عادل إمام.. حكاية زعيم نذرته أمه بطبق فتة عدس

بسيط بساطة المصريين وعظيم كعظمتهم، ولد تحت قصف القنابل على القاهرة، في الأربعينيات ونذرت والدته نذرًا أن تقدم طبق "فتة عدس بالعيش" لضريح الشيخ عبد الله جوار منزله بعد ولادته سليما معافى، ليولد عادل إمام وسط مناخ ثقافي إنساني تاريخي، أهله ليكون واحد من المتربعين على عرش الجمهور، حيث شكل بمشواره أيقونة تدرس، ووصل لمكانة لم يصل إليها أحد من قبله.
لقب نفسه بالفقير، لكنه صاحب العين المليانة، حطم كل معايير النجومية، فلم يملك من الوسامة ما كان يبحث عنه صناع الفن، لكنه استطاع أن يصل للقمة بمهارته وإمكانياته كممثل وفقط، تتقبله في كل حالته التمثيلية تصدقه غني وفقير، تراجيدي وكوميدي، يقنعك أنه معشوق النساء وفي نفس الوقت إرهابي، يلخص الكثير بايماءه ويحكي الكثير بإيفيه.
عظمة الزعيم عادل إمام ليس في مواقفه أو وجهات نظره تجاه العديد من التحديات والقضايا فربما سار على نفس النهج من عاصر ما شهده الزعيم من أحداث ربما كان هو الأكثر جراءة في مواجهة الارهاب لكن عظمته تكمن في بساطته واستمراره، يأخذ الحياة بقليل من الجد والكثير من الهزار والقفشات، ولا يقترب منه مذيع أو صحفي إلا ووجد منه خفة دم وبساطة تشبه بسطاء الشعب المصري خفيف الدم غير المتكلف، وبكل تأكيد استمرارية عادل إمام.
في إحدى حواراته التلفزيونية وضع عادل إمام يده على مفتاح مسيرته، حيث قال إن مشكلة عادل إمام هو أنه عادل إمام، ويقصد هنا أن الحمهور وضعه في مكانة كبيرة وجعل من اسمه علامة مميزة، وبالتالي يقف اسمه ومشواره عائق أمام أي استسهال، ويضعه دوما تحت الملاحظة والتدقيق والنجاح والفشل، ورغم أنه على يقين أنه لا مكان للكمال في العملية الفنية إلا أنه يرى أن السعي للكمال واجب حتى وأن لم يستطع تحقيقه وأن محاولاته النجاح هو الاساس ووضع الجمهور نصب عينه.
يمتلك عادل إمام ذكاء طاغي، جعله يخترق الصفوف الأخيرة ليصل للصف الأول ويتربع على القمة، لم ينقطع عن الواقع الذي يعيش فيه وجسده ودخل معارك كثيرة مع تغيب الوعي وظني أنه أنتصر ولو بعد حين، وضع يديه في أيدي الأجيال الجديدة بمختلف تنوعهم ومنذ أن أصبح له اسم وسمعه، إلى أن وصل للجيل الحالي، ممن أصبحوا نجوم صف أول، فتجده له أيادي بيضاء على أغلبهم فكل من مر بجوار الزعيم في عمل فني تحول لنجم بكل تأكيد يحتاج الأمر منه مجهود كبير لكن الوقف بجوار الزعيم كاف لوضعه في مكانه مختلفة.
علاقة الزعيم بالجيل الجديد ممتدة وهو ما يترجمه شهادات الكثير منهم سواء جيل محمد هنيدي أو أحمد حلمي وعمرو يوسف وأحمد عز الذي اهدى تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي للزعيم عادل إمام فمن المؤكد أن الزعيم مهد الطريق لكثير من النجوم، حيث مد جسور الود والحب مع الجماهير العريضة ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي بالكامل، ولا أبالغ عندما نوصف بأننا بلد عادل إمام وأن نتلقى أمانة السلام من الأشقاء العرب للزعيم مع كل زيارة خارج مصر "سلمولنا على عادل إمام" وكأنه واحد منهم ملهمهم يعبر عنه يدخل البهجة في صدورهم.
المتمعن في مسيرة عادل إمام سيجد النجوم الجديد على نفس خطاه حيث مثل وغنى وقدم الاستعراضات بطريقته وعلى ذوقه، وهو ما يفعله الجيل الحالي، يغني ويدندن ويحولون أغاني أفلامهم لكليبات حيث يظهر مدى تأثر الأجيال الجديدة بعادل إمام وفكره وأسلوبه.
Trending Plus