويعا على الإرهاب الممول والموجّه، حيث يمثل الخطاب التكفيرى الدينى مجرد غطاء لتمرير مصالح الدول والجهات الممولة، لأن التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها كانت تحصل على أسلحة متطورة قبل أن تبدأ فى نهب البترول وبيعه من خلال علاقات مع دول التمويل والتنسيق.

وتحول داعش إلى جزء من مخططات الفوضى، ضمن حروب بالوكالة فى الشام والعراق وليبيا واليمن، وانتقلت إلى غرب أفريقيا وغيرها، والواقع أن دولا وأجهزة كثيرة دخلت على الخط دعما أو تنسيقا لداعش والتنظيمات الإرهابية، وأحيانا بالتنسيق مع الأجهزة والدول التى عدلت مخطط الفوضى، لتضم إليه داعش وغيره، ومن هنا يمكن تفهم المشهد الحالى، الذى قد يستعصى على من ينظرون إليه باعتباره منفصلا عما جرى طوال عقود.

ولم يكن من قبيل الرجم بالغيب أن تكون مصر هى أكثر من حاول طوال سنوات أن تتعامل مع ما يجرى بشكل دقيق، ومواجهة كل هذه التحركات على رقعة شطرنج معقدة، بمزيج من الصبر والعمل، لحماية أمنها من دون تجاهل لأى من الملفات المعقدة، أو تقديم ملف على حساب آخر، وتستخدم أوراقها بكفاءة، وخلال تفاعلات الفوضى واجهت تحديات متعددة، ومن أطراف مختلفة، وسعت لمعالجة كل هذا من دون تشنج أو انفلات، وفى مواجهة حملات ومنصات كانت طرفا فى فوضى أنتجت مشاهد شديدة التعقيد، و ما يجرى الآن هو نتاج تفاعلات عقود.

p
تطور الأحداث فى المنطقة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

كريم حسن شحاتة: الزمالك يضغط على بيراميدز للتعاقد مع محمود صابر

مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة

الداخلية تضبط المتهمين بالاستعراض بالسيارات في مدينة 6 أكتوبر

الزمالك يكرم أيمن الرمادى بعد التتويج بكأس مصر


الاهلى يستقر على تمديد وتعديل عقد أليو ديانج في معسكر تونس

الإسكندرية تواصل أعمال المشروعات التنموية لحل أزمة المرور.. هدم الجهه اليمنى من كوبرى المندرة بالكامل.. البدء فى تمهيد الطريق البديل المؤدى إلى الكورنيش.. المشروع يتضمن أعمال البنية التحتية وتطوير الميدان.. صور

أحمد نادر جلال: السقا أبهرنى فى الكوميدى فى "أحمد وأحمد"

رسميًا.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو البرازيلي

دي بول يقترب من مجاورة ميسي فى انتر ميامي


تقارير: الدحيل القطرى يجهز 13 مليون دولار لضم ميشيل من فلامنجو

فيفا يعلن عقوبات لاعبي ريال مدريد وباريس سان جيرمان فى كأس العالم للأندية

مانشستر يونايتد يضع فاردى ضمن خيارات تدعيم الهجوم فى الدورى الإنجليزى

نائب وزير التربية والتعليم: تنسيق منفصل للثانوية العامة والبكالوريا

السجن 15 عاما للسائق المتسبب فى وفاة 19 ضحية على الطريق الإقليمى بالمنوفية

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

إحالة أوراق المتهم بقتل والدته حرقا بسبب تعاطى المخدرات فى الشرقية للمفتى

شاهد محمد سيحا حارس الأهلي "يستجم" على الشاطئ رفقة أسرته

المركزى الإسرائيلى يحذر من رفع الضرائب مجددا فى ظل تصاعد الإنفاق العسكرى

تداول فيديو لحريق مصنع إسفنج دمياط ..استمرار محاولات السيطرة على النيران

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى