المحطة الأخيرة.. زيارة ترامب للإمارات.. رسائل سياسية واتفاقيات مليارية تعزز 5 عقود من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.. ترامب يتعهد بتخفيف معاناة غزة.. بن زايد: استثمار 1.4 تريليون بأمريكا خلال 10 سنوات

ـ محمد بن زايد يمنح الرئيس ترامب "وسام زايد"

ـ الإمارات وأمريكا تعتزمان استثمار 440 مليار دولار في قطاع الطاقة حتى عام 2035

اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته لمنطقة الخليج بزيارة دولة الإمارات ، التي استمرت يومين، أبرم خلالها عدة اتفاقيات اقتصادية تتوج 5 عقود من الشراكة الاستراتيجية، وترسم مستقبل واعد لعلاقات البلدين.

تمثل زيارة الدولة التي أداها ترامب إلى الإمارات علامة فارقة ومحطة تاريخية مهمة في مسار العلاقات بين البلدين التي تأسست عام 1971، و  "زيارة الدولة" هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها.

كما تخلل الزيارة رسائل سياسية مهمة أهمها الموقف الأمريكية من حرب غزة، والحرب الروسية الأوكرانية ، والملف الإيراني .

اتفاقات مليارية

شهدت الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات المليارية بين البلدين، إضافة إلى الإعلان عن خطط لاستثمار 1.4 تريليون دولار خلال السنوات الـ10 المقبلة، تشمل تدشين مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي ـ الأمريكي الشامل بسعة قدرها 5 جيجاوات، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، وذلك في إطار زيارة دولة يقوم بها الرئيس الأميركي إلى دولة الإمارات.

وسيحتضن هذا المجمع شركات أمريكية قادرة على الاستفادة من الإمكانات لتوفير خدمات الحوسبة الإقليمية مع إمكانية خدمة دول الجنوب العالمي، كما يوفر سعة قدرها 5 جيجاوات لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، مما يخلق منصة إقليمية تمكن الشركات الأميركية العملاقة من تقديم خدمات سريعة لما يقرب من نصف سكان العالم.

وسيستخدم هذا المجمع عند اكتماله، الطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الغاز، لتقليل الانبعاثات الكربونية.

كما أبرم ترامب صفقات جديدة مع الإمارات بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار، من بينها اتفاقية بقيمة 14.5 مليار دولار بين شركة بوينج، وجنرال إلكتريك للطيران، والاتحاد للطيران.

ومن جانبه قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات ، إن دولة الإمارات تخطط لاستثمار 1.4 تريليون دولار في مجالات التكنولوجيا والطاقة والذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة، خلال السنوات الـ10 المقبلة.

وشارك الرئيس الأمريكي الجمعة في حوار الأعمال الإماراتي الأمريكي، وأعلن خلاله الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"أدنوك" ومجموعة شركاتها، أن الإمارات وأمريكا تعتزمان استثمار 440 مليار دولار في قطاع الطاقة حتى عام 2035.

مباحثات ثنائية

وفى سياق فاعليات الزيارة ، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات مهمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قصر الوطن بأبوظبي تناولت القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك تركزت حول التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها الجهود المبذولة تجاه وقف إطلاق النار في قطاع غزة واحتواء التصعيد في المنطقة الذي يهدد أمنها واستقرارها.

وتطرقت المباحثات إلى العلاقات الاستراتيجية التي تجمع دولة الإمارات والولايات المتحدة والعمل المشترك على تعزيزها وتوسيع آفاقها في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المشتركة، وآفاق التعاون وفرص توسيع مجالاته خاصة الاستثمار والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والصناعات وغيرها من الجوانب التي تخدم رؤية البلدين تجاه تحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً للجميع.

 

رسائل مهمة

وعلى صعيد متصل، وجه بن زايد وترامب خلال مباحثاتهما عددا من الرسائل المهمة سواء على صعيد الشراكة الإستراتيجية بين بلديهما أو القضايا الإقليمية والدولية ، من أبرز تلك الرسائل التأكيد على مواصلة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ودفعها نحو المسار السياسي لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين " ما يضمن الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة.

ومن جانبه، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية زيارة ترامب في دفع علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين على جميع المستويات والتحالف الإستراتيجي القائم على أسس راسخة من الثقة والاحترام المتبادلين والمصالح المشتركة؛ إضافة إلى ارتكازها على تاريخ طويل من التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

وشدد الرئيس الإماراتي على حرص بلاده على مواصلة تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل رؤاهما المشتركة بشأن العمل من أجل السلام والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط والعالم وبناء موقف دولي فاعل تجاه التحديات العالمية المشتركة.

حفاوة الاستقبال

استقبلت الإمارات ضيفها بحفاوة كبيرة ؛ و كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مقدمة مستقبلي الرئيس الأمريكي لدى وصوله والوفد المرافق إلى مطار الرئاسة في أبوظبي.

و  رافق الطائرة التي تقل الرئيس الأمريكي لدى دخولها أجواء دولة الإمارات سرب من الطائرات العسكرية احتفاء بزيارته، كما كانت في استقباله طفلة تحمل باقة ورود بيضاء فور هبوطه من الطائرة.

وأقيمت  للرئيس ترامب مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه إلى قصر الوطن في أبوظبي ؛ حيث رحبت ثلة من الفرسان على صهوات الخيول وفرق الهجانة بالضيف، وقدمت فرق الفنون الشعبية الإماراتية المتنوعة عروضها احتفاء بزيارته؛و    اصطحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الضيف إلى منصة الشرف وعزف السلام الوطني للدولتين.

وأطلقت المدفعية 21 طلقة واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية له بجانب مجموعات من الأطفال يلوحون بأعلام البلدين ويرددون العبارات الترحيبية، كما شاركت في مراسم الاستقبال "مجموعة مجتمعية" ضمت عدداً من الطلبة المتميزين من "مخيمات الفضاء" إضافة إلى مجموعة من رواد الفضاء ومهندسي المهمات الفضائية للتعبير عن الأهمية التي توليها الدولة بتعزيز دور مختلف فئات المجتمع في مشاريعها التنموية

وتزينت معالم أبوظبي وشوارعها بأعلام الولايات المتحدة وعلى امتداد الطريق من مطار الرئاسة إلى قصر الوطن بجانب العبارات الترحيبية بالرئيس دونالد ترامب واحتفاء بزيارته إلى البلاد.

ومنح الشيخ محمد بن زايد الرئيس ترامب "وسام زايد" الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات إلى قادة الدول ورؤسائها وملوكها وذلك تقديراً للجهود التي بذلها في تعزيز علاقات التعاون بين دولة الإمارات والولايات المتحدة وازدهارها وتعبيراً عن الاعتزاز بهذه العلاقات.

وأقام رئيس الإمارات مأدبة عشاء تكريماً للرئيس الأمريكي والوفد المرافق، و أضاء برج خليفة، بألوان العلم الأمريكي، احتفاء بزيارة الرئيس ترامب إلى دولة الإمارات.

ومن جانبه ، أشاد ترامب بالدور الإماراتى في المنطقة وبالرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث وصفه قبيل وصوله للإمارات بساعات بأنه "قائد عظيم"، كما كتب الرئيس ترامب كلمة في سجل الزوار في قصر الوطن عبر خلالها عن سعادته بزيارة دولة الإمارات ولقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مؤكداً أن العلاقات الإماراتية - الأمريكية استراتيجية راسخة، ويواصل البلدان العمل معاً على تعزيزها بما يخدم التنمية المشتركة متمنياً لدولة الإمارات وشعبها مزيداً من التقدم والازدهار.

كما أبدى ترامب إعجابه بقصر الوطن الذي يحمل بين جنباته أصالة التراث ورؤية الحاضر لمستقبل أكثر ازدهارا عبر أجنحته العالية التي تضم تحفا ومخطوطات تاريخية.

وفور وصوله إلى دولة الإمارات، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفقة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، زيارة إلى جامع الشيخ زايد الكبير في العاصمة أبوظبي.

وتجول ترامب في أروقة الجامع، مستمعا إلى معلومات عنه من ولي عهد أبوظبي، مبديا إعجابه بما رآه وما كان يستمع إليه.

ويعد جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي أحد أكثر المساجد شهرة في العالم، بعمارته الرائعة، ورسالته الحضارية الراقية، الداعية لنشر قيم التسامح وغرس مفاهيم الإسلام الصحيح.

واختتم ترامب، زيارته الرسمية إلى الإمارات، بزيارة رمزية إلى "بيت العائلة الإبراهيمية" تشكل؛ تأكيدًا لالتزام البلدين المشترك بقيم التسامح والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات.